عرفت البطولات الأوروبية هجرة العديد من اللاعبين الجزائريين إليها وتركهم لبصماتهم  هناك وهذا منذ عقود طويلة ، لكن البطولة التركية لم تكن تستهوي الجزائريين إلا في مطلع التسعينات ومنذ ذلك الوقت أصبح العديد من لاعبينا يحبذون خوض تجربة احترافية في بلاد العثمانيين،القصة بدأت مع احتراف عماني بعد «كان 90» حيث لعب لنادي مغمور صاعد جديد حديثا للقسم الأول التركي وبعدها قام هو بجلب عدة لاعبين دوليين ، ساهموا بدورهم في جعل هذا النادي بمثابة حصان أسود وقتها ليصبح هذا الفريق يعرف باسم نادي الجزائريين، لتكون هذه التجربة حافزا لعدة لاعبين جزائريين لخوض مغامرة احترافية في تركيا إلى يومنا هذا.
نادي أيدين سبور فريق الجزائريين
تأسس نادي أيدين سبور التركي سنة 1923 ثم حل وتم بعثه من جديد سنة 1966 يلعب بالألوان البيضاء والسوداء، ورغم عراقة تأسيسه لكنه لم يلعب كثيرا في القسم الأول، ويملك ملعب يتسع لحوالي 12 ألف متفرج أسمه ملعب عدنان مندس، وللتذكير تعد مدينة أيدين واحدة من أفضل المدن التركية تقع جنوب غرب تركيا، في منطقة ايجة  تبلغ مساحتها 7,922 كم2 ويبلغ عدد سكانها  حوالي 142,267 نسمة ,ويعرف نادي أيدين سبور بأنه نادي الجزائريين وهذا لكثيرة اللاعبين الجزائريين الذين تقمصوا ألوانه منذ مطلع التسعينات بداية من جمال عماني وطاهر شريف الوزاني ونقازي وخالد لونيسي وبلهوشات و الحارس قادري .
عماني أول من احترف في تركيا
في نهاية موسم 1990/1989تمكن نادي أيدين سبور من حصد تأشيرة الصعود للقسم الأول التركي بعد أن تربع على عرش المجموعة الثانية للقسم الثاني التركي بعد حصده 74 نقطة،  بعد سنوات طويلة من المعاناة في الأقسام السفلى جعلت مسيري النادي يفكرون بتدعيم الفريق بلاعبين ذوي خبرة للتمكن من الصمود أمام عمالقة الكرة التركية، واتصلوا بجمال عماني أحد ركائز المنتخب الوطني الجزائري وقتها والفائز مع منتخب بلاده بكأس أمم افريقيا90 وكان وقتها محترف في بلجيكا وتمت الصفقة بنجاح وأمضى عماني مع ممثل مدينة أيدين الساحرة، وأصبح أول أجنبي يتقمص الألوان البيضاء والسوداء.
في أول مقابلة زملاء عماني يدكون مرمى الألماني شوماخر بسداسية
ولم يكن نادي أيدين سبور يملك لاعبين معروفين باستثناء بطل إفريقيا عماني و اللاعب الدولي التركي السابق ولاعب بيشيكتاس إسماعيل تافيز وكان الجميع متخوفون من أول خرجة خصوصا أن أول لقاء للفريق في قسم النخبة موسم 1991/1990تنقل فيه إلى ميدان أحد أكبر الأندية في البلاد وهو نادي فينرباخشة الذي كان يحرس مرماه الدولي الألماني رالف شوماخر بالإضافة لأكثر من عشر لاعبين دوليين في صفوفه مما جعل مهمة أيدين شبه مستحيلة ، لكن زملاء عماني الذي شارك أساسيا اخلطوا كل الأوراق وأحدثوا واحدة من أكبر المفاجأة في تاريخ الكرة التركية يوم 26 أوت 1990 بتمكنهم من سحق بطل تركيا فوق ميدانه بنتيجة 1-6، جعلت كل الفرق تحسب ألف حساب لهذا النادي الصغير الصاعد الجديد ورفعت آسهم عماني ورفاقه في الوسط الرياضي التركي ووسائل الإعلام ووصلت صدى هذه النتيجة المدوية حتى عند صحفنا الجزائرية التي أشادت كثيرا آنذاك بدور لاعبها الدولي في النتيجة التاريخية.
نتائج مقبولة للفريق في المرحلة الأولى من البطولة
بعد فوز فينربخشة الكبير الذي رفع أيدين إلى السماء، لكن الهزيمة القاسية أمام بيشيكتاس في عقر الدار بملعب عدنان بنتيجة 5-3 أعادتهم لأرض الواقع وبعدها انطلقت سلسلة من النتائج الايجابية كالفوز على أنقرة غوكو 3-1 وبورصا سبور 1-0 و أدانا سبور 3-0 وختم النادي الأبيض والأسود مرحلة الذهاب بخسارة على ملعبه أمام غلاتاساراي 1-2.

أيدين يتدعم بخدمات نجم المنتخب الجزائري شريف الوزاني وعماني له دور في الصفقة
 وبعد مرور الجولات تيقن مسيري ايدين أنه لا بد من تدعيم الفريق بلاعبين جدد ذوي خبرة وطلبوا من عماني أن يساعدهم في ذلك ويجلب لهم لاعب ممتاز من المنتخب الجزائري الفائز بكأس إفريقيا ووقع اختياره على الطاهر شريف الوزاني نجم مولودية وهران والمنتخب والذي كان وقتها في ريعان شبابه وعطائه (24 سنة) وعرض عليه الفكرة وقبل بالعرض وقدم إلى تركيا لإمضاء العقد .
عماني وشريف الوزاني يشكلان ثنائيا من ذهب ويقودان أيدين لتحقيق البقاء
في أول مقابلة من مرحلة العودة تمكن نادي فينرباخشة من الثأر لهزيمته المدوية على أيدين ورد له الدين بنتيجة 1-5 ، وبعد سلسلة من النتائج السلبية لم يستفق رفقاء عماني وشريف الوزاني ولم يتمكنوا من تحقيق الديكليك إلى بتاريخ 3 مارس 1991 بعد الفوز على كونيا سبور 2-1 بملعب عدنان، ومنذ هذا اللقاء والفريق يحقق في تعادلات ثمينة من خارج قواعده ساهم فيها الثنائي الجزائري و سمحت للفريق من ضمان البقاء وتحقيق هدف الإدارة باحتلال المركز 11 برصيد 34 نقطة، وكان الفضل في تحقيق البقاء لجمال عماني الذي شارك طيلة الموسم 24 لقاء بالإضافة لشريف الوزاني الذي لعب 18 مقابلة، أما في منافسة كاس تركيا  فبلغ أيدين سبور الدور الربع نهائي بعد إقصاء زيتينبورنو اسطنبول بنتيجة 4-2  وأقصي على يد نادي انقره غوكو بنتيجة 4-0.
عماني اللاعب المناجير يواصل صفقاته ويجلب نقازي
جمال عماني الذي كانت تستهويه مهنة المناجير وتحويل اللاعبين، التي بدأها منذ أن كان لاعبا في تركيا حيث في مطلع موسم 1991/1992 تمكن من إقناع محرك فريق شباب بلوزداد وقتها نور الدين نقازي أو كما يحلو لأبناء لعقيبة تسميته (نونو فالدانو) من تقمص ألوان أيدين سبور والالتحاق لترسانة اللاعبين الجزائريين في الفريق.
بلهوشات و الحارس قادري خاضا تجربة احترافية في الفريق
واصلت إدارة أيدين سبور سياساتها في الاعتماد على اللاعبين الجزائريين واستقدمت في مطلع التسعينات نجمي مولودية الجزائر وقتها الحارس كمال قادري و ابن العلمة خليفة بلهوشات، وإذا كان قادري لم يشارك كثيرا رغم أنه كان الحارس الثاني للمنتخب الوطني وقتها لكن بلهوشات خاض عدة مباريات مهمة وترك بصمته رغم قصر تجربته الاحترافية في تركيا بسبب إصابة خطيرة أبعدته عن الملاعب لفترة طويلة.
 اللاعبون الجزائريون
 يقودون النادي لاحتلال أفضل مركز في تاريخه
 تدعم أيدين بعدة لاعبين شبان (هناك منهم من أصبح لاعب دولي في منتخب تركيا فيما بعد) واستهل الفريق موسم 1991/1992 بفوز خارج الديار وبنفس سيناريو الموسم الفارط وعلى حساب نفس الفريق فينربخشة لكن هذه المرة بنتيجة 2-1 ، وباستثناء هذا الفوز لم يحقق الفريق خلال مرحلة الذهاب انتصارات خارج قواعده بل انهزم أمام ترابزون سبور و بيشيكتاس بنفس النتيجة 3-0 وحقق عدة انتصارات داخل قواعدة أبرزها على بولو سبور وألتاي ايزمير 2-1 وفي مرحلة العودة وبعد هزيمة بثلاثية على أرضه أمام فينرباخشة حقق الانطلاقة بالفوز خارج القواعد على انقره غوكو بهدف يتيم ، وساهم الثلاثي الجزائري بتحقيق عدة انتصارات في مرحلة العودة خصوصا خارج الديار أبرزها على حساب غازيانت سبور 0-4 وخصوصا الفوز على غالاتاساراي في ميدانه 3-1 واستمرت النتائج الايجابية إلى غاية نهائية البطولة باحتلال النادي الأبيض والأسود للمركز الخامس برصيد 44 وهي أفضل مرتبة في تاريخ الفريق بمساهمة الثلاثي الجزائري وخصوصا عماني الذي أصبح قائد الفريق والمحبوب رقم واحد عند الأنصار والذي شارك ذلك الموسم في 29 لقاء سجل من خلالها أربع أهداف وهي نفس حصيلة أهداف شريف الوزاني، وفي منافسة الكأس خرج النادي أيضا للمرة الثانية على التوالي من الدور الربع نهائي وهذه المرة على يد بيشيكتاس (بطل تلك السنة) بنتيجة هدف يتيم.
شريف الوزاني ونقازي يغادران ويحل محلهما خالد لونيسي
بعد نهاية الموسم وقبل انطلاق موسم 1992/1993 قرر نقازي المغادرة بالإضافة لخريج مدرسة الحمري شريف الوزاني الذي عاد مجددا إلى مولودية وهران قبل أن يخوض تجربة مميزة مع الرجاء المغربي، وطلبت إدارة أيدين من عماني جلب البديل من الجزائر أيضا ووقع اختياره على خريج المدرسة الحراشية خالد لونيسي مايسترو الصفراء والذي كان في عز مجده وقتها ويبلغ من العمر 25 سنة وكان لاعب دولي وشارك في ثلاث مقابلات دولية قبل إمضائه في أيدين .
سقوط حر وزملاء لونيسي وعماني يعودون للقسم الثاني
بعد هجرة عدة ركائز وجد أيدين سبور صعوبات في الموسم الجديد 1992/1993 ورغم افتتاحه بفوز داخل ملعب عدنان على كويا سبور 2-1 توالت بعدها الهزائم والنكسات داخل وخارج الديار كانت أشدها الخسارة داخل القواعد على يد كوسيلي سبور 0-6 ولم تحدث الاستفاقة إلا في الجولة العاشرة بعد الفوز على جينربيرجي 3-2 ثم تلاه فوز خارج الديار على كارسياكا 2-0 لتعود بعدها سلسلة النتائج السلبية التي لازمت الفريق والتي كان يقطعها في بعض الأحيان ببعض الانتصارات إلى غاية الجولة ما قبل الأخيرة أين رسم رفقاء الثنائي الجزائري عماني ولونيسي السقوط رسميا بالخسارة بخماسية نظيفة أمام غازيانتسبور ولم يشفع لهم الفوز في الجولة الأخيرة ليسقط الفريق ويعود للقسم الثاني بعد ثلاث مواسم من صعوده بعد احتلاله المركز 15 برصيد 27 نقطة وفي الكأس خرج من الثمن نهائي على يد بيشيكتاس 3-1 ولعب عماني في ذلك الموسم 23 مقابلة سجل فيها هدفين في حين لونيسي لعب 16 وسجل هدف واحد، ورغم السقوط بقي الثنائي عماني ولونيسي أوفياء للفريق وبقيا فيه في مهمة إعادته لدوري الأضواء .
محاولة عماني ولونيسي في الصعود باءت بالفشل قبل مغادرتهما
كانت الإدارة تعول كثيرا على الثنائي الجزائري في مهمة إعادة الفريق للقسم الأول موسم   1994/1993  وكان وقتها القسم الثاني التركي مشكل من  خمس مجموعات ولعب أيدين في المجموعة الخامسة واحتل المركز الثالث برصيد 41 نقطة وتأهل إلى دوري البلاي أوف من اجل الصعود إلى القسم الأول وكان يضم 10 نوادي، وفشل أيدين في افتكاك تأشيرة للقسم الأول باحتلاله المركز 8 في التصفيات النهائية، ولعب عماني في 19 مقابلة لم يسجل فيها أي هدف أما لونيسي فسجل هدف يتيم ،وفي نهاية الموسم غادر الثنائي البلد وعاد عماني إلى شباب بلوزداد لينهي مشواره أما لونيسي فتنقل لشباب برج منايل موسم واحد قبل أن يعود للحراش .
عماني أسطورة في أيدين وشريف الوزاني على كل لسان
بعد سقوطه بقي النادي لسنوات طويلة في القسم الثاني لكن أنصاره بقوا يتذكرون أيام تألق الفريق في تلك الحقبة ويعتبرون عماني أسطورة لا تتكرر في فريقهم أما شريف الوزاني فمازالوا يتذكرون أيامه ومراوغاته ويتذكرونه عبر مواقع الفريق وشبكات التواصل الاجتماعي إلى يومنا هذا.
إعداد: فوغالي زين العابدين

الرجوع إلى الأعلى