الفنان مراد رافع نحات طوّع خشب شجر الكاليتوس لتجسيد تصاميم من نبض الحياة
يجمع بين الموسيقى و النحت، يستلهم من كل منهما أفكارا للمجال الفني الثاني، هكذا يفضل أستاذ الموسيقى مراد رافع الذي وجد في قشور شجرة الكاليتوس حقلا للإبداع، تقديم نفسه للمعجبين بمنحوتاته المتميّزة  ذات الخامات المتعددة، و المحاور التي تبعث على الفضول، كموضوع الحضارة الإفريقية و الخصوبة و المهرّج و الفنان و غيرها من العناوين التي ينتقيها الفنان بعناية، فتعكس الحس الجمالي العالي لموسيقي التحق بمجال النحت منذ سنوات قليلة، لكنه تمكن من جذب الاهتمام و تحقيق الإعجاب.
يقول الفنان أنه تأثر ببيئته و جعل من شجر الكاليتوس، مصدر مادته الأولية بعد أن ألهمته منذ رآها و حملها لأول مرة بين يديه، حيث راودته صور جميلة، قرّر تجسيدها، قبل أن يكتشف موهبته في فن النحت، الذي شجعه الكثيرون على اقتحامه بكل اطمئنان لأنه يتمتّع بكل سمات النحات الماهر، كما أن حسه الفني و طبعه الهادئ كأستاذ و عازف و مدرب عزف على آلة القيثار، ساعده على صقل موهبته الجديدة، لأنه يستلهم تصاميم منحوتاته مثلما يقول، من التقاسيم و الوصلات التي يعزفها تلاميذه المبدعين.
النحات الشاب، أكد استفادته من احتكاكه المستمر بالفنانين التشكيليين، و الحرفيين، فراح يطوّر طريقته في العمل، مضيفا بأن الحياة و الطبيعة بشكل خاص مدته بالكثير من الأفكار التي بحث عنها طويلا، فكانت له بمثابة المنهل الذي لا ينضب، آسرا بأن الكثير من تصاميمه خام، يحتم عليه جمالها تركها كما وجدها في الطبيعة، و لا يدخل عليها إلا بعض اللمسات التعديلية الطفيفة.
و عن فنه، يقول رافع أن أعماله لا يمكن تصنيفها في خانة معيّنة، لأنها في نظره تجمع بين مختلف الفنون و الحرف،  و تذكر أول تحفة شكلها من قشر الكاليتوس و المتمثلة في الدمى المتحركة، و كان أقدم و أهم تصميم لا يزال يحتفظ به حتى اليوم و يرفض إهداءه أو بيعه، لما يحمله من ذكريات كثيرة، هو  تحفة «الفزاعة» التي سرد بأنه استلهم فكرتها من مسلسل «البيت الصغير بين المروج».
ورغم الغنى الفني و التنوّع الذي تكنزه مجموعته الفنية التي تحصي حوالي  100 قطعة تتنوّع بين النحت على الخشب و الجبس و الجلد..إلا أنه يرّدد بأنه لا يزال في بداية مشواره، و لا يزال يبحث عن شيء مميّز، يرغب في تركه كإرث لابنه المصاب بداء التوّحد، أملا في جعله يدرك مدى حبه له، و كطريقة تعبيرية يريد إيصال رسالة له، يشرح له من خلالها بأنه عمل المستحيل لأجل التوّغل إلى عالمه و فهمه و تفسير نظراته وحالة شروده.
«اللا متوّقع»، «اليأس»، «الفنان»، «العودة»، «الأنا».. و غيرها من الأسماء التي يختارها مراد رافع لمنحوتاته الجميلة ،تعكس تجربته و نظرته الخاصة للأشياء و طموحاته، كما تعبّر عن حالاته النفسية و رغباته كمنحوتة «الفنان» أو«المهرّج» التي يشببها بالإنسان الذي يعجز أي كان، عن فهم حالته الحقيقية، لاهتمام الأغلبية بالمظهر و الظاهر  دون الباطن.
و عن سر تنوّع و جمال ألوان منحوتاته رغم أن أكثرها من خشب واحد، قال محدثنا بأن الطبيعة تجود بألوان مختلفة بحسب الفصول، مما جعله هو الآخر يفضل منح و إهداء أعماله بدل بيعها، لأنه يعتبر موهبته هبة من الله، و لا بد من إسعاد الآخر، كلما سنحت الفرصة.
مريم/ب

الرجوع إلى الأعلى