تعرض جزء من الضفة المهيأة لوادي الرمال بمنطقة بومرزوق في بلدية قسنطينة لانزلاق ضخم للتربة ما تسبب في اقتلاع صفيحة خرسانية ضخمة من الأرضية واعوجاج المسار المخصص للراجلين، في وقت أكد فيه صاحب الأرض المحاذية للموقع والمخصصة لإنجاز قاعة عرض للعتاد الفلاحي تابعة لمؤسسته «موتوريست” أن المشكلة مسجلة منذ سنة، لكنها تفاقمت منذ شهرين بعد هطول الأمطار و وقوع هزة أرضية.
وتنقلنا قبل أيام، على إثر نشر صور عبر منصة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» حول الانزلاق والتشققات التي ظهرت في نقطة من ضفة وادي الرمال الواقعة أسفل المسلك المفضي إلى الطريق الوطني رقم 3، خروجا من حي التجمع السكاني بومرزوق، لكننا وقفنا على وضعية أسوأ مما تظهره الصور التي لاقت انتشارا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأن مشروع تهيئة ضفاف وادي الرمال جديد واستغرق إنجازه مدة طويلة.
وكان وصولنا إلى المكان من خلال مسلك ترابي اعتقدنا في البداية أنه ورشة لمشروع ما، ثم اتخذنا منعرجات منحدرة صغيرة باتجاه الوادي، حيث كان يمكن ملاحظة جبل من الأتربة ممتد إلى غاية الوادي، في حين مررنا على ثلاثة صفائح خرسانية ضخمة منزوعة من الأرضية المنحدرة خلف ورشة ما اعتقدنا أنه مشروع، وإحداها كانت مائلة.
اضطررنا للمواصلة إلى موقع الانزلاق مشيا على الأقدام بسبب الانحدار الشديد للأرضية وعدم ثباتها، حيث قابلتنا في توجهنا نحو الشمال على المسلك المهيأ للراجلين، الذي صفت إلى جانبه الحجارة الضخمة المحكمة بالخرسانة في شكل جدار حاجز، لكن يبدو أنها لم تكن كافية لصد جبل التربة الضخم، فقد قابلنا في المكان اعوجاج على الأرض يليه مباشرة تحدّب تسبب في انفراج الخط الذي يلتقي فيه اللوح الخرساني لأرضية المشي، مع اللوح المائل المخصص لاحتواء مياه الوادي عند ارتفاع منسوبها خلال هطول الأمطار، وهو يتضمن أيضا العديد من التشققات على سطحه ما ينذر بإمكانية سقوطه هو الآخر مدفوعا بالأتربة المتحركة تحته بقوة انزلاقها من أعلى المنحدر.
ويمثل التحدب مطلع المشكلة فقط، فعند تقدمنا أكثر وجدنا المسلك مقطوعا بسبب انهياره وتحطم قطعة كبيرة من اللوح الخرساني الخاص بالأرضية، كما تسللت الأتربة من بين تشققاته العميقة بينما ضغطه الجدار الحجري الكبير في الأرض وغرس جهته الخلفية في التربة ما جعل الحافة التي يلتقي فيها بالسطح المائل مرتفعة نحو السماء ومنفصلة عن الأرض، في حين ارتفعت الصفيحة التي تليها مشكّلة مع الأولى مثلثا يشبه أسقف المنازل، بعدما انهارت عليها الحجارة والأتربة، وتشكل بينهما تجويف يمكن لإنسان متوسط القامة الدخول إليه دون أن يلامس رأسه السقف، في حين اقتلع الانزلاق الصفيحة المائلة من الأرض وظلت الأعمدة الحديدية المستعملة في الربط بادية منه مثل عظام مسننة.
ولم نتمكن من مواصلة التقدم لأن الجبل الترابي والحجارة الكبيرة تسببوا في غمر ما تبقى من الضفة الخرسانية على مسافة تفوق الثلاثين مترا مثلما بدا لنا، كما وصلت الأكوام الترابية إلى غاية منتصف مجرى الوادي الذي كان منخفضا وهادئا، فضلا عن أنها تركت عمودا كهربائيا مزودا بلوح للطاقة الشمسية مائلا ويوشك على الوقوع.
مستثمر يتكفل بمشروع وقف الانزلاق بقيمة أربعة ملايير
والتقينا لدى مغادرتنا  للمكان بصاحب الورشة الموجودة فوق موقع الانزلاق، حيث أوضح المستثمر عبد الرؤوف درويش أنه مالك مؤسسة «موتوريسيت» المصنّعة للعتاد الفلاحي غير بعيد عن الموقع، في حين أشار إلى أن الورشة خاصة ببناء قاعة لعرض منتجات مؤسسته. وأضاف نفس المصدر أنه مالك الأرضية أيضا، مؤكدا أن الانزلاق بدأ بالظهور منذ حوالي سنة بعد أن أزالت الشركة الكورية المكلفة بتهيئة ضفاف وادي الرمال الحاجز الداعم للأتربة في إطار أشغالها لتهيئة محيط الضفة، كما أشار إلى أنه من أنجز الصفائح الخرسانية الثلاثة التي وجدناها مقتلعة عبر المنحدر في إطار دعم قاعة العرض، قبل أن تتزعزع من مكانها بسبب الانزلاق.
وأضاف نفس المصدر أن الانزلاق تسبب في تأخير انطلاق أشغال إنجاز القاعة، حيث ينبغي إنجاز مسلكين منها إلى غاية المصنع، لكن ذلك توقف بسبب المشكلة، ما جعله يقرر القيام بالأمر بنفسه. وأوضح محدثنا أن دراسة مشروع دعم الأرضية ووقف الانزلاق داخل محيط قطعة الأرض التي يملكها قد أنجزت، حيث تكلف نظريا أربعة ملايير سنتيم، وستنطلق فيها الأشغال الأسبوع المقبل، على أن تنتهي في غضون شهر ونصف، مشيرا إلى أن المؤسسة تعتزم فتح قاعة العرض الخاصة بها مع بداية شهر سبتمبر تزامنا وانطلاق الموسم الفلاحي، إلا أن المعني شدد على أنه لا يستطيع التدخل بخصوص الضفة الخرسانية المتضررة للوادي أو خارج نطاق ملكيته لأن ذلك خارج عن نطاقه.
وروى لنا المستثمر أن مشكلة الانزلاق تفاقمت منذ حوالي شهرين بعد هطول كميات كبيرة من الأمطار دفعت بالأتربة إلى الأسفل بشكل أكبر، قبل أن تتحرك بفعل هزة أرضية، إذ تسببت في تضرر جزء كبير من ضفة الوادي بعد يومين من حدوثها وانهارت تماما في الجزء المذكور. واتصلنا بمدير الموارد المائية بولاية قسنطينة عدة مرات للحصول على توضيحات منه، لكن تعذر علينا ذلك.
سامي.ح

الرجوع إلى الأعلى