في جو مهيب ووسط حشد كبير، شيع أمس سكان مدينة الميلية جثمان المجاهد الطبيب حميدة محي الدين الذي وافاه الأجل عن عمر ناهز 84 سنة حيث ووري جثمانه الثـرى بمقبرة المدينة. وكان الراحل يشتغل ممرضا بمستشفى الميلية في السنوات الأولى لاندلاع الثورة حيث حاول مرارا الالتحاق بالثورة، إلا أن القيادة -وقتها- أرغمته على البقاء في موقعه لتمكين الثوار  من الحصول على الأدوية. أسس الفقيد بعدها شبكة سرية مهمتها إمداد الثورة بالأدوية الضرورية، قبل أن ينكشف أمره في نهاية سنة 1959 فتم اعتقاله والزج به في سجن "المكتب الثاني" بالميلية قبل أن يحول الى السجن العسكري ببلدية شلغوم العيد، حيث ظل لمدة خمسة أشهر يخطط للفرار من السجن إلى أن تم له  ذات يوم من شهر مارس 1960 رفقة اثنين من المجاهدين ليلتحق مباشرة بمستشفى جيش التحرير الوطني بمنطقة "وازان" بدوار بن فرقان بالميلية ونظرا لخبرته الواسعة في ميدان الطب فقد تحول الى طبيب وجراح وغداة الاستقلال واصل عمله في قطاع الصحة قبل أن ينتخب على رأس قسمة "الأفلان" بالميلية سنة 1984. أحيل بعدها على التقاعد قبل أن يفقد بصره في العقدين الأخيرين وهو الذي لم يتخلف يوما واحدا عن أداء فريضة الصلاة بمسجد بومهران رغم إعاقته البصرية إلى أن وافاه الأجل، تاركا وراءه زادا واسعا من الأعمال الخيرية.
أحسن قليل

الرجوع إلى الأعلى