أكد البروفيسور مصطفى خياطي أمس بأن ظهور حالات إصابة بالملاريا في 5 ولايات جنوبية لا يمثل خطرا على الصحة العمومية، لأن المصالح الاستشفائية بهذه المناطق أظهرت قدرتها على التحكم في الوضع، وقامت بتشخيص المرض في ظرف قياسي وأخضعت المصابين للبروتوكول الصحي المعتمد على الكلوروكين.
وشدد رئيس الهيئة الوطنية لترقية البحث العلمي «فورام» «للنصر»، على قدرة قطاع الصحة على التحكم في انتشار داء الملاريا أو حمى المستنقعات، بفضل التجربة الطويلة للجزائر في هذا المجال، فقد صنفتها المنظمة العالمية للصحة سنة 2019 دولة خالية من الملاريا، مشيدا بسرعة تفاعل المصالح الاستشفائية التابعة للولايات الجنوبية التي ظهر بها المرض، مع الوضع، وتمكنها في ظرف قياسي من اكتشاف حالات الإصابة والتكفل بها، مما يدل حسبه على درجة الوعي الكبيرة التي يتميز بها موظفو قطاع الصحة، علما أن عدد الإصابات بلغ 1110 حسب وزارة الصحة.
ولا يصنف الملاريا حسب الأخصائيين ضمن الأمراض المعدية، بل هو مرض متنقل عن طريق البعوض، الذي ينقل الفيروس من شخص إلى آخر، وهو ينشأ في الوسط البيئي الذي تنعدم فيه شروط النظافة، وتنتشر فيه المياه الراكدة، خاصة مياه الصرف الصحي، أوضح البروفيسور خياطي في هذا السياق، بأن الحالات المسجلة مؤخرا مستوردة، سواء عن طريق التجار الجزائريين الذين تربطهم علاقات مع دول الساحل، أو عبر المهاجرين غير الشرعيين،  مجددا التأكيد على أن المرض لا ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الاحتكاك المباشر، بل بواسطة البعوض.
ووصف رئيس هيئة فورام الوضع بغير الخطير، بفضل توفر العلاج والمرافق الصحية والكفاءات على مستوى قطاع الصحة، و سهولة اكتشاف المرض فالأمر لا يتطلب سوى جهاز ميكروسوب وأخذ قطرة دم من المريض لتحليلها والتأكد من وجود الفيروس، الذي يتسبب في اتساع خلايا الدم الحمراء، ويؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، فيشعر المصاب بالحمى الشديدة وألم في العضلات والمفاصل.
 وتلتقي هذه الأعراض مع تلك التي يسببها فيروس كورونا حسب البروفيسور خياطي، غير أن  كوفيد 19 يصيب الجهاز التنفسي فيؤدي إلى السعال وضيق التنفس وسيلان الأنف إلى جانب الحمى، وفقدان حاستي الشم والذوق، ويلتقي المرضان عند البروتوكول العلاجي وهو الكلوروكيل الذي يقدم للمريض خلال فترة محددة، ويتقاطعان أيضا عن نقطة عدم توصل المخابر إلى إيجاد لقاح لمكافحة انتشار المرضين، أي كورونا والملاريا.
ورجح المصدر أن يكون سبب ظهور حمى المستنقعات بولايات جنوبية، العلاقات التجارية التي تربط الجنوب الكبير ببلدان الساحل، غير مستبعد ان يكون أحد التجار او الناقلين أصيب بالمرض دون أن يدري، وحمله معه إلى أرض الوطن ليتنقل فيما بعد بين الأفراد عبر البعوض، مذكرا بأن الجزائر تخلصت نهائيا من الملاريا التي تنشأ محليا، دعيا السلطات المحلية بالمناطق الجنوبية للحفاظ على هذا المكسب، بالتكفل باحتياجات المواطنين من حيث إنجاز قنوات الصرف الصحي بالتجمعات السكنية التي تشتكي من نقص في هذا الجانب، لأن مياه الراكدة تعد مجالا خصبا لتكاثر الطفيليات التي تسبب الملاريا.
منذ 2019 لم تسجل الجزائر حالات محلية للملاريا
وأضاف الدكتور يوسف يوسفي مختص في الأوبئة بمستشفى فرانس فانون بالبليدة، قائلا إن الجزائر تخلصت نهائيا من داء الملاريا سنة 2019، حيث أعلنتها منظمة الصحة العالمية دولة خالية من هذا المرض، وأن الحالات التي ظهرت مؤخرا مستوردة إما عن طريق التجار وسكان الجنوب الذين تربطهم علاقات مصاهرة مع دول الساحل، أو عبر المهاجرين غير الشرعيين الذين توافدوا مؤخرا على الجزائر، مما يفسر ارتفاع عدد حالات الإصابة التي فاقت 1110 حالات.
وضم الدكتور يوسفي صوته إلى البروفيسور خياطي داعيا السلطات المحلية للقضاء على الشروط البيئية التي تساعد على انتشار الملاريا، إلى جانب استعمال المبيدات للقضاء على الطفيليات والبعوض التي تنقل الأمراض، مع ضرورة القيام بتحقيق وبائي حول سبب ارتفاع عدد الإصابات بالملاريا، مؤكدا بدوره على توفر وسائل مكافحة المرض، من بينها المراكز المرجعية لمكافحة الأمراض المعدية الموجودة بالولايات الجنوبية، من بينها تمنراست وأدرار، إلى جانب البروتوكول العلاجي المعتمد منذ سنوات لمواجهة الملاريا.
وطمأن المصدر سكان الولايات الجنوبية قائلا إن الأّمر لا يبعث على القلق أو الخوف، فكل الحالات مستوردة، وهي تزامنت مع الوضعية المناخية خلال فترة الخريف وتساقط أولى الأمطار، وكذا مع حركة الهجرة، وهي عوامل مساعدة على انتشار الملاريا، مؤكدا بأن الجزائر توفر العلاج للمهاجرين سواء كانوا شرعيين أم لا، وتضمن لهم نفس التكفل الصحي دون تمييز. 
   لطيفة بلحاج 

الرجوع إلى الأعلى