خص الناخب الوطني الأسبق جورج ليكنس النصر بحوار مطول تحدث فيه عن تجربتيه مع الخضر، خاصة المحطة الثانية التي لم تدم سوى أربعة أشهر، كما تحدث التقني البلجيكي عن المنتخب الحالي بقيادة رياض محرز، أين أبدى إعجابه الشديد بالعمل المقدم من طرف الناخب الوطني جمال بلماضي، معربا عن أمله في رؤية الخضر متوّهجين في مونديال 2022، في ظل حيازتهم -حسب اعتقاده- على كافة المقومات لتقديم بطولة متميزة بداية بمدرب رائع وجيل موهوب.

حاوره: بورصاص.ر
• مرحبا «كوتش»، معك صحفي جريدة النصر من الجزائر، نود أن نتشرف بإجراء حوار معك إن أمكن...
مرحبا بكم وبكل الجزائريين، ولكن اعذروني أنا منشغل في الوقت الحالي، وبالإمكان أن تتصلوا بي بعد الساعة الخامسة مساء، وهناك سأجيبكم عن كافة أسئلتكم بصدر رحب، خاصة وأنني أمتلك علاقة طيبة مع الصحفيين الجزائريين، ولا يمكنني أن أمانع إجراء أي مقابلة إعلامية ستفيد الجماهير المحبة للخضر.
• (عاودنا الاتصال بالتقني البلجيكي بعد الساعة الخامسة وكان في الموعد ورد على مكالمتنا سريعا) مرحبا مجددا، هل لك أن تحدثنا في البداية عن آخر مستجداتك ؟
أنا الآن بمسقط رأسي ببلجيكا بعد نهاية تجربتي مع نادي تراكتور الإيراني منذ عدة أشهر، حيث كنت بصدد التفاوض مع فريقين من بلجيكا، غير أن انتشار وباء كورونا في جل بلدان العالم جمّد كل شيء، في انتظار العودة للميادين بداية من الموسم المقبل، خاصة وأنه لا تزال تحدوني الرغبة في العمل والتدريب، رغم تقدمي في السن، على العموم لقد استفدت من فترة الراحة، خاصة وأن الجو منعش هذه الأيام في بلجيكا على عكس الجزائر التي يتميز طقسها بالحر الشديد خلال هذه الفترة من الموسم.
• هل بالإمكان أن تعود بنا إلى تجربتك مع الخضر والذكريات الجميلة والسيئة التي تحتفظ بها ؟
دربت الخضر في مناسبتين الأولى سنة 2003، وكان الرئيس الأسبق للاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة وراء قدومي، وحققت نتائج مقبولة للغاية وغادرت راضيا عن مشواري، لأعود إلى المنتخب الجزائري من جديد سنة 2016، بعد أن اتصل بي ذات المسؤول، وأعني روراوة الذي تجمعني به علاقة رائعة، بدليل أننا لا نزال نتواصل لحد الآن، لقد استنجد بخدماتي، بعد فشل الأسماء التي اختارها لتدريب الخضر، ولقد كانت خرجتي الأولى صعبة إلى نيجيريا، برسم التصفيات المؤهلة إلى مونديال روسيا 2018، حيث انهزمنا أمام هذا المنتخب القوي، رغم الأداء الجيد الذي قدمناه في تلك المقابلة، لنخوض بعدها نهائيات كأس أمم إفريقيا 2017، وهي المحطة التي لم نحقق فيها ما كان مطلوبا، والسبب في ذلك يعود لعديد المعطيات، أبرزها أن الضغوط كانت كبيرة جدا على هذا المنتخب الذي استهل مشوار التصفيات المؤهلة للمونديال بالتعثر بميدانه أمام الكاميرون، وهي النتيجة التي أخلطت حسابات الخضر، وجعلت أداءهم يتراجع.
• تجربتك الثانية لم تدم أكثـر من أربعة أشهر، خاصة بعد التسبب في إقصاء الخضر من الدور الأول ؟
لم أكن المسؤول الوحيد عن ذلك الإقصاء المرير، على اعتبار أنني استلمت منتخبا مهزوزا، خاصة من الجانب المعنوي بعد البداية المتعثرة في التصفيات المؤهلة إلى مونديال روسيا، أين حاولت إصلاح الأوضاع، غير أن الأمور كانت أكبر من الجميع، لأقرر بعد العودة من الكان الانسحاب، خاصة وأنني اتفقت مع روراوة على أن تكون قيادتي للخضر مؤقتة فقط إلى غاية إيجاد المدرب المناسب، لقد سارت الأمور بشكل سيء مع الجميع بمن في ذلك رئيس الفاف الذي وجد نفسه هو الآخر بعد تلك الخيبة مضطرا للرحيل، رغم كل ما قدمه للكرة الجزائرية، أنا لم أندم على تجربتي مع الخضر حتى وإن كانت محطتي الثانية سيئة، في ظل العلاقة الرائعة التي تجمعني بالجماهير الجزائرية التي تشبهني كثيرا في تعلقها بكرة القدم وحبها الجنوني لهذه اللعبة التي تعد مصدر سعادة الشعوب.
• المنتخب الوطني استعاد هيبته بقدوم المدرب جمال بلماضي، حيث نجح في الفوز بالكان بعد سنتين من خيبة الإقصاء من الدور الأول، ماذا تغير مقارنة بالحقبة التي عملت فيها مع رفاق رياض محرز ؟
حتى تكون الجماهير في الصورة التعداد الذي أشرفت عليه في «كان» 2017 اكتسب خبرة أكبر بعد تلك الخيبة، حيث دخل «كان» مصر وكله رغبة في الثأر لنفسه من الإقصاء المبكر، ولحسن حظ جمال بلماضي أن الأمور سارت معه كما ينبغي في وجود أسماء استفادت كثيرا من انتقالها لفرق كبيرة في أوروبا على غرار القائد رياض محرز الذي بات مفتاح تألق هذا المنتخب الجديد، لقد تابعت مشوار الخضر في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكامل، وكنت في غاية السعادة لاعتلاء منصة التتويج في آخر المطاف، والفضل في وجه اعتقادي يعود بالدرجة الأولى للناخب الوطني الذي نجح في التخلص من نقاط الضعف السابقة، وفي مقدمتها الاهتزاز الدفاعي، حيث كان السبب الأبرز في إقصائنا بدورة الغابون، على العموم الخضر استحقوا ذلك التتويج، نظير ما قدموه طيلة البطولة، كما أن تخطيهم عقبة السنغال في مناسبتين يجعلهم الأحق بتسيد القارة السمراء.
• تبدو معجبا بالعمل المقدم من طرف جمال بلماضي ؟
كيف لا أكون معجبا به وهو الذي نجح في ظرف وجيز في إهداء الجزائر اللقب القاري الذي طال انتظاره، لقد كان اختيار هذا المدرب للإشراف على الخضر صائبا في ظل معرفته الجيدة بالمنتخب الجزائري، كما أن ترعرعه بأوروبا جعله قريب جدا من اللاعبين، خاصة إذا ما علمنا بأن تركيبة الخضر مشكلة في مجملها من المحترفين، لقد انبهرت بالروح الانتصارية التي غرسها في هذا المنتخب، إلى درجة أنه ذكرني بما حدث معنا في المنتخب البلجيكي، فبعد أن كنا نحتل المرتبة 68 في تصنيف الفيفا قبل سنوات نجحنا بفضل العمل الجبار في خطف الصدارة، متفوقين على منتخبات تمتلك باعا كبيرا على المستوى العالمي، على غرار البرازيل وفرنسا وإيطاليا والأرجنتين، أنا سعيد لما قدمه بلماضي، حيث أثبت بأنه مدرب من طينة الكبار، خاصة بعد أن وجد التوازن بين كافة الخطوط وتخلص من معضلة الدفاع التي كانت السبب الأبرز في نتائجكم السلبية.
• مدرب الخضر افتك لقب الأفضل في القارة السمراء بالموازاة مع احتلاله المرتبة الرابعة في ترتيب أفضل المدربين في العالم(جائزة ذو بيست)، ما تعليقك ؟
بلماضي لم يظفر سوى بما يستحقه، حيث كان الأجدر بجائزة أفضل مدرب نظير النتائج التي سجلها مع الخضر والتي خالفت كل التوقعات، فلا أحد رشح الجزائر قبل انطلاق «كان» مصر للمنافسة، ولكن مع انطلاق البطولة تفاجأنا بوجود منتخب متكامل ومتجانس في كافة الخطوط، إلى جانب الشراسة التي خاض بها جل المباريات، والتي صنعت الفارق ضد منتخبات في شاكلة السنغال ونيجيريا وكوت ديفوار، أنا أهنئ بلماضي، وأتمنى له مستقبلا كبيرا، خاصة وأنه لا يزال في بداية مشواره، كما لن أتفاجأ إن رأيته ينافس على جائزة «ذو بيست» في السنوات القادمة، لا سيما إذا ما قاد الخضر لإنجاز غير مسبوق في نهائيات كأس العالم 2022.


• هل الخضر يمتلكون كافة المقومات لتحقيق إنجاز غير مسبوق في نهائيات كأس العالم بقطر؟
على رفاق رياض محرز اقتطاع تأشيرة التأهل إلى مونديال قطر أولا، على اعتبار أن المأمورية ليست سهلة خلال التصفيات الخاصة بالقارة السمراء ولقد كانت لي الفرصة أن وقفت على ذلك خلال تجربتي الأخيرة عندما واجهنا نيجيريا، ولكنني أود التعرف قبل ذلك على المجموعة التي وقع فيها الخضر.
• الخضر وقعوا في الدور التصفوي ما قبل الأخير إلى جانب كل من بوركينافاسو والنيجر وجيبوتي...
لا أعتقد بأن هذه المنتخبات قادرة على الصمود أمام الخضر، رغم أن كرة القدم لا تعترف بالمنطق، وما على أشبال بلماضي سوى عدم التساهل، إذا ما أرادوا العبور للمحطة الختامية، أنا واثق من مقدرة الخضر على مواصلة التألق، في ظل حيازتهم على كافة المؤهلات، وفي حال ما إذا تأهلوا لمونديال قطر ستكون لهم كلمة خلال تلك البطولة التي ستلعب ببلاد عربية، وفي وجود جماهير عريضة للمنتخب الجزائري، أنا متفائل بمستقبل الخضر، خاصة بعد أن باتوا يمتلكون لاعبين ينشطون في مانشستر سيتي وإيسي ميلان وبورسيا مونشغلادباخ ونابولي، وكلها فرق كبيرة في أوروبا، إلى جانب المواهب الصاعدة المرشحة للالتحاق بكتيبة بلماضي الذي يبدو أنه ملم بكل شيء وقادر على نتائج أكبر.
• ما الفرق بين الجيل الحالي للخضر والأجيال السابقة على غرار جيل بوقرة ؟
حتى وإن كان الجيل الحالي هو الأفضل من وجهة اعتقادي، بعد أن أهدى الجزائر اللقب القاري الذي طال انتظاره، إلا أن جيل مجيد بوقرة كان متميزا أيضا، بعد أن أهل الخضر في مناسبتين متتاليتين التأهل إلى المونديال، كما كان وراء التأهل التاريخي للدور الثاني من نهائيات كأس العالم بالبرازيل، وهنا علينا أن نشير إلى وجود بعض الأسماء التي لعبت للجيلين، على غرار محرز وفغولي وبراهيمي وماندي ومبولحي، وكلها أسماء كانت حاضرة ببلاد السامبا وساهمت في إنجاز المنتخب التاريخي، أنا قلتها من قبل وأعيدها الآن المنتخب الجزائري استفاد كثيرا من سياسة الرئيس الأسبق محمد روراوة الذي كان وراء إقناع عدة نجوم مغتربين بالدفاع عن ألوان الخضر، على غرار الموهبة إسماعيل بن ناصر، كما أن إنشاء مركز سيدي موسى الفريد من نوعه والذي لا يوجد مثله في إفريقيا يحسب لصديقي روراوة الذي ترك منتخبا منظما لخليفته خير الدين زطشي.
• حدثتنا كثيرا عن نجم ميلان بن ناصر الذي استدعيته لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2017 رغم أن سنه لم يتعد آنذاك 17 ربيعا، ماذا تقول عن هذه الموهبة ؟
بن ناصر لاعب موهوب ومحارب فوق الميدان، رغم بنيته المرفولوجية الصغيرة مقارنة بما معروف لدى لاعبي الارتكاز، لقد استدعيته لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2017 رغم صغر سنه، كوني كنت مؤمنا بموهبته، ورأيت بأن الفرصة مناسبة له لاكتساب الخبرة في مثل هذه المسابقات، وحدسي كان في محله، حيث أثبت بعدها بسنتين في 2019 بمصر بأنه لاعب متميز استطاع افتكاك مكانة أساسية رغم أرمادة اللاعبين الموجودين في الخضر، كما أنه لم يكتف بذلك بل خطف جائزة الأفضل في الكان من نجوم الصف الأول في شاكلة محرز وماني وصلاح وكوليبالي، أنا سعيدا للتطور المذهل لهذا اللاعب الذي أبهرنا جميعا في تجربته الأولى مع «البيغ ميلان».
• بن ناصر بات محل اهتمام كبرى الفرق العالمية على غرار مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان وريال مدريد، بماذا تنصحه، في ظل معرفتك الجيدة به؟
لست متفاجئا لاهتمام كبرى الفرق الأوروبية بخدمات إسماعيل بن ناصر، كونه لاعب عصري، وقادر على أن يقدم الإضافة التي تبحث عنها فرق بحجم الريال والسيتي والبياسجي، ولكن على بن ناصر التريث قليلا، والبقاء مع ميلان موسم آخر، لأن حرق المراحل قد يعيده إلى نقطة الصفر، وهنا أنصحه بالاقتداء بنجمي منتخب بلجيكا هازارد ودي بروين، حيث لعب الأول لعدة سنوات في ليل قبل الانتقال إلى تشيلسي وبعدها انضم إلى الريال، في وقت طوّر فيه دي بروين إمكاناته في بلجيكا قبل المغادرة صوب فاردير بريمن في ألمانيا ليصبح الآن النجم الأول في السيتي، أنا واثق من مؤهلات بن ناصر ولكن عليه أن يأخذ الأمور بعقلانية، خاصة وأن مشوراه الاحترافي على المحك إن لم يحسن التعامل.
• ماذا عن محرز والأسماء التي لعبت تحت إشرافك ؟
محرز في تطور مستمر وأنا أراه مختلفا كثيرا عن ذلك اللاعب الذي دربته قبل سنوات لما كان ينشط في ليستر سيتي، فرياض اكتسب خبرة أكبر، وبات قادرا على قيادة المنتخب نحو بر الأمان، وهو ما لاحظناه خلال نهائيات كان مصر، كما أنني معجب كثيرا بالتطور المذهل للمدافع رامي بن سبعيني الذي أشركته في 2017 أساسيا رغم صغر سنه، حيث بات ركيزة في مونشغلادباخ وإن واصل على هذا المنوال قد نراه بقميص نوادي أكبر في أوروبا، دون أن أنسى عيسى ماندي المطلوب الآن من عدة فرق كبرى في أوروبا على غرار ليفربول الانجليزي، وهنا أؤكد لكم بأنني لازلت أتابع كل كبيرة وصغيرة تخص الخضر.
• أحاديث كثيرة عن قرب التحاق نجم ليون الفرنسي حسام عوار بالمنتخب الوطني، ما رأيك في هذا اللاعب، وهل قدومه سيزيد من قوة وسط الميدان؟
أجل هناك أخبار كثيرة عن اختيار عوار للمنتخب الجزائري، ولكنكم مطالبون بالانتظار لأنها مجرد أحاديث غير رسمية، وعوار الوحيد الذي سيؤكد ذلك أو العكس، على العموم أنا أعرفه جيدا، بحكم متابعتي لنادي ليون الذي يحمل شارة قيادته لاعب بلجيكي، وبالتالي أنا أتمنى رؤية حسام بقميص الخضر، كونه قادر على جلب الكثير لوسط ميدان الخضر، كما أن لدي إضافة عن هذا اللاعب وهو أنه سيكون له شأن كبير مستقبلا، سيما وأنه متابع من فرق عملاقة في أوروبا على غرار جوفنتوس ومانشستر سيتي.
• هل أنت على علم بأن الفاف قد أسندت قيادة المنتخب المحلي للدولي السابق مجيد بوقرة ؟
لست على علم بهذا، ومتى تم هذا الأمر؟؟، خاصة وأنني أحاول أن أتابع كل شيء يخص الخضر والكرة الجزائرية، على العموم هذا الاختيار صائب، وأرى بأن مجيد يستحق هذه الفرصة بعد كل ما قدمه للمنتخب الجزائري، هو بحاجة إلى الدعم، وأنا على يقين بأنه سيقوم بعمله على أكمل وجه، على الرغم من المأمورية الصعبة التي تنتظره، على اعتبار أنه ليس من السهل تقديم لاعبين في المستوى للمنتخب الأول، في ظل معرفتنا الجيدة ببطولتكم المحلية، التي تعج بالمواهب، غير أن هذه الأسماء تعاني بدنيا وتفتقد للنضج التكتيكي، أنا أرى بوقرة سندا قويا لبلماضي في قادم الأيام، كما آمل أن يكتشف أسماء جديدة تكون لها الفرصة فيما بعد للاحتراف بأوروبا، والسير على خطى سليماني وسوداني وعطال وبن سبعيني.
• بماذا تريد أن تختم هذا الحوار ؟
شكرا لكم على هذه الفرصة وآمل أن تكونوا بخير دوما، كما أتمنى التوفيق للمنتخب الجزائري في قادم الاستحقاقات، ولا يمكنني أن أودعكم دون أن أدعو للجزائر وجل بلدان العالم بزوال هذا الوباء الذي جمد كافة نشاطاتنا، وتسبب في تغيير نمط معيشتنا.    م. ب

الرجوع إلى الأعلى