أكد التقني التونسي فاروق الجنحاوي، المدرب الحالي لاتحاد الشاوية، بأن التركيز على الجانب الذهني للاعبين عند استئناف التدريبات بعد التخلص من فيروس كورونا يبقى ضرورة حتمية، وأوضح في هذا الصدد بأن الأزمة الوبائية لها آثار سلبية كثيرة على الحالة النفسية لكل شرائح المجتمع، وفي كل بقاع العالم، لكن الرياضيين اعتادوا على حركية أكبر في حياتهم اليومية، وشل النشاط بين عشية وضحاها أجبرهم عن تغيير نمط الريتم اليومي.

الجنحاوي، وفي حوار مع النصر، أكد بأن تدابير الحجر في تونس يطبعها الكثير من الانضباط من طرف المواطنين، خاصة بعد وقف التنقلات بين الولايات، لكنه أعرب بالموازاة مع ذلك، عن استيائه الكبير من المشاهد التي يصنعها الجزائريون، بالازدحام في الأسواق، دون الإدراك بخطوة الفيروس.
*نستهل هذه الدردشة بالاستفسار عن أحوالكم في ظل هذه الظروف العصيبة، بعد انتشار فيروس كورونا؟
هذا الوباء زعزع العالم برمته، إلى درجة أنه أصبح بمثابة القاسم المشترك بين جميع الدول التي عرفت ظهور الفيروس، والعجز عن إيجاد لقاح للعلاج وضع كل البلدان في نفس الكفة، مع تباين في حصيلة المخلفات من دولة لأخرى، ولو أن الدول العربية والإفريقية تبقى أقل ضررا مقارنة بباقي البلدان في أوروبا، أسيا وأمريكا، وعليه فإننا في تونس نبقى ملتزمين بالحجر الصحي الكلي كإجراء وقائي، رغم أن السلطات كانت قد قررت اعتماد حجر جزئي، لكن دولتنا لا تتوفر على الإمكانيات المادية ولا حتى المرافق التي تكفي لضمان المتابعة الصحية لجميع المصابين في حال تواصل انتشار الفيروس، وتسجيل أرقام ليست بعيدة عن تلك التي تسجل يوميا في إسبانيا، إيطاليا وفرنسا، إذ أن الخروج من البيت يكون سوى في الحالات الطارئة، من أجل اقتناء المواد الغذائية أو الأدوية، والانضباط الكبير المسجل في تونس عند تطبيق الحجر، يبقى بمثابة الفارق الذي وقفنا عليه عند متابعتنا للكثير من أشرطة الفيديو تخص الوضع العام في الجزائر، لأن الأسواق تشهد حركية كبيرة يوميا، مما قد يزيد في انتشار الفيروس.
*هذا تلميح مسبق إلى أنكم تتابعون الأوضاع السائدة في الجزائر،، أليس كذلك؟
خطورة الوباء أجبرتنا على تتبع تطورات الوضع في كل بلدان العالم، من خلال تصفح الحصيلة اليومية، والجزائر لها مكانة مميزة لدى «التوانسة»، بحكم علاقة الأخوة والجوار، وعليه فإنني شخصيا أشاهد من حين لآخر القنوات التلفزيونية الجزائرية للإطلاع على آخر الأخبار، سيما وأنني أشرف هذا الموسم على تدريب اتحاد الشاوية، وصور تدافع المواطنين من أجل الحصول على كيس السميد عشناها أيضا في تونس عند بداية هذه الأزمة، لكن مشهد الإزدحام الكبير في الفضاءات التجارية يكفي لدق ناقوس الخطر في أوساط المواطنين، لأن الحكومة الجزائرية كانت قد بادرت إلى تطبيق الحجر الصحي بمجرد ظهور الوباء، غير أن استجابة المواطن تبقى متذبذبة، ولو أن الوضعية في تونس مماثلة وتفاقمت بسبب نقص الوعي لدى المواطنين، خاصة بعد حادثة قفصة، أين كان الاصرار على إقامة حفل عائلي، كافيا لتسجيل عدد معتبر من الحالات في هذه المدينة، في الوقت الذي كانت فيه السلطات في بلادنا قد عزلت كل ولاية على حدة، لتفادي انتقال العدوى من منطقة إلى أخرى، وهو الاجراء الذي أبقي ولاية القصرين التي أقطنها بحصيلة ضئيلة جدا من الحالات المؤكدة، تقدر بـ 6 حالات.
*نعرج الآن على الجانب الرياضي، هل هناك متابعة من طرفكم لبرنامج تدريبات لاعبي اتحاد الشاوية في هذه المرحلة؟
ليس من السهل تسيير هذه الفترة من الناحية الرياضية، لأن نجاح أي فريق يمر عبر الجدية في التدريبات الجماعية، وقرار غلق الملاعب والمرافق الرياضية كإجراء وقائي أدى إلى منع التدرب الجماعي، وعليه فإن الاكتفاء بالتدريبات الفردية يعد الحل الوحيد الذي استوجب اللجوء إليه، رغم أن الهدف منه لا يتجاوز حدود تمكين اللاعب من المحافظة على جاهزية اللاعب بدنيا ليس للعودة مباشرة إلى أجواء المنافسة الرسمية، وإنما لخوض مرحلة جديدة من التحضيرات، والبرنامج الذي نحن بصدد تجسيده دخل أسبوعه السادس، ويراعي بالأساس الجانبين البدني والذهني، ويتماشى والظروف النفسية التي يعيشها أي شخص في هذه الفترة، كما أن اللاعب يمكن أن يجري حصته في المنزل، وشخصيا أتابع هذا البرنامج بانتظام، رفقة المحضر البدني للفريق علاء الدين خماسي، المتواجد هو أيضا في تونس، لكننا نتواصل مع اللاعبين يوميا بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي.
*وكيف تنظر إلى المرحلة المتبقية من بطولة الهواة في الجزائر، سيما وأن الجامعة التونسية، كانت قد اعتمدت الموسم الأبيض في الأقسام السفلى؟
في تونس، القرار المتخذ لا يقضي باعتماد موسم أبيض، بل تعليق المنافسة، ويخص الأقسام الجهوية وما دون ذلك، أما بطولة الهواة بقسميها فإن المنافسة فيها ستتواصل بعد التخلص من الفيروس، لأن الاشكال المطروح في البطولة الجهوية يكمن في عدد المباريات المتبقية من الموسم، فضلا عن وجود دورة «البلاي أوف» لتحديد الأندية الصاعدة، ولو أن الوضع مختلف تماما في الجزائر، لأن المنافسة بالنسبة للهواة وباقي الأقسام السفلى توشك على نهايتها، وليس من السهل اتخاذ قرار توقيف البطولة في مثل هذه الوضعيات، لأن الرؤية بدأت تتضح بالنسبة للأندية المتنافسة على تذاكر الصعود، وما علينا في ظل هذه الظروف سوى التأهب لكل «السيناريوهات» المحتملة، لأن حياة البشر أهم من النشاط الرياضي، واستئناف البطولة لن يكون سهلا، ويتطلب فترة تحضير جديدة لا تقل عن 3 أسابيع قبل الشروع في لعب المباريات الرسمية، وهذا لتجنيب اللاعبين الاصابات، كما أن التحضير الذهني ضرورة حتمية، لأن درجة الضغط النفسي مرتفعة في هذه المرحلة.
*لكن اتحاد الشاوية مد خطوة نحو الرابطة الثانية، فما هي النظرة التي خرجت بها عن الكرة الجزائرية في المستويات الدنيا بعد هذه المغامرة؟
بطولة الهواة في مجموعتها الشرقية تبقى مميزة، بوجود الكثير من الأندية التي سبق لها اللعب في مستويات أعلى، كما أن نظام المنافسة المعتمد هذا الموسم، والقاضي بصعود 6 أندية أعطى البطولة حيوية أكثر، لكن النكهة تبقى في الاقبال الجماهيري القياسي، لأن «أوركيسترا» المدرجات تصنع الحدث في أغلب المباريات، وهي الأجواء التي نفتقدها حتى في بعض لقاءات الرابطة الأولى في تونس، لأن طابع «الديربي» التي تكتسيه المقابلات زاد المنافسة حلاوة، سيما وأن امكانية صعود سبعة فرق من المجموعة الشرقية أصبح من الاحتمالات القابلة للتجسيد على أرض الواقع، وعليه فإننا نسعى للإستثمار في المعطيات الراهنة للبطولة، خاصة بعد تحسن النتائج في مرحلة الإياب، وتواجدنا في المركز الخامس يجبرنا على الفوز باللقاءات المتبقية بأم البواقي لترسيم الصعود، ونحن مصممون على عدم تفويت الفرصة، لأن اتحاد الشاوية يستحق التواجد في مستوى أعلى.          حــاوره: ص / فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى