زاد الاهتمام في الآونة الأخيرة بالمناعة وأعاد الكثيرون اكتشاف هذا الجهاز الوظيفي الهام بفعل الجائحة، فمن الناس من أطلقوا تحديات للتوقف عن تناول السكر، ومنهم من باتوا أكثر انشغالا بموضوع التغذية السليمة فتوغلوا في البحث عن كل ما له علاقة بتقوية المناعة كالفيتامينات على اختلافها، كما عرفت ثقافة الخضوع لفحوصات مخبرية لمراقبة الأداء العام للجسم انتشارا أوسع، وبالرغم من نفي المختصين لوجود فحص أو تحليل دقيق يمكنه أن يقدم لنا صورة شاملة عن مناعتنا، إلا أن الحل يكمن حسبهم، في وصفتين بسيطتين الأولى من مطابخنا، أما الثانية فتتعلق بالنفس البشرية.
 تحدي السكر و فيديوهات التغذية «ترند»
ومع تضاعف الإقبال على كل ما من شأنه أن يزيد قدرة الجسم على الدفاع عن نفسه و التصدي لخطر الفيروس، تحول الاهتمام بالتغذية إلى موضة، فبعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا تحديات للتوقف عن تناول السكر لمدة 30يوما، لأنه يدمر الخلايا كما يقولون، بالمقابل زاد عدد الفيديوهات التي تتحدث عن الغذاء السليم و حتى المؤثرون و اليوتوبرز استثمروا في فكرة اقتراح مشروبات ووصفات لتقوية جهاز المناعة ليتحول هذا الموضوع إلى أحد عناوين الترند الرئيسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
 من جهة ثانية، كثر السؤال عبر الصفحات الخاصة و تحديدا تلك التي تعنى بالصحة أو الصفحات التي يديرها أطباء، عن طرق الخضوع لفحص الكشف عن الإصابة بالفيروس، و عن أهم التحاليل المخبرية والفحوصات التي من شأنها أن تساعد الإنسان على معرفة مدى صلابة جهازه المناعي،وحسب بعض من سألناهم عن سبب اهتمامهم بموضع التحاليل، فإن الهدف هو التأكد من عدم الإصابة بأمراض غير معروفة قد تعقد حالتهم الصحية في حال التقطوا الفيروس كالسكري وضغط الدم مثلا، حيث أخبرتنا السيدة ماجدة دشمي وهي موظفة، بأنها خضعت طواعية في الفترة الأخيرة لفحوصات شاملة كما أجرت اختبار الإصابة  بالفيروس « بي سي آر» لتتأكد من سلامتها و تستعد لأية احتمالات ممكنة، معلقة بأنها ثقافة يجب على الجميع اكتسابها.
 المكملات الغذائية والأعشاب دفاعات مسبقة
و حسب استطلاع بسيط للآراء قامت به النصر، فإن تناول الفيتامين سي والزنك أصبح عادة يدمنها  كثيرون، كما أن منقوعات الزنجبيل و الزعتر و الأعشاب العطرية باتت جزءا من نظام الحماية المسبقة الذي يتبعه البعض، وأخبرنا آخرون أنهم يعتمدون كثيرا على المكملات الغذائية التي يصفها الأطباء للمصابين بفيروس كورونا على غرار الزنك، وذلك في محاولة لتعزيز المناعة.
* أخصائي أمراض الدم البروفيسور خالد بوزندة  
الفيتامينات التي توصف لمرضى كورونا ليست حلا لتقوية المناعة
يوضح أخصائي أمراض الدم ورئيس مصلحة حقن الدم بمستشفى قسنطينة الجامعي، خالد بوزندة، بأن الاهتمام بتقوية المناعة يعتبرسلوكا  صحيا، خلفه الوعي المتزايد في أوساط المواطنين، مشيرا إلى أن التطهير و غسل اليدين و مراقبة النمط الغذائي هي الوسائل الوحيدة لتقوية المناعة و تعزيز دفاعات الجسم، مشيرا إلى أن إمكانية التأكد من مستوى المناعة عن طريق التحاليل المخبرية،  أمر غير ممكن فلا وجود حسبه لأي تحليل أو فحص يمكنه أن يقدم لنا صورة دقيقة وشاملة عن مناعتنا الذاتية، لذلك فإن الإقبال على إجراء تحاليل الدم مثلا غير ضروري في هذه الحالة، لكنه مناسب لمراقبة الأداء العام للجسم وإلغاء احتمالات الإصابة بأمراض معينة.
 وعن التوجه طواعية لاجراء فحص الكشف عن الفيروس، حتى في حالة عدم تسجيل أعراض مسبقة، قال الطبيب بأن ذلك بدون فائدة ما لم يكن الشخص محط شك أو ظهرت عليه أعراض معينة قبل ثلاثة أيام من الخضوع للاختبار وحسب الأخصائي فإنه لا يوجد أي تحليل يمكنه أن يقدم لنا مؤشرات مناعية محددة، ولا حتى تحليل الدم الكامل» أف أن اس»،  فالطريقة الوحيدة للتأكد من دفاعاتنا الذاتية هي اختبار لقاحات معينة و مراقبة رد فعل الجسم تجاهها، على غرار  لقاح التهاب الكبد الفيروسي « ب» مثلا، مقابل ذلك يقول الطبيب، و عن مدى فعالية الفيتامينين « سي و د»، في تقوية دفاعات الجسم ضد فيروس كورونا، أوضح البروفيسور بوزندة  بأنها مفيدة إلى جانب بعض المشروبات الساخنة، لكن تأثيرها لا يتعدى تقوية الجسم في فترة تناولها فقط ، لكنها لا تمنح الجسم مناعة نهائية أو دائمة أو طويلة الأمد ضد الفيروسات و الأمراض، فالفيتامينات و المكملات الغذائية التي توصف عادة لمرضى كوفيد 19، من شأنها أن تقوي المناعة و تخفف من تأثير الفيروس على الجسم في حال الإصابة به فقط، لكنها لا يمكن أن تصنف كعلاج أو كحل مسبق، لأن هناك حالات عديدة و متضاربة تجاوبت مع الفيروس بطرق مختلفة، مثلا هناك شيوخ كبار صمدوا، في المقابل توفي شباب في مقتبل العمر وفي صحة جيدة.
و حسب المتحدث، فإن الاعتماد على التحاليل الدورية مهم للتأكد من السكري و ضغط الدم و غير ذلك، لكن الوسيلة الوحيدة لتعزيز المناعة هي الاعتماد على نظام غذائي صحي و التحلي بمناعة نفسية لما لها من تأثير على أداء الجسم عموما.
* الأخصائي النفساني العيادي أحسن بوبازين
الاستقرار النفسي يعزّز المناعة
تتسبب بعض العوامل الداخلية كالإجهاد في إضعاف الجهاز المناعي، فإثارة الجهاز العصبي اللاإرادي بشكل متكرر استجابة للضغوط المزمنة تضعف من قدرات جهاز المناعة، كما يؤكده الأخصائي النفساني العيادي أحسن بوبازين، فالضغط العصبي المزمن يخفض ردود فعل جهاز المناعة لإفراز الهرمونات التي لها دور في مكافحة الاستجابة الالتهابية، كما أن للمزاج دورا في فعالية هذا الجهاز ، لذا فإن الايجابية تزيد من فعاليته في محاربة الأمراض، و قد تبين حسبه وجود علاقة  علمية بين  المناعة النفسية و المناعة الجسدية، فمستوى التفاؤل عند الأفراد يرفع عدد الخلايا الليمفاوية، و الأشخاص الذين يشعرون بالخوف من الإصابة بالفيروس و يعانون من هاجس المرض، يكونون أقل قدرة على مقاومته في حال أصيبوا به، لأن الشعور بالقلق و التوتر يضعف أداء الجهاز المناعي.
ويضيف الأخصائي بأن الجانب النفسي للإنسان يلعب دورا كبيرا في أدائه الجسدي، فالصحة النفسية تساعد على مراقبة سلامة الجسد على اعتبار أن هناك أمراضا مصدرها نفسي و ترجمتها جسدية كارتفاع ضغط الدم و الأمراض القلبية و السكري و  القرحة المعدية و ما يتبعها، وهو ما يفسر كما أوضح، تأثير نفسية الإنسان على جسمه، لذا ينصح الأفراد بالابتعاد عن التوتر و القلق و الخوف خصوصا في الفترة الحالية تزامنا مع انتشار فيروس كورونا، بحيث يتعين عليهم حسبه، عيش حياتهم بصفة طبيعية مع الالتزام بالإجراءات الوقائية، فأغلبية الأشخاص الذين لديهم مناعة معتدلة لا تبدو عليهم الأعراض، بالمقابل يتأثر الأشخاص الذين يعانون من هشاشة نفسية بشكل أسرع.
*  المختصة في التغذيةسارة بوشكيط
 فيتامين « د» وقود الجهاز المناعي
 تؤكد المختصة في التغذية و التغذي بمستشفى قسنطينة الجامعية سارة بوشكيط، بأن معاينتها الميدانية بينت تزايدا في  اهتمام المواطنين من مختلف المستويات العمرية و الثقافية بموضوع المناعة و طرق تعزيزها  و نوعية الأغذية التي تساعد على تقويتها، إذ زاد الإقبال حسبها، على الأخصائيين في المجال لأجل مراقبة نمط الغذاء و الحصول على نصائح بهذا الخصوص.
وتؤكد المتحدثة بأنها تتلقى من خلال  صفحتها المختصة في الغذاء الصحي و الحميات و مراقبة الوزن، العديد من الرسائل من مواطنين  مهتمين بطرح أسئلة تخص طرق تقوية المناعة، فهناك حسبها، من يرغبون في إنقاص الوزن و هناك من يحاولون ضبط مستوى السكر في الدم بعدما أدركوا بأن للأمر تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على مناعتهم، مشيرة إلى أن أي إنسان معني بإجراء تحاليل دورية بعد تجاوزه لسن الثلاثين لأن ذلك يساعد على اكتشاف مشاكل الجسم مبكرا وبالتالي فإن علاجها سيكون أسهل ، لذلك يسال الكثيرون عن أهم التحاليل التي يجب إجراؤها ، موضحة بهذا الخصوص، بأن أهم تحليل مستحسن في هذه الفترة هو التحليل  الخاص بالفيتامين « د» لأن انخفاض مستوى هذا المركب مؤشر صريح على أن مناعتنا ضعيفة، فهذا الفيتامين يقينا من الإصابة بالسرطان والأمراض المناعية عموما، و هناك كما أوضحت أكثر من 700 دراسة عبر العالم تؤكد ذلك، من بينها دراسة قالت، بأنها تحدثت عن علاقة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا و نقص الفيتامين «د» في أجساد الضحايا، لذلك تنصح الأخصائية  بجرعة يومية منه تعادل 1000 إلى 5000وحدة، وذلك مباشرة بعد الخضوع للتحليل اللازمة.
 يأتي في المرتبة الثانية تحليل آخر وهو تحليل الدم الكامل « أف أن أس»، لكونه ضروريا لمعرفة مستوى كريات الدم و الصفائح الدموية وبالتالي التأكد من سلامة الجسم لأن هذا التحليل يسمح لنا بالتنبه مسبقا لمشكل فقر الدم و الالتهابات. تؤكد الأخصائية من جهة ثانية، على أهمية تحاليل الكبد و الكلى لمراقبة إنزيمات الكبد التي تعد مؤشرا لموجود فيروس كبدي من عدمه، كما تنصح كذلك بإجراء تحليل الدهون في الدم لمراقبة الكوليسترول و رصد مشاكل الأوعية الدموية المسببة للجلطات.
 و تنصح سارة بوشكيط، بإتباع نمط غذائي صحي و الابتعاد عن كل ما هو مصنع  لأنها أطعمة تضعف المناعة، فتناول الأغذية غير الصحية يلهي الجسم و يجعل دفاعاتنا تتجند لتنقية الجسم منها كما شرحت، مضيفة أن الإكثار من السكريات مثلا، يستنزف مخزوننا من الأنسولين و هكذا تضعف مناعتنا تدريجيا و نصبح غير مستعدين لمواجهة خطر أكبر كالعدوى، وعليه تقترح الأخصائية الابتعاد عن الدهون و السكريات قدر الإمكان و تعويضها بأطعمة صحية كالبصل و الزنجبيل و الشاي الأخضر و الشكلاطة السوداء و اليقطين و بذوره و المكسرات و الفواكه المجففة والأغذية الغنية بالزنك  كالبقوليات و اللحوم و المأكولات التي توفر الفيتامين «سي» كالليمون.
 من جهتها أكدت أخصائية التغذية فريدة عواطي للنصر في وقت سابق، بأن الجائحة  ساعدت على عودة الاهتمام بالمناعة و بالنظام الغذائي، كما دفعت الكثيرين الى التخلي عن الوجبات السريعة والجاهزة، لصالح الأكل الصحي، مؤكدة بأنها تشرف وحدها على أزيد من 300 شخص بينهم مرضى و أصحاء و من مختلف الفئات العمرية.  
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى