تتجه دورة ألعاب البحر المتوسط «وهران 2022» لتكون الأفضل عبر تاريخ المنافسة، بالنظر إلى النجاح الباهر إلى غاية الآن، فبعد مرور خمسة أيام من انطلاق الحدث المتوسطي، تواصل «عروس الغرب» ومن خلالها الجزائر الإبهار، بفعل الإشادة الواسعة التي تأتيها من كل الوفود المشاركة في التظاهرة ودون استثناء، كيف لا والأجواء التي تعيشها «الباهية» وحتى مدينة سيق لا مثيل لها.

مبعوث النصر إلى وهران: حمزة.س

وفضلت النصر وضع قرائها الكرام في صورة الحدث، من خلال نقل عبر هذا «الروبورتاج» كواليس الموعد المتوسطي، الذي تحتضنه الجزائر، والبداية بالحديث عن الأجواء السائدة في الأيام الخمسة الأولى من الألعاب، والتي أهم ما ميزها هو التوافد الكبير للسياح على مدينة وهران، من داخل وخارج أرض الوطن، وهو ما يعد مكسبا حقيقيا بعودة السياحة الداخلية.
تنسيق ممتاز بين المنظمين والمتطوعين
لتنجح أي تظاهرة مهما كانت قيمتها، وجب وضع مخطط واضح، من أجل ضمان سير الحدث في أعلى مستوى، وهو ما يعني بالدرجة الأولى وجوب توفر خارطة طريق لتنظيم التظاهرة، والتي تتطلب وجود عدد كاف من الأشخاص عبر مختلف المهام، وهو ما نجحت فيه لجنة تنظيم الدورة إلى غاية الآن، وذلك بفضل التنسيق والانسجام الموجود بين المنظمين والمتطوعين (عددهم أكثر من 10 آلاف)، وذلك لم يأت من العدم، بل نتيجة عدة دورات تحضيرية، لتكوين المشرفين على تنظيم هذا الحدث المتوسطي، واللافت للانتباه هو طريقة التعامل مع مختلف الحاضرين سواء كانوا رياضيين أو متفرجين، أين يسارع كل على حسب مهمته لتسهيل الأمور.
وبحكم أننا نحرص يوميا على تغطية مختلف الرياضات، فالبداية تكون دائما بالتوجه صوب فندق «الميرديان»، الذي بجانبه قصر المعارض أين يوجد المركز الدولي للصحافة، والذي يشترط حيازة اعتماد رسمي من طرف اللجنة المنظمة، للسماح بالولوج إلى هذه المنطقة.
كما يعتبر فندق «ميريديان» مركز تجمع الإعلاميين قبل تحديد الوجهة القادمة، أين تتوفر لديك عدة خيارات لتغطية مختلف النشاطات الرياضية، على اعتبار أن كل منافسة تقام في مكان معين.
ابتسامة سكان وهران علامة مسجلة
كما هو معروف على مدينة وهران «عروس المتوسط» أو مثلما يحلو للجزائريين بمناداتها «الباهية»، والتي تعتبر واحدة من أجمل المدن الجزائرية على الإطلاق، إضافة إلى اشتهار سكانها بالجود والكرم مثلما هو الحال بالنسبة لكافة المدن الجزائرية، حيث يلفت انتباهك وأنت تتجول في أزقتها وشوارعها الحركية والحيوية الكبيرتين، إلى جانب الترحيب من الجميع، حيث لا تفارق الابتسامة وجوه «الوهرانيين» الذين يحاولون الترحيب بكل الضيوف.
وما يؤكد بأن الدورة الحالية فريدة من نوعها، هو عدم تسجيل أي تجاوزات، بل على العكس تماما الجميع يقضي أيام التظاهرة في مدينة وهران في أريحية وهدوء .
إشادة واسعة بظروف الإقامة ووسائل النقل متوفرة
عبر أفراد جل الوفود المشاركة في الألعاب عن إعجابهم بظروف الإقامة سواء في القرية المتوسطية أو الفنادق المخصصة لهم، على اعتبار أن اللجنة المنظمة وزعت الوفود المشاركة على عدة أماكن، أين يقيم غالبية الرياضيين بالقرية المتوسطية، فيما وزعت المنتخبات المشاركة في منافسات كرة القدم على هياكل الإيواء في مدينة مستغانم.
وكان للنصر حديث مع عدة رياضيين من مختلف البلدان، أين أجمعوا على أن ما يعيشونه في الألعاب المتوسطية، يؤكد مدى تطور وتقدم الجزائر على جميع المستويات، كيف لا وكل ظروف الراحة موجودة سواء في القرية المتوسطية أو الفنادق، إضافة إلى نوعية الخدمات المقدمة.
وفي السياق ذاته، فقد حرصت اللجنة المنظمة على توفير النقل لجميع الوفود، أين يتم وضع حافلات خاصة بكل بلد، تضمن نقل الرياضيين إلى مختلف المنشآت الرياضية، مع ضمان رحلة العودة، وهي العملية التي تسير دون خطأ إلى غاية الآن، بدليل عدم تسجيل أي شكوى من طرف الوفود المشاركة.
ولم يقتصر عمل لجنة التنظيم على توفير وسائل النقل فقط، بل كان هناك تخطيط أيضا من طرف السلطات الأمنية مع مديرية النقل لضبط إجراءات مرورية صارمة لتفادي حركة الازدحام، خاصة وأننا في فترة الصيف ومدينة وهران الساحلية، تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزوار من مختلف الولايات المجاورة والبعيدة.
تغطية إعلامية غير مسبوقة
تعرف دورة وهران تغطية إعلامية غير مسبوقة، بالنظر إلى عدد الصحفيين المعتمدين، سيما من جانب الأجانب والذي فاق 300 صحفي قدموا من مختلف بقاع العالم، إضافة إلى الحضور القوي لمختلف وسائل الإعلام المحلية، أين تم تسجيل 3000 طلب اعتماد، وهو رقم مميز للغاية، ويوضح الأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه التظاهرة.
ولقد حرصت اللجنة المنظمة على تسهيل عملية كل صحفي يمتلك الاعتماد، أين يسمح له بالتواجد في مختلف المنشآت القاعدية، كما أن هناك حافلات تم وضعها على مستوى فندق «الميريديان» لنقل كل الإعلاميين، وذلك عبر برنامج وتوقيت محدد، أين تتوفر حافلة لكل اتجاه كل ساعة، أين يبلغ عدد إجمالي الحافلات الموضوعة تحت تصرف الصحفيين 28 حافلة.
حضور مميز لرياضيين سابقين ووجوه فنية
لم يقتصر الحضور في الأيام الخمسة الأولى على الجمهور والمتتبعين فقط، بل تزينت مدرجات مختلف المنشآت وملعب سيق، بحضور عدة وجوه رياضية في صورة مهاجم المنتخب الوطني يوسف بلايلي وزميله السابق في المنتخب عدلان قديورة، إلى جانب تواجد كل من الدولي الأسبق علي مصابيح الذي حضر إلى ملعب سيق لمساندة أشبال سلاطني، إضافة إلى عدة وجوه فنية معروفة، في صورة مروان القروابي «دي. جي أر وان».
كما سجل العديد من مسيري الأندية الجزائرية لكرة القدم، حضورهم في صورة مسؤولي شباب بلوزداد الذين التقينا بهم في ملعب سيق وحتى مسؤولي فريق مولودية وهران، ما يؤكد إصرار الجميع على إنجاح هذا العرس المتوسطي.
أجواء خرافية في جميع المنشآت
وبالعودة إلى الجانب الرياضي، فإن العلامة المميزة والتي ستظل راسخة في الأذهان، هي دون أدنى شك الحضور الجماهيري الغفير في جميع الاختصاصات، وعلى سبيل المثال، حضور حوالي 25 ألف متفرج في مدرجات ملعب سيق لمباراة منتخب أقل من 18 سنة لا يحدث إلا عندما يتعلق الأمر بشعب يعشق بلده حتى النخاع، ومتعلق بالكرة المستديرة، وهو ما وقفنا عليه عند تنقلنا من مدينة وهران الساحلية إلى مدينة سيق، والتي تبعد حوالي ساعة وربع، أين استوقفتنا مشاهد لعائلات تسير مشيا على الأقدام من مسافة بعيدة رغم ارتفاع درجة الحرارة، إلا أنهم أبوا إلا التواجد في المدرجات قبل انطلاق اللقاء بساعة على الأقل، حيث فضلوا اختصار الطريق، وعدم امتطاء مختلف وسائل النقل المتاحة للوصول مبكرا.
وفي السياق ذاته، فإن الشيء الإيجابي هو الأجواء الخيالية، وحضور مختلف الشرائح إلى القاعات المخصصة لمختلف المنافسات، خاصة بعد التسهيلات التي وضعتها اللجنة المنظمة، والدخول بالمجان.
جمهور رياضي إلى أبعد الحدود
تبقى النقطة المتفق عليها لدى جل الوفود المشاركة، هي الروح الرياضية العالية التي يتمتع بها الجمهور الجزائري، والذي يتوافد بقوة على جميع المنافسات، سواء تعلق الأمر بوجود رياضيين جزائريين أو لم يتواجدوا، وأكثر من ذلك فإن الحضور يناصر ويشجع كل المنتخبات العربية، وسط تفاعل منقطع النظير من طرف المشاركين، ولعّل الصورة المتداولة عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، لكيفية تجاوب الجمهور مع لاعبي المنتخب التونسي والمصري والسوري وغيرهم خير دليل.
وأكثر من ذلك، فإن الجمهور الجزائري مثال يقتدى به في الروح الرياضية، بدليل أنه يصفق للرياضيين الجزائريين رغم الهزيمة، مثلما حدث في عدة نهائيات، سواء في المصارعة أو الكاراتي، وحتى في منافسة كرة القدم، أين حاول جمهور مدينة سيق الرفع من معنويات رفقاء زولياني مؤكدين لهم قدرتهم على تجاوز المنتخب الفرنسي اليوم، وضمان تأشيرة العبور.
الوفود الأجنبية: كل شيء عالمي
وكانت النصر قد تحدثت منذ بداية التظاهرة مع عدة رياضيين أجانب، أين أجمعوا على نجاح التظاهرة، وأكدوا بأنه لا ينقصهم شيء في عروس المتوسط، إضافة إلى تصريح مدربي أحد المنتخبات المنافسة في لعبة كرة القدم، والذي اعترف بعظمة لسانه، بأن كل ما يشاع هناك لا أساس له من الصحة، وقال بصريح العبارة:» لا أريد الاستماع أو قراءة ما يشاع عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، بل أقول ما عشناه منذ وصولنا إلى مطار وهران، وبعدها بمدينة مستغانم، صراحة لقد حظينا باستقبال مميز، كما أن التنظيم أكثر من رائع»، وأضاف:
» الأجواء التي لعبنا فيها المباراة بملعب سيق عالمية ولا تجدها إلا في الجزائر».

الرجوع إلى الأعلى