شرع الأسبوع الفارط طلبة كلية الطب بحي الصنوبر بقسنطينة ، في حملة واسعة لتنظيف و تزيين محيط الكلية ، في مبادرة لإضفاء لمسات جذابة عليها، بالتعاون مع الإدارة ، و هي الفكرة التي لاقت ترحيبا واسعا و عرفت مشاركة واسعة من الطلبة و كذا الإداريين ، و كانت انطلاقتها عن طريق هشتاغ تم تداوله عبر صفحات فايسبوك ، ثم انتشر عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الارتقاء بمحيط الكلية، عن طريق تنظيم حملات تنظيف، طلاء الجدران و رسومات تزين فضاء الكلية، و هو ما وقفت عليه النصر عند زيارتها للكلية .
هاشتاغ أطلق الفكرة
كان مولد الفكرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهاشتاغ، ولاقت استحسانا من قبل الطلبة وكذا الإدارة والعمال بالكلية، ليتم بعد ذلك تنظيم لقاء مباشر واسع بينهم، تقرر خلاله تخصيص صندوق لجمع التبرعات ، و تقسيم أفواج العمل بين التنظيف ، الرسم و الديكور الخارجي.  وشرع الطلبة في اليوم الموالي في تنظيف محيط الكلية ، من خلال تقليم الأشجار وتجميع أكوام القمامة،  وتنظيف مختلف الفضاءات لجلوس الطلبة، مع صنع طاولات وكراس من جذوع الأشجار، في ديكور استحسنه الجميع.
جدران الكلية لتفجير إبداعات الشباب
إلى جانب تنظيف محيط الكلية ، شملت المبادرة تزيين الجدران برسومات من إبداع طلبة الجامعة من هواة الرسم، فأصبح الجدران فضاء جديدا لتفجير المواهب و الطاقات في فن الرسم ، بعيدا عن التخصص .
الطالبة مريم قالت لنا بأنها كانت في السابق تمارس الرسم على الأوراق  كهواية، و أتاحت المبادرة فرصة حقيقية لها ولزملائها، من أجل تجسيد مواهبهم و هواياتهم على أرض الواقع عن طريق جدارية كبيرة، وهو حال أغلب أعضاء المجموعة التي تهتم بجانب الرسومات والديكور، كما كانت فرصة للاحتكاك بينهم و تبادل الأفكار و الرؤى حول نوعية الرسومات والمغزى منها، فيما اعتبر البعض الآخر المبادرة متنفسا للطلبة للتعبير عن مشاعرهم و أفكارهم.
أعضاء الإنسان بلمسة فنية
الملاحظ أن أغلب الرسومات ذات علاقة مباشرة مع تخصص الطب، و تتمثل في رسم مختلف أعضاء جسم الإنسان، لكن بطريقة تحمل مدلولات و معاني تبث روح التفاؤل، الحب و التسامح، على غرار القلب ، الرئتين و  الكبد ، و هي من أبرز الأعضاء التي رسمت على جدران الكلية،  إلى جانب رسومات حول الحمل و علاقة الأم بجنينها، كإسقاط مباشر لعلاقة الإنسان بوطنه.
 و أكد لنا بعض الطلبة أن هذه الرسومات لها مدلولات واقعية مستمدة من الحياة اليومية، خاصة الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري الفارط، و الذي كان انطلاقة لمثل هذه المبادرات  عبر ولايات الوطن، و شملت أحياء و شوارع ، مؤسسات ، جامعات و شواطئ و انعكست على نفسية المواطن الجزائري و رغباته في التغيير الجذري لنمط حياته السابقة.
إلى جانب الرسومات قام عدد من الطلبة من هواة الكتابة بالخط الكوفي، إلى كتابة مجموعة من الأبيات الشعرية و الحكم على جدران الكلية.
يرى عدد من الطلبة الذين تحدثنا إليهم أن هذه المبادرة لها الكثير من الانعكاسات الايجابية، من بينها توطيد علاقة الطلبة بكليتهم ، حيث أضحى أغلبهم يشعرون بانتماء كبير لهذا المكان الذي يشرفون على تنظيفه و تزيينه، كأنه منزلهم الحقيقي، فزاد حبهم للكلية و مختلف فضاءاتها التي زينوها بأفكارهم وجهودهم، بعدما كانت مكانا للتعلم و الدراسة فقط.
من جهة أخرى أدت المبادرة إلى بناء علاقات جديدة بين عدد كبير من الطلبة كانوا بالأمس القريب بعيدين كل البعد عن بعضهم البعض، رغم تواجدهم في حيز مكاني واحد ، حيث أصبحوا يتبادلون الأفكار و طرق تجسيدها ، كما ساهم الاحتكاك بين مختلف الأفواج، إلى التعرف عن كثب على المواهب التي يتميز بها كل طالب، و تقريب المسافات بينهم، خاصة بين المقيمين بالأحياء الجامعية و طلبة ولاية قسنطينة، و بالتالي كسر «الطابو» القديم.
جدارية لتخليد ذكرى الطالب بعلوج عبد الحكيم
و من الأعمال البارزة في إطار هذه المبادرة، الجدارية التي تم تخصصها للطالب المتوفي بعلوج عبد الحكيم  ، الذي وافته المنية سنة 2015 ، و هو في السنة الرابعة طب ، و قد اختارت صاحبة الرسم عضو الكبد ، نظرا لخصوصية هذا العضو ، وقامت برسم زهور في محيطه مهداة لروحه، و وقعت الجدارية باسمه لتخليد ذكراه، خاصة وأن وفاته كانت يوم العلم 16 أفريل بعد معاناة مع المرض،  و هو الذي أحب مهنة الطب و كان حلمه أن يكون طبيبا في يوم ما.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى