اقترح باحثان جزائريان من قسم الصحة في مركز البحث العلمي  في التحاليل الفيزيائية والكيميائية مركبات دوائيةجديدة لمعالجة المصابين بفيروس كورونا المستجد، بالاعتماد على مركب «آرتمسنين» الذي يعوض الكلوروكين ويكون أكثر فعالية وأمنا بتقليل الآثار الجانبية، بينما قدما طريقة مبسطة لاستخراجه من نبات الأرتميزيا الحَولية في دراسة نشرت نتائجها يوم الخميس، كما قدم فريق البحث من قبل مقترحا بأربعة مركبات دوائية يمكن استعمالها لمعالجة المصابين بالفيروس.
المركب المقترح يعفي المرضى من الآثار الجانبية
ونشرت نتائج الدراسة على منصة «كيميكُل أركايف» الخاصة بنشر النتائج الأولية للدراسات بعد أن أرسلت يوم الأربعاء الماضي 8 أفريل، حيث أعدت من طرف فريق البحث بالمركز المكون من الدكتور موسى سهايلية المختص في الكيمياء الطبية والدكتور إسماعيل شمات المختص في الكيمياء الصناعية، في حين نشر القائمون على الموقع الإلكتروني للمركز أن «»كرابسي» يقترح مركبات دوائية لتثبيط بروتين «أس» لفيروس كورونا»، حيث قدم فريق من خبراء البحث الجزائريين تابع لقسم الصحة في المركز مركبات دوائية من مادة «آرتمسنين» معروفة بفعاليتها ضد الملاريا وعدة فيروسات، كما بينت دراسات الكيمياء الحسابية النموذجية نجاح هذه المادة في منع البروتين المذكور من التشبث بمستقبلات الخلية الحية،  بحسب ما نشره المركز.
وأفاد الدكتور إسماعيل شمات في تصريح للنصر، أن المركز قدم المقترح باستعمال مركب «آرتمسنين» منذ أكثر من شهر للمديرية العامة للبحث العلمي بوزارة التعليم العالي، فحولته بدورها إلى معهد باستور، لكن الأخير لم يتمكن من إجراء الاختبارات المخبرية عليه للتأكد من قدرته على مكافحة الفيروس بسبب انشغاله بإجراء تحاليل تشخيص الإصابة بفيروس كورونا، بينما أشار الدكتور إلى أن هذه الاختبارات لا يمكن إجراؤها إلا في مخبر من المستوى الأمني الثالث، ولا يوجد هذا النوع إلا في معهد باستور بالجزائر العاصمة في الوقت الحالي.
وأضاف محدثنا أن «آرتمسنين» مركب فعال في العلاج من الملاريا، بينما تنطوي الهيدروكسيكلوروكين على آثار جانبية عديدة، خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، فضلا عن الحالات المستعصية التي لا يحقق معها نجاحا كبيرا، منبها أن كثيرا من الأشخاص لا يتقدمون للعلاج  إلا بعد أن تكون الإصابة  لديهم قد بلغت درجات متقدمة من التعقيد، في حين أوضح أن المركب الذي قدمه فريق البحث لا يسبب آثارا جانبية.
الآرتمسنين يمنع ارتباط الفيروس بالخلية


وشرح لنا الدكتورموسى سهايلية من جانبه، أن فريق البحث لم ينتظر الاختبارات المخبرية، حيث عكف على إعداد دراسة للمركب المقترح بالمحاكاة النموذجية منذ حوالي شهر، وأشار إلى أن بروتين الحسكة، المعروف باسم Spike Protein، والموجود في الفيروس هو المسؤول عن الالتصاق بمستقبله الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (hACE 2)، وبذلك يرتبط بالخلية الحية، حيث بيّن الباحثان في الدراسة طريقة عمل الهيدروكسيكلوروكين في تثبيط البروتين المذكور بمنعه من الارتباط، بينما ذكر أيضا أن إحدى النظريات ذهبت إلى أن الهيدروكسيكلوروكين تعمل على تحميض البيئة المحيطة بالخلية لمنع الارتباط.
واضاف محدثانا أن «آرتمسنين» ومشتقاتها تعمل على تثبيط البروتين «أس» أحسن من الهيدروكسيكلوروكين بسبب تشابكها الأفضل على نقطتي الاستقبال Lys353 وLys31 الموجودتين في البروتين «أس» والذين يحدث من خلالهما الارتباط بالخلية، مثلما ورد أيضا في النبذة التقديمية للدراسة. وأضافا نفس المصدر أن الدراسة شملت جميع المركبات المشتقة من آرتمسنين، لكن الفريق يقترح التركيز على الآرتمسنين والآرتيسونات المتوفر كحقن والآرتيمنول لأنها تستعمل كأدوية في معالجة الملاريا وخضعت من قبل لسلسلة التجارب الضرورية قبل اعتمادها، في حين أوضحا أن الهيدروكسيكلوروكين قد استخدمت كبروتوكول علاجي موجه للإنسان ضد فيروس كورونا في الجزائر دون المرور على التجارب المخبرية أو على الفئران، ما يشير إلى إمكانية استعمال الآرتمسنين أيضا، مؤكدين على أن الفريق ليس بصدد اقتراح دواء جديد.
الباحثان قدما طريقة مبسّطة لاستخلاص الآرتمسنين من الأرتميزيا
ويسعى فريق البحث المذكور إلى تقديم نتائج الدراسة للمناقشة العلمية، مثلما يؤكد لنا الدكتور شمات، حيث أوضح أن الأطباء هم الوحيدون المخولون باتخاذ قرار استخدام مركب على الإنسان، بينما أشار إلى أن الفريق يريد إثبات فعالية المركبات المذكورة من خلال التجارب المخبرية والسريرية.
وقدم الباحثان في الدراسة أيضا طريقة لاستخلاص الدواء من نبات الأرتميزيا الحَولية المسماة باللاتينية ArtemisiaAnnua L، حيث ذكرا لنا أن مركب آرتمسنين يمكن استخلاصه منه، مشيرا إلى أن الباحثين عملا على هذا المركب طيلة 13 سنة في عدة مخابر عالمية في إنجلترا منذ 2007، في حين ذكرا لنا أن فصيلة الأرتميزيا الحولية غير متوفرة في الجزائر، فضلا عن أنه تم إجراء عدة دراسات على نبتة الأرتميزيا التي تنمو داخل البلاد وبينت التحاليل أنها لا تحتوي على مركب آرتمسنين. وأكد لنا الدكتور أن الأرتميزيا الحولية موجود بكثرة في إفريقيا ولا يمثل الحصول عليه أدنى مشكلة.
وتعتمد طريقة استخلاص المركب من النبات المذكور، مثلما وردت في الدراسة، على الطرق المعهودة، بالإضافة إلى اجتهادات الباحثين، التي قال عنها الدكتور شمّات «أنها تتضمن طريقة مبسطة تمكن من الحصول عليه بنقاوة كبيرة، كما أكد لنا من جهة أخرى، أن الفريق الذي ينتمي إليه في مركز البحث في التحاليل الفيزيائية والكيميائية قد قدّم أربعة مركبات كمقترحات لاستخدامها ضد فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى وجود مستخلصات طبيعية من هذه المركبات وأثبتت فعاليتها ضد فيروسات أخرى. واضاف محدثنا أن المركز يقوم بعدة نشاطات أخرى في إطار المساهمة في مواجهة وباء كورونا من على غرار صنع المحلول الكحولي وتقديمه لمستشفيات بوفاريك والبليدة، كما ساهم عن طريق فريق مختص في تعقيم عدة مصالح ومقرات تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
سامي حبّاطي

الرجوع إلى الأعلى