“لا بد أن نحرر الموسيقى الأندلسية من سلطة  المحافظين “
أكدت الفنانة الجزائرية المغتربة بهجة رحال ، في حوار خصت به النصر على هامش مشاركتها في إحياء سهرة بقسنطينة ، بأن الموسيقى الأندلسية الجزائرية يمكن أن تسوق بشكل تجاري ، لكن لابد من تفادي المزج بين الفرق الفنية المحترفة والجمعيات في المهرجانات الخاصة بالموسيقى الأندلسية . كما تطرقت إلى وضعية المرأة المحترفة في طابع الصنعة، وتحدثت عن أهم النقاط التي يجب مراعاتها من أجل الحفاظ على التراث الموسيقي الأندلسي الموجود بالجزائر.
الفنانة بهجة رحال أكدت بأن الموسيقى الأندلسية يمكن أن تسوق تجاريا، عكس ما يروج له ، مشيرة إلى أن عددا من المعجبين بموسيقاها يقومون باقتناء ألبوماتها ويطلبون منها توقيع إهداء عليها ، حيث تساءلت عما يمنع من تسويق الموسيقى الأندلسية ، فالموسيقى الكلاسيكية تسوق منذ القدم ، وتطرح في الأسواق بشكل عادي دون تحفظ ، مشددة على أن عنصري جودة الموسيقى والإتقان اللذان يظلان المعيارين الوحيدين الذين يجب احترامهما ، مؤكدة في رد على سؤالنا حول كيفية جذب الشباب إلى موسيقى الأندلسي، بأن الجودة العالية للموسيقى هي السبيل الوحيد للارتقاء بها، و المحافظة عليها.من جهة أخرى ، ترى الفنانة أنه يجب تجنب المزج بين الجمعيات والفنانين المحترفين في المهرجانات والحفلات المنظمة في إطار الموسيقى الأندلسية ، مشيرة إلى أن بعض الجمعيات ذات مستوى ضعيف ، و يجب ألا توضع  جنبا إلى جنب مع فنانين محترفين في نفس السهرات ، وأعربت عن أمنيتها في أن تعمم حفلات الموسيقى الأندلسية على مختلف ولايات الوطن ، لأن هذا اللون الموسيقي من حق كل جزائري ولا ينتمي إلى مدينة أو منطقة معينة فقط .و أضافت بأنها ليست ضد الذين يحاولون المزج بين الموسيقى العصرية والموسيقى الأندلسية ، إلا أنها شددت على ضرورة استمرار الفنانين في الالتزام بالطابع الأندلسي الأصلي و الأصيل ، الذي يحترم الشكل الخام للموسيقى ، كما قالت بأنها تعكف على تلقين تلاميذها بفرنسا نفس الفن الذي تعلمته على أيادي الشيوخ . لكن لا يجب أن يؤدي مسعى ورغبة حماية هذا الطابع الغنائي إلى الجمود واليبس والتحجر والإنغلاق . علينا تحرير الأغنية والموسيقى الأندلسية من المحافظين والأوصياء الجدد .
وفي رد عن  سؤالنا حول مدى نجاعة محاولات تدوين الموسيقى الأندلسية عن طريق السولفاج ، قالت بهجة رحال بأنها ليست ضد تدوين الموسيقى « ولا بأس بذلك « ، إلا أن طريقة التعليم الشفوي تظل ، حسبها ، الأفضل. كما أكدت بأنها تعتمد عليها مع تلاميذها الذين تعلمهم الصنعة بباريس، وإعتبرت بأنها أفضل طريقة للمحافظة على الروح في أداء الموسيقى، بينما يجعل السولفاج العازف يؤدي المقاطع بشكل تلقائي، بالرغم من أنه يفتح الباب أمام أي موسيقي لعزف الألحان المختلفة . وأشارت إلى التطور التكنولوجي الحالي في مجال التسجيل ، الذي يوفر إمكانية المحافظة على الموسيقى الأندلسية من خلال الأسطوانات والوسائط الإلكترونية المتعددة ،عكس ما كانت عليه الأمور في السابق .
رحال إستحسنت المبادرة التي تقوم بها محافظة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ، من خلال تسجيل النوبات الأندلسية القسنطينية لطابع المالوف، مشددة على ضرورة حسن إختيار الأشخاص وضرورة الإشراف على جودة النوبات التي يتم تسجيلها ، من أجل إخراج عمل يظل للأجيال القادمة.ونفت صاحبة 24 ألبوما في موسيقى الصنعة ، أن تكون آلة الكويترة ، التي تعزف عليها خلال جميع حفلاتها ، آلة نسائية أو خاصة بالعازفات فقط ، حيث أكدت بأنها نوع من آلة العود ذي الأربع أوتار الشبيه بالعود العربي الذي يميز مدينة قسنطينة و تونس، موضحة بأن الكويترة موجودة في الجزائر فقط ، وتنفرد بها دون البلدان المغاربية والعربية الأخرى، كما قالت بأن وصول المرأة إلى درجة كبيرة من الاحترافية يؤهلها لاحتلال رتبة تعادل مكانة الشيخ، لا يزال يصطدم بحاجز من الرفض، فهو لا يزال أمرا غير مقبول ،حسبها، إلا أن الكثير من الفنانات يكسرن هذا الحاجز من المعلمة يامنة التي كانت قديما تزاحم كبار الشيوخ ، إلى الفنانات اللائي يمارسن الموسيقى الأندلسية اليوم.
أما عن الجمهور، فأكدت بهجة رحال بأن هناك فرقا بين الجمهور الجزائري والأوروبي، مشيرة إلى أن الجمهور الجزائري يتلقى الموسيقى الأندلسية بحفاوة أكبر، و قد لمست ذلك في حفلاتها التي تحييها داخل الجزائر، مرجعة ذلك إلى الألفة التي تجمع بينه وبين تراثه الفني الذي تربى عليه ، بينما يغلب على الجمهور الأوروبي، حسبها، حس الاكتشاف خلال السهرات ، بحيث يكتفي المستمع الأوروبي بالاستماع بتركيز لأن الموسيقى جديدة عليه ، عكس الجزائري الذي يتجاوب بالرقص والزغاريد التي تملأ القاعة.كما ترى الفنانة بأن المدارس الأندلسية الثلاثة في الجزائر تمثل التنوع وهي مجتمعة ، موضحة بأنها تختلف عن بعضها البعض من ناحية الخصوصيات التي تميز كل واحدة ، حيث تختلف النوبة من نفس الطابع بين مدرسة وأخرى وتؤدى بشكل مختلف ، بينما تظل جميعها تراثا أندلسيا تزخر به الجزائر. أما عن جديدها ،  فقد قالت محدثتنا بأنها قامت في شهر مارس من السنة الجارية بتسجيل أسطوانة جديدة تضم نوبة من طابع الرمل ماية في نوع الصنعة.                   

سامي حباطي  * تصوير: الشريف قليب

الرجوع إلى الأعلى