تسلّمت الأحزاب السياسية رسميا مشروع قانون الانتخابات، الذي أعدته اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة القانون العضوي للانتخابات برئاسة أحمد لعرابة، لإثرائه وتقديم الاقتراحات والتصوّرات التي تراها التشكيلات السياسية مناسبة لمنح ضمانات أكبر للمشاركين في المواعيد الانتخابية، وذلك من أجل الشروع في التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في غضون أشهر قليلة.
تم أمس، بأمر من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، الشروع في توزيع النسخة الأصلية لمسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات على الأحزاب السياسية لإثرائها. بحيث من المقرر أن تقدم الأحزاب والتشكيلات السياسية اقتراحاتها في غضون 10 أيام، بغرض إثراء المشروع قبل صياغة المشروع النهائي وعرضه على مجلس الوزراء، ثم البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليه ليشكل القاعدة القانونية والانتخابية التي سيتأسس عليها البرلمان المقبل.
وتمت الإشارة إلى أنه تم تداول مسودة غير صحيحة منذ السبت عبر بعض المواقع الإعلامية خلال الأيام الماضية.
وكان رئيس الجمهورية، قد دعا خلال الاجتماع الذي عقده بداية جانفي الجاري، مع رئيس اللجنة، إلى صياغة مسودة مشروع القانون العضوي الجديد للانتخابات في أقرب الآجال، تحضيرا للاستحقاقات الانتخابية الهامة التي تنتظر البلاد، كما أمر بتوزيع مسودة مشروع القانون على الأحزاب السياسية للمشاركة في إثرائها قبل صياغتها النهائية.
وشدد الرئيس على ضرورة الالتزام بأخلقة الحياة السياسية، وإبعاد تأثير المال على المسار الانتخابي وفسح المجال للشباب والمجتمع المدني للمشاركة في صناعة القرار السياسي، من خلال المؤسسات المنتخبة ـ وكذا ضمان انتخابات شفافة تعبّر حقّا عن الإرادة الشعبية وتُحدث القطيعة نهائيا، مع ممارسات الماضي، تنبثق عنها مؤسسات ديمقراطية ذات مستوى ومصداقية.
أخلقة الحياة السياسية وإبعاد التأثيرات المادية
وجاء في المادة الأولى من مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات التي تحصلت “النصر” على نسخة منها ، أنه يهدف إلى تحديد المبادئ الأساسية والقواعد المتعلقة بالنظام الانتخابي، تجسيدا المبادئ الدستورية المتعلقة باستقلالية وحياد وعدم انحياز السلطة المكلفة بتسيير ومراقبة الانتخابات، وتجسيد الديمقراطية والتداول على السلطة، إلى جانب أخلقة الحياة السياسية، وضمان مشاركة المواطنين والمجتمع المدني لاسيما الشباب والمرأة في الحياة السياسية وضمان اختيار حر بعيد على كل تأثير مادي.
وخصص الباب الأول من المشروع لإدارة العمليات الانتخابية والاستفتائية ومراقبتها، وهي المهمة التي تتكفل بها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وطبقا للدستور، تؤكد مسودة المشروع، بأن السلطة الوطنية المستقلة، تضمن إدارة ومراقبة مجموع العمليات الانتخابية والاستفتائية، وتتولى مسك البطاقية الوطنية للهيئة الناخبة والقوائم الانتخابية للبلديات والجالية بالخارج وتحيينها، كما تتولى إدارة عمليات التحسيس وتكوين مؤطري الانتخابات.
وتسهر السلطة على منع أي تصرف أو سلوك يمس بصحة وشفافية الاقتراع، وتعمل بالتنسيق مع السلطات العمومية المختصة على تنفيذ الإجراءات الأمنية من أجل ضمان السير الحسن للعملية الانتخابية، وتخطر بأي ملاحظة أو خلل أو نقص بنطاق اختصاصها، من شـأنه التأثير على تنظيم العمليات الانتخابية.
وحدد المشروع تنظيم السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، حيث تتشكل من جهاز تداولي ممثل في مجلس السلطة المستقلة، وجهاز تنفيذي ممثل في رئيس السلطة، ويتشكل المجلس من 15 عضوا يعينهم رئيس الجمهورية، من بينهم عضوان من الجالية، لعهدة واحدة مدتها 6 سنوات غير قابلة للتجديد، وللسلطة امتدادات على مستوى الولايات والبلديات ولدى الممثليات الدبلوماسية والقنصلية.
لا ترشح لمن خان الثورة والوطن
ويحدد الباب الثاني الأحكام المتعلقة بتحضير العمليات الانتخابية والاستفتائية، بما في ذلك الشروط المطلوبة في الناخب وبطاقة الناخب ووضع ومراجعة القوائم الانتخابية، حيث تنص المادة 61 على أن هذه القوائم «دائمة وتكون محل مراجعة خلال الثلاثي الأخير من كل سنة».
ويؤكد المشروع، أنه لا يسجل في القائمة الانتخابية من سلك سلوكا مضادا لمصالح الوطن أثناء الثورة التحريرية، و من حكم عليه في جناية ولم يرد له اعتباره، وكذا من حكم عليه من أجل جنحة بعقوبة الحبس والحرمان من ممارسة حق الانتخاب والترشح للمدة المحددة
الدعاية الانتخابية داخل المدارس والمساجد ممنوعة
وتناول الباب الثالث من المشروع، الحملة الانتخابية وتمويلها، حيث يمتنع كل مترشح أو شخص يشارك في الحملة الانتخابية عن كل خطاب كراهية وكل شكل من أشكال التمييز، كما يمنع استعمال اللغات الأجنبية في الحملة الانتخابية، ويمنع طيلة الحملة الانتخابية استعمال أي طريقة إشهارية تجارية لغرض الدعاية الانتخابية.
ويمنع استعمال أي شكل أخر للإشهار خارج المساحات المخصصة لهذا الغرض، كما يمنع استعمال، لأغراض الدعاية الانتخابية، الممتلكات أو الوسائل التابعة لشخص معنوي خاص أو عمومي، أو هيئة عمومية، إلا إذا نصت الإحكام التشريعية صراحة ذلك.
كما يمنع استعمال أماكن العبادة والمؤسسات والإدارات العمومية ومؤسسات التربية والتعليم والتكوين مهما كان نوعها أو انتماؤها، لأغراض الدعاية الانتخابية بأي شكل من الأشكال، كما يحظر الاستعمال السيئ لرموز الدولة.
مساعدات للمترشحين الشباب ولا تمويلات من الخارج
أما بالنسبة للتمويل، تنص المادة 86، أنه تمول الحملات الانتخابية بواسطة موارد مصدرها، مساهمة الأحزاب السياسية، المساهمات الشخصية للمترشح، الهبات النقدية أو العينية المقدمة من قبل المواطنين كأشخاص طبيعيين، مساعدات الدولة المحتملة للمترشحين الشباب، وإمكانية تعويض الدولة لجزء من نفقات الحملة الانتخابية.
ويحظر على كل مترشح لأي انتخابات وطنية أو محلية، أن يتلقى بصفة مباشرة أو غير مباشرة، هبات نقدية أو عينية أو أي مساهمة أخرى، مهما كان شكلها، من أي دولة أجنبية أو أي شخص طبيعي أو معنوي من جنسية أجنبية.
ويقترح المشروع تحديد المبلغ الأقصى للهبات بالنسبة لكل شخص طبيعي، كما يتعين على المترشح أو متصدر القائمة تبليغ قائمة الواهبين ومبلغ الهبات إلى لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملة، ولا يعد تمويلا أجنبيا الهبات المقدمة من الجزائريين المقيمين بالخارج.
منع «الشكارة» في تمويل الحملات الانتخابية
واقترحت اللجنة تدابير لمنع تداول أموال الحملات الانتخابية بـ"الشكارة"، حيث يقترح المشروع دفع كل هبة يتجاوز مبلغها 1000 دج عن طريق الشيك أو التحويل أو الاقتطاع الآلي أو البطاقة البنكية، ولا يمكن أن تتجاوز نفقات حملة المترشح للرئاسيات 100 مليون دينار، في الدور الأول، ويمكن إلى ترتفع إلى 120 مليون دينار في الدور الثاني.
كما حدد المشروع شروط وكيفيات التعويض المالي والتي تتراوح بين 10 إلى 30 بالمائة حسب النتائج المحصل عليها، ولا يتم التعويض إلا بعد إعلان المحكمة الدستورية عن النتائج النهائية واعتماد لجنة مراقبة تمويل الحملة حسابات الحملة الانتخابية. وفيما يتعلق بمراقبة تمويل الحملة الانتخابية والاستفتائية، يقترح المشروع أن تنشأ لدى السلطة المستقلة للانتخابات لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملات الانتخابية.
اعتماد الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة
واقترحت لجنة لعرابة، الانتخاب بالاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة، وبتصويت تفضيلي دون مزج في انتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية أو نواب المجلس الشعبي الوطني. وتشير المادة 168 من مسودة المشروع التي أعدتها لجنة الخبراء برئاسة أحمد لعرابة بأن الناخب يختار بمجرد تواجده داخل المعزل قائمة واحدة، ويصوت لصالح مترشح أو أكثر من القائمة نفسها في حدود المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية. وتوزع المقاعد المطلوب شغلها بين القوائم بالتناسب حسب عدد الأصوات التي تحصلت عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة الباقي الأقوى. ولا تؤخذ في الحسبان عند توزيع المقاعد القوائم التي لم تحصل على نسبة خمسة في المائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها. بالمقابل فإن المعامل الانتخابي الذي يؤخذ في الحسبان هو ناتج قسمة عدد الأصوات المعبر عنها في كل دائرة انتخابية على عدد المقاعد المطلوب شغلها ضمن نفس الدائرة الانتخابية وفق المادة 170 من مسودة المشروع. ويتم توزيع القوائم التي تحصلت عليها كل قائمة على مرشحيها حسب عدد الأصوات التي حصل عليها كل منهم.
المناصفة بين الرجال والنساء في الترشيحات
كما نصت مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات بأنه يتعين على كل قائمة متقدمة للانتخابات أن تراعي مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وأن تخصص على الأقل ثلث الترشيحات للذين تقل أعمارهم عن 35 سنة تحت طائلة عدم قبول القائمة، بالنسبة لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني. وأن يكون لثلث مترشحي القائمة على الأقل مستوى تعليميا جامعيا.
ونصت المسودة التي ينتظر أن يتم إثراؤها من قبل الأحزاب السياسية على نفس الشرط بالنسبة للقوائم المترشحة للمجالس الشعبية البلدية والولائية، غير أن شرط المناصفة لا يطبق سوى في البلديات التي تساوي عدد سكانها أو يزيد عن 20 ألف نسمة.
وفي ذات السياق، فقد أبقى المشرع على نسبة 4 بالمائة، حيث نصت المادة 176 إقصاء الأحزاب التي لم تحصل على نسبة 4 بالمائة من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات الأخيرة. وهو نفس الشرط الذي حدده مشروع قانون الانتخابات بالنسبة للترشح للمجلس الشعبي الوطني، حيث يكون لثلث 1/3 مترشحي القائمة على الأقل مستوى تعليميا جامعيا.
إيداع كفالة مالية للترشح لمنصب رئيس الجمهورية
كما نصت  مسودة القانون العضوي للانتخابات، على شرط توفر شهادة إيداع كفالة مالية تسلم من طرف الخزينة العمومية ضمن ملف الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. وتلزم المادة 248 من المسودة التي أعدتها لجنة الخبراء وسلمت للأحزاب بغرض مناقشتها كل مترشح للإنتخابات الرئاسية بإيداع كفالة للخزينة العمومية لم يحدد قدرها في المسودة في انتظار اقتراحات الأحزاب.
وتنص المادة نفسها أن الكفالة تسترد من قبل المترشحين الذين حصلوا على 50 بالمائة من التوقيعات المقررة قانونا موزعة على 25 ولاية على الأقل في أجل 15 يوما من إعلان المحكمة الدستورية عن الترشيحات. وتسقط الكفالة بالتقادم وتنقل للخزينة العمومية إن لم يتم المطالبة بها من طرف المترشح في أجل سنة من تاريخ إعلان النتائج النهائية.
ويأتي الشرط على خلفية العدد الكبير من المتقدمين لسحب استمارات الترشح خصوصا في الانتخابات الرئاسية الملغاة يوم 18 أفريل 2019 وكذلك رئاسيات 12 ديسمبر 2020، والجدل الذي يرافق تقدم مئات الأشخاص وإعلانهم الترشح والتصريحات المثيرة التي يقدمونها لوسائل الإعلام.
وينص المشروع، في المادة 247، على وجود أن يودع التصريح بالترشح لرئاسة الجمهورية من قبل المترشح شخصيا لدى رئيس السلطة، ويتضمن التصريح ملف يتضمن عدة وثائق منها شهادة تثبت إيداع الكفالة المقررة، على أن تفصل السلطة المستقلة في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار معلل تعليلا قانونيا في أجل أقصاه 7 أيام من تاريخ إيداع التصريح بالترشح.
الحبس وغرامة مالية ضد من يعرقل الانتخابات
كما تضمن المشروع في الباب الثامن المخالفات الانتخابية، حيث يعد مخالفة انتخابية، كل فعل أيا كان نوعه من شأنه إعاقة أو المس بالعمليات الانتخابية أو الاستفتائية، حيث يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة من 30 ألف إلى 500 ألف دينار، كل من يعترض أو يعرقل أو يمتنع عمدا عن تنفيذ قرارات السلطة المستقلة.
كما تضمن المشروع عقوبات بالحبس وغرامات ضد من يسجل نفسه في أكثر من قائمة  انتخابية، كما يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة من 6 ألاف دينار إلى 60 ألف دينار، كل من استعمل أملاك الدولة لفائدة مرشح أو حزب، كما نص المشروع على غرامة بـ 20 ألف دينار ضد كل من يقوم بوضع ملصقات خارج الأماكن المخصصة لذلك.               ع سمير

الرجوع إلى الأعلى