استجاب أمس الأحد، تجار العديد من النقاط بمدينة قسنطينة والمقاطعة الإدارية علي منجلي لإجراء وضع الكمامات في فضاءات التسوق والمحلات، في وقت ما زال فيه آخرون يتحججون بعدم وفرتها في السوق وغلاء أسعارها، كما أكد تجار أنهم مضطرون لعدم تغييرها لأيام بينما يضعها زملاء لهم بطريقة خاطئة.
وقامت النّصر بجولة انطلاقا من حي عبد السّلام دقسي بالجهة الشرقية من مدينة قسنطينة، حيث لاحظنا في البداية تجمع عدد من الأشخاص أمام مقر البريد الذي أغلق بسبب تسجيل إصابة أحد الموظفين بفيروس كورونا، في حين أوضح لنا المواطنون الذين وضع بعضهم الكمامات وتخلى آخرون عنها، أنهم لم يكونوا على علم بأن المركز مُغلق، وقد استمر توافدهم طيلة الساعات الصباحية، بينما فتح جزء من المركز وخرج منه ساعي بريد يحمل حزمة من الأظرفة قبل أن يُعاد غلقه من طرف المسؤول عليه.
أما بمحيط نقطة الدوران المسمّاة «برازيليا» فلاحظنا عددا معتبرا من طاولات الباعة الفوضويين الممتدّة على طول الطّريق المؤدي إلى داخل حي دقسي، حيث لم يحترم أغلب التجّار والمتسوقين إجراءات التّباعد الاجتماعي، كما أن عددا قليلا منهم فقط وضعوا الكمامات، التي نصّ قرار ولائي على إجبارية ارتدائها في فضاءات التسوق قبل أكثر من أسبوع، فيما اجتمع المجلس الأعلى للأمن أول أمس وقرر الإبقاء على نفس الإجراءات الوقائية إلى غاية عيد الفطر، كما صرّح وزير الصحة أن وضع الكمامات سيكون إلزاميا في جميع الأماكن بمجرد توفيرها بالعدد الكافي، لكن المواطنين في المكان المذكور لم يبدوا احتراما كبيرا لها. وذكر لنا أحد الباعة أنّه يُحجم عن وضعها لأنَّها «تتسبب له في ضيق التنفس»، بينما تحجج آخر بعدم وجودها في السوق، قبل أن يؤكد زميل له أنه يعتبرها «غير ذات أهمية».
غادرنا المكان نحو السوق المغطاة عبد المجيد مساعيد بالجهة السفلى من الحي، حيث داهمتها قوات الشرطة أول أمس لإخلائها من التجار الذين خالفوا إجراءات الحجر وفتحوا محلاتهم، فيما رصدنا من المكان حركية ضئيلة على غير العادة، بعد توزع عدد معتبر من أعوان الشرطة على مداخل السوق وفي محيطه للحرص على احترام إجراء الكمامات والتباعد، كما ركنت سيارات الشرطة بمحيط الفضاء الذي أخلى قبل أيام من التجارة الفوضوية ويخضع في الوقت الحالي لعملية تهيئة.
كمّامات لا تغطي أنوف البائعين!
ويتباين مدى احترام إجراء وضع الكمامات في المحلات، فبعض التجار يضعونها بطريقة خاطئة مثلما لاحظناه في بعض محلات سيدي مبروك العلوي، بحيث يتركون أنوفهم ظاهرة، بينما تخلى آخرون عنها بصورة تامة. وتوقفنا عند مدخل السوق المغطاة التابعة لبلدية قسنطينة في حي سيدي مبروك العلوي، فلاحظنا أن قليلا فقط من البائعين يضعون الكمامات، بينما يجول الكثير من المتسوقين دونها أيضا، فضلا عن تسجيل بعض التزاحم داخل أروقة السوق.
وتشكّل النقطة التي ينتشر فيها الباعة المتنقلون وأصحاب الطاولات على مستوى حي الأمير عبد القادر، غير بعيد عن ابتدائية ابن الفارض، إحدى «البؤر» التي لا يحترم فيها إجراء ارتداء الكمامات والتدابير الوقائية الأخرى مثل التّباعد، حيث كان أغلب الباعة دون كمامات خلال تجولنا بالمكان، بينما بدت كمّامات أفرادٍ آخرين مصنوعة لدى خياطين، كما لاحظنا أحد البائعين يضع منديلا على وجهه، فيما رصدنا نفس مظاهر عدم احترام الإجراءات الوقائية على مستوى حي وادي الحد، الذي يستمر سوق الملابس وباعة الحلويات في النشاط فيه خلال الساعات المسائية، مثلما سجل أول أمس السبت.
أما بوسط المدينة، فقد ظهر الباعة المتجولون على مستوى شارع ديدوش مراد الذي ازدحم بالمارة خلال الفترة الصباحية رغم أن المحلات مغلقة، فيما استجاب أغلب تجار السّويقة لإجراء وضع الكمامات، على عكس أصحاب الطاولات وبعض المتسوقين الذين ما زالوا يتجولون بوجوه مكشوفة، كما لاحظنا في حي رحبة الصوف خلو المكان من الحركة في العديد من نقاطه التي اعتاد الآلاف على ارتيادها يوميا قبل الجائحة.
تجار يشتكون من غلاء أسعارها
وأبدى تجار الأنهج والشوارع الأخرى من وسط المدينة احتراما أكبر للتدابير الوقائية والمسافة الوقائية داخل محلاتهم، لكن أحد التجار اعتبر أن «هذا الأمر يعود إلى كونهم محطّ أنظار أعوان الرقابة ومصالح الأمن أكثر من غيرهم»، كما أشار إلى أن التجار في الأماكن الأخرى الأقل حركية لا يلتزمون بهذه الإجراءات. وقد مررنا بسوق «فيروندو» حيث وقف أعوان الشرطة عند مدخله للحرص على دخول المواطنين بالكمامات، فيما اشتكى البائعون من نقصها وغلاء أسعارها، لكنهم أبدوا التزاما بها أيضا.
وتطابقت شكاوى التجّار من عدم وفرة الكمامات وغلاء أسعارها بين أسواق وسط المدينة والمقاطعة الإدارية علي منجلي، حيث تجولنا في مركز تسوق تعود ملكيته لأحد الخواص، ولاحظنا أن أعوان الأمن التابعين له يحرصون على منع المواطنين من الدخول دون ارتداء الكمامات فضلا عن بعض الأطفال الذين ظلوا عند المدخل في انتظار أوليائهم بعد منعهم من الدخول.
تجاذبنا أطراف الحديث مع البائعين الذين كانوا جميعا بالكمامات، وأخبرنا بعضهم أنهم مضطرون لاستعمال نفس الكمامة لعدة أيام بسبب نقصها وغلاء سعرها، رغم علمهم أن «هذا الأمر غير صحي»، في حين أوضح أحد التجار أنه يقوم بتعقيمها بنفسه من خلال غليها في الماء الساخن مع مياه «جافيل»، كما أوضح آخر، وجدناه يرتدي قناعا من نوع FFP2 أنه يستعمل نفس القناع منذ فترة و وجد نفسه مضطرا لتنظيفه عند نهاية كل يوم.
وتستمرُّ التِّجارة الفوضويَّة في علي منجلي بشكلٍ متفاوت، إذ استغلّ بعض الباعة أجزاءً من الأرصفة لعرض سلع مختلفة، وخصوصا بعض الحلويات التقليدية، فيما لاحظنا بعض الستائر المعدنية لبعض المحلات مفتوحة نصفيا، وذكر لنا مواطنون أن بعض التجار الذين توقفت نشاطاتهم ما زالوا يسوقون بضائعهم خلسة.
سامي.ح

الرجوع إلى الأعلى