وجه اليونانيون صفعة قاسية لأوروبا حين رفضوا  الإكراهات التي ستجعل اقتصاد بلادهم يقوم على خدمة الدائنين من الدول الغنية، رفض  هو مقدمة لانفصال مؤلم للإغريق عن أوروبا الجديدة، أوروبا الخارجة من الفلسفة والعلوم إلى السوق.
الشعب اليوناني قال «لا» لخطة الإنقاذ التي اقترحها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد  واللجنة الأوروبية وتبناها الاتحاد الأوروبي الذي وضع شروطا قاسية على اليونان للبقاء في فضائه، ولم يكن الشعب اليوناني في حاجة ليذكر أوروبا بتاريخه، لم يكن في حاجة لأن يقول بأن الحضارة الغربية خرجت من بين صلبه و ترائبه، لم يكن في حاجة ليقول شربتم  من نهري وتعلمتم من كتبي، فكيف تُكرهونني على  ما لا أحب الآن؟
 لكنه استغل حقه في التعبير الديموقراطي، ليشهر «لا» النافية للطغيان الجديد والتي ستكون مرجعا للشعوب في الانتفاض ضد النظام الاقتصادي العالمي الذي يأخذ أموال الفقراء عبر استدانة  تجعل الدول المدينة تشتغل من أجل توفير خدمات الديون إلى الحد الذي تستعبد شعوبها كما هو الحال في الخطة المقترحة على اليونانيين التي ترفع سن التقاعد إلى السابعة والستين أو الثانية والستين مع أربعين سنة خدمة، فضلا عن ضرائب قاسية.
وقد يكون احتفال اليونانيين أمام برلمانهم ليلة أمس الأول بداية لتاريخ جديد، قد يكون  قاسيا عليهم، لكنه سيكون بداية للانقسامات في أكبر تكتل سياسي واقتصادي عالمي، خصوصا  أن الخروج  عن الملّة الأوروبية بات يستهوي  أهل اليمين وأهل اليسار على السواء  في القارة العجوز، حيث كانت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان أول المبتهجين بالانتصار الذي حققته الحكومة اليسارية في اليونان بعد التجاوب الشعبي معها في الاستفتاء.
Oxi اليونانية قد تكون درسا للدول الواقعة تحت الاستعمار الجديد الذي تمارسه القوى المهيمنة على العالم عبر الاملاءات الاقتصادية، هذا الدرس يجب أن تستوعبه الحكومات الخائفة في الجنوب بسبب نقص في شرعيتها لتأخرها عن الديموقراطية  وفحواه أن إرجاع الكلمة للشعوب يُبطل مبرّرات التدخّل.

ملاحظة
اليونان التي علّمت الغرب الديموقراطية كمصطلح وكنظام سياسي، تعلّم العالم اليوم كيف تكون الديموقراطية ذاتها أسلوبا في رفض الاستبداد والهيمنة.

سليم بوفنداسة

 
الرجوع إلى الأعلى