انتقل إلى رحمة الله أمس المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق، عبد السلام بلعيد، عن عمر ناهز 92 سنة بالمستشفى العسكري لعين النعجة بالجزائر العاصمة.
وقد ولد الفقيد بلعيد عبد السلام في 20 يوليو من العام 1928 بعين الكبيرة ولاية سطيف، ويمتد مساره النضالي والعملي على مدى أكثر من 70 سنة، فقد كان من أوائل المناضلين في صفوف الحركة الوطنية و في صفوف الحركة الطلابية لشمال إفريقيا و الحركة الطلابية الجزائرية.
فكان، عبد السلام بلعيد، من الأعضاء المؤسسين لرابطة الطلاب المسلمين لشمال إفريقيا بين سنتي 1951 - 1953، وعضو مؤسس لاتحاد الطلاب المسلمين الجزائريين سنة 1953 ورئيسا له، وبعد اندلاع الثورة التحريرية المباركة كان من بين الطلبة الذين لبوا نداء الواجب الوطني ليلتحق بصفوفها ، حيث أسس رفقة رفقاء له  الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في جويلية من العام 1955، ويساهم في تنظيم إضراب الطلبة في 19 ماي من نفس السنة، ويكون بعدها من الذين لبوا نداء الواجب ويلتحق بالثورة التحريرية بالجهة الغربية للبلاد.
كلف الراحل عبد السلام بلعيد بمهام داخل هياكل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1958، ويعين مساعدا لوزير الشؤون الاجتماعية و الثقافية، ثم يلتحق في سنة 1961 بديوان الحكومة المؤقتة إلى غاية الاستقلال، وبعد وقف إطلاق النار يعين مكلفا بالشؤون الاقتصادية في الهيئة التنفيذية المؤقتة التي كان يرأسها عبد الرحمان فارس.
بعد نيل البلاد استقلالها  يرسم عبد السلام بلعيد مسارا خاصا لحياته في دواليب الدولة و يتقلد مسؤوليات عديدة كبرى في المؤسسات الاقتصادية للدولة الجزائرية الحديثة، فيعين مديرا عاما لشركة سوناطراك بين سنتي 1964-1965، وزيرا للصناعة والطاقة لمدة 12 سنة بين 1965 و 1977، فوزيرا للصناعات الخفيفة بين 1977 - 1979، وقبلها كان رئيسا للوفد الجزائري المفاوض مع الطرف الفرنسي حول ملف الطاقة.
 وعرف بلعيد عبد السلام في تلك الفترة بأبي الصناعة الجزائرية لأنه كان وراء تنفيذ العديد من المشاريع الصناعية الكبرى في الفترة بين 1965 و 1979، خاصة منها المصانع الكبرى والصناعات الخفيفة والبتروكيمياوية التي شيدت في العديد من مناطق الوطن، و التي لقيت نجاحا معتبرا في تلك المرحلة وكانت مفخرة للصناعة الوطنية.
وقد عمل الراحل في مرحلة الاقتصاد المخطط  الذي كانت تنتهجه الدولة الجزائرية في ذلك الوقت، وظل متشبتا بمبادئه في هذا المجال ومقتنعا بها إلى آخر حياته.
في مرحلة الثمانينات ركن بلعيد عبد السلام إلى الراحة مع تغير النهج ودخول البلاد في مرحلة جديدة على المستويين السياسي والاقتصادي، وظل كذلك إلى أن نودي ليرأس الحكومة سنة 1992 في ظروف يعرفها الجميع بعد رحيل حكومة سيد أحمد غزالي.
 وقد عمل في هذا الظرف وفق قناعاته ومبادئه التي عرف بها، فظل من أنصار السياسة الاجتماعية للدولة فرفض سياسة خصخصة المؤسسات والشركات العمومية التي بنيت بأموال الشعب في مراحل سابقة، و رفض أيضا الليبرالية المتوحشة التي كان البعض يرغب في  الذهاب بسرعة نحوها، وقاوم ضغوط المؤسسات المالية الدولية، إلى أن أنهيت مهامه في سنة 1993.
ترك الراحل بعض الإصدارات في السياسة والاقتصاد، وظل يداوم على تقديم تجربته وشهادته في الملتقيات التاريخية والسياسية والاقتصادية للأجيال الجديدة، خاصة منها تجربته في الحركة الطلابية الوطنية إبان الحرب التحريرية، وظل بعيدا عن الجدالات والسجالات السياسية.
إلياس -ب

الرئيس تبون يعزي عائلة بلعيد  عبد السلام
الفقيد مجاهد فذ و مناضل وطني مخلص غيور على الجزائر
بعث رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس السبت، برسالة تعزية و مواساة إلى عائلة المجاهد المرحوم بلعيد عبد السلام، أكد فيها أن الفقيد «مجاهد فذ و مناضل وطني مخلص غيور على الجزائر».في ما يلي النص الكامل لرسالة التعزية:
«بسم الله الرحمن الرحيم و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون.
يغادرنا اليوم في فاجعة أليمة المجاهد المرحوم بلعيد عبد السلام، أحد رجالات جيل الرواد الذين نشؤوا على النضال الوطني في مدرسة الحركة الوطنية فانغرست في نفوسهم، من أدابياتها و مبادئها، روح الإقدام و التضحية من أجل الوطن، فلقد كان المرحوم قبيل اندلاع ثورة التحرير المجيدة، رئيس رابطة الطلاب المسلمين في شمال إفريقيا بفرنسا من سنة 1951 إلى سنة 1953، ليسجل اسمه بعد ذلك في النخبة المؤسسة للاتحاد العام للطلبة المسلمين و يساهم في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.و لئن عددنا محطات من الإسهامات الوطنية للفقيد، فلنستحضر جلائل الأعمال لأحد أبناء الجزائر الذين ما انقطعوا يوما في حياتهم عن خدمة هذا الوطن على مدى عقود من الزمن.
المجاهد المرحوم كان على رأس شركة سوناطراك من 1964 إلى 1966، و تولى مسؤوليات وطنية سامية، وزيرا للصناعة و الطاقة ثم رئيس حكومة في مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها بلادنا في بداية التسعينات.
«إننا أخواتي إخواني» نودع اليوم معكم بحسرة وألم مجاهدا فذا و مناضلا وطنيا مخلصا غيورا على الجزائر، فلقد شاء المولى عز و جل أن يرحل عن هذه الدنيا ليلتحق برفاقه المجاهدين و إخوانه الشهداء و ذلك قضاء الله و قدره و إنا لنحسبه إن شاء الله في جنة النعيم إلى جوارهم.وفي هذه اللحظات الحزينة المؤثرة، أتوجه إلى أفراد العائلة و أهل الفقيد و ذويه الأفاضل و رفاقه المجاهدين بأخلص التعازي و أصدق مشاعر المواساة، متضرعا إليه جلا و علا أن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا و يلهم الجميع الصبر و السلوان.يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي و أدخلي جنتي».                                                
وأج

جراد يعزي عائلة المجاهد بلعيد عبد السلام ويؤكد
الفقيد جمع بين الكفاح من أجل استقلال الجزائر وإعادة بنائها
بعث الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أمس السبت، برقية تعزية إلى أسرة المجاهد و رئيس الحكومة الأسبق، بلعيد عبد السلام، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 92 سنة، أكد فيها أن الراحل جمع بين المقاومة والكفاح من أجل استرداد الاستقلال والسيادة الوطنية، وإعادة بناء الجزائر وتشييدها.
و جاء في برقية التعزية «لقد تلقيت ببالغ الأسى وعميق التأثر نبأ وفاة المغفور له بإذن الله، المجاهد ورئيس الحكومة السابق، السيد بلعيد عبد السلام، رحمه الله وطيب ثراه وأفاض على روحه مغفرة وثوابا، الذي جمع بين المقاومة والكفاح من أجل استرداد الاستقلال والسيادة الوطنية، وبين إعادة بناء الجزائر وتشييدها» بتقلده عدة مناصب.و أضاف قائلا «وبهذه المناسبة الأليمة التي تفقد فيها الجزائر مجاهدا آخر من مجاهديها، فإنني لا أملك أمام قضاء الله وقدره، إلا أن أشاطركم آلامكم وأحزانكم في هذا المصاب الجلل، وأن أتقدم إليكم ومن خلالكم إلى كل الأسرة الثورية، بأخلص عبارات العزاء وأصدق المواساة، داعيا المولى جل وعلا، أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع الرحمة والغفران ويسكنه فسيح الجنان، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يلهمكم وذويه جميعا جميل الصبر وعظيم السلوان وأن يجازيكم عنه خير الجزاء، إنه ولي ذلك و عليه قدير».                                                            
وأج

الرجوع إلى الأعلى