في الوقت الذي تشهد الأسواق و المحلات التجارية التهابا في أسعار كافة أنواع الخضر و الفواكه،  يصنع  أحد الباعة بمدينة الحروش بولاية سكيكدة، الحدث و يشكل الاستثناء بين جميع التجار و الباعة، لاعتماده أسعارا في متناول الفئات الهشة و المعوزة، لدرجة أن زبائنه أصبحوا ينادونه بـ«أبي الفقراء»، و  يقصدونه باستمرار على مدار العام، خاصة في شهر رمضان، لاقتناء ما يحتاجون من الفواكه، ذات النوعية الجيدة و الأسعار المخفضة التي  تكسر أسعار السوق و تجبر قلوب المعوزين.

روبورتاج:  كمال واسطة

عمره 70 عاما قضى 60 منها في بيع الخضر و الفواكه
 التاجر الحاج بو الشعور، في العقد السابع من عمره، يتخذ مكانا له ، على مقربة من السوق اليومي للخضر و الفواكه بوسط مدينة الحروش، ليعرض سلعته، مررنا أمامه، فوجدنا المكان ينبض بالحركة، و يحيط بالحاج، جمع غفير من المواطنين، فلم نتمكن لأول وهلة من الاطلاع على محتوى الصناديق التي يعرضها .
 اقتربنا بصعوبة من المكان، و وقفنا على التهافت المتواصل لاقتناء فواكه الحاج  بوالشعور، فاضطر للاستعانة بأصدقائه، لمساعدته في عملية البيع و تلبية طلبات زبائنه.
قال الحاج  بوالشعور للنصر، أنه دخل مجال التجارة، و بالتحديد بيع الخضر و الفواكه، في أواخر ستينات القرن الماضي، و واصل نشاطه لحد الآن، و كان يتنقل من منطقة إلى أخرى، في رحلة تخللتها العديد من المصاعب.
لا يملك محلا و يستغل سيارته النفعية لبيع سلعته
و أضاف المتحدث « لم أتمكن طيلة هذه السنوات من الحصول على محل تجاري قار لممارسة تجارتي، فاستخدمت سيارة نفعية هيكلها الخارجي و الداخلي يحكي قصة معاناة، لأن نشاطي لم يخل من المتاعب، سواء بسبب الأحوال الجوية، الأمطار في فصل الشتاء، و الحرارة في الصيف، و كذا التنقل أحيانا لمسافات طويلة، و رغم ذلك صمدت و رفعت التحدي، من أجل توفير اللقمة الحلال، لأفراد عائلتي و تربية و تعليم أبنائي، في ظروف مقبولة».
بخصوص الإقبال الكبير للمواطنين على شراء سلعته، قال المتحدث بأنه عاهد الله و نفسه، بأن يكون عونا للفقراء و المعوزين و يرضى بالربح القليل، لهذا يحرص على بيع سلعته التي تكون عبارة عن فواكه في الغالب، بأسعار في متناول الجميع، و هذا هو  سر إقبال المواطنين على شراء سلعته، فضلا عن صراحته و نزاهته في ممارسة تجارته،  كما أكد، مضيفا بأنه لا يتردد في مساعدة العائلات المعوزة و منحها ما تحتاجه مجانا.
تخفيضات تصل إلى 150دج في أسعار الفواكه
لاحظنا أن هذا التاجر يحظى بمكانة خاصة و محبة  كبيرة وسط المواطنين، نظرا لخفة دمه و تمتعه بروح الدعابة، كما أنه يحب التحدث عن شؤون الرياضة، بحكم أنه لاعب قديم في فريق سريع الحروش لكرة القدم، و تقمص ألوانه في سبعينات و بداية الثمانينات.
و أكد لنا كل من تحدثنا إليهم، بأن الحاج بوالشعور، أو كما يطلقون عليه «أبو الفقراء»، يتمتع بشخصية بسيطة و متواضعة، محب للخير و صديق المعوزين، و يستقطب المواطنين لاقتناء سلعته، بسبب جودتها و أسعارها المعقولة، مقارنة بما هو موجود في الأسواق و المحلات.
 و ذكر مواطن وجدناه ينتظر دوره، أنه زبون وفي لهذا البائع منذ سنوات، بسبب أسعاره و جودة سلعته، بعيدا عن كل أشكال التدليس و الغش، مؤكدا «سلعته حلوة دائما»، و دائما ما يكون الفارق في الأسعار بين هذا التاجر و بقية التجار بين 70 و 150 دج.  وذكر شخص آخر، التقيناه بعين المكان، أن الحاج بوالشعور من معارفه القدماء، و بحكم هذه العلاقة، يزوره لمساعدته في عملية البيع، لأنه لا يستطيع أحيانا تلبية طلبات الزبائن بمفرده. و أكد لنا أحد الزبائن، بأن الحاج يسمح لأي مواطن يمر أمام سلعته و يشتهيها،  أن يأخذ منها بالمجان، بصفة عادية دون أي حرج.
وحسبما وقفنا عليه، فإن زبائن هذا التاجر ليسوا جميعا من فئة الفقراء و المعوزين، بل  يستقطب أيضا ميسوري الحال. التقينا هناك بزبون يقيم بقسنطينة، فقال لنا بأنه تعود  كلما مر بالمكان يمر على الحاج بو الشعور لشراء ما لذ وطاب من الفواكه التي تجمع بين النوعية و السعر المعقول.
ك/ و

الرجوع إلى الأعلى