تعرف بلدية قسنطينة منذ أزيد من عقدين من الزمن أزمة عقار خانقة تسببت في حرمانها من المشاريع السكنية ومختلف المرافق العمومية، حيث أكد رئيس البلدية أنه سيتم إلغاء العمل بالدراسة «السطحية» لمكتب سيمكسول الفرنسي التي صنفت مناطق الانزلاقات ومنعت البناء في العديد من الأحياء، فيما اقترح المجلس في مشروع تعديل المخطط التوجيهي للتعمير  إضافة أزيد من ألف هكتار للمحيط العمراني لفك الخناق عن المدينة.
وعقدت، مساء أمس الأول بمقر البلدية دورة استثنائية للمجلس الشعبي البلدي لقسنطينة، حيث صادق أعضاء المجلس بالأغلبية المطلقة على إلغاء مداولة عام 2016 الخاصة بالمخطط التوجيهي للتعمير وإعادة تبني مراجعة للمخطط المشترك بين بلديات قسنطينة الخروب و  عين سمارة  و حامة بوزيان و ديدوش مراد.
وقدمت مديرة العمران، عرضا مفصلا عن اقتراحات المجلس المتعلقة بالتوسعات العمرانية  المقترحة لإضافتها إلى المحيط العمراني  قبل فتح التحقيق العمومي، حيث ورد في العرض المقدم أنه تبعا لطلبات الملاك بمنطقة العيفور وطبقا للسجل العمومي فإن منطقة العيفور تعتبر منطقة مثالية  لتوسع مدينة قسنطينة، إذ تم اقتراح التوسع على مساحة تضم 341 هكتارا.
 وتم أيضا اقتراح إضافة 83.86 هكتارا بمنطقة الجذور، وذلك تبعا لطلبات الملاك وطبقا لسجل التحقيق العمومي أيضا، كما اقترح إضافة 190 هكتارا بسيساوي من طرف المكتب التقني للبلدية من أجل إعطاء حدود فيزيائية للمحيط الحضري وكذا استجابة لطلبات الملاك وسجل التحقيق العمومي أيضا.
ويسعى المجلس إلى إضافة 35 هكتارا بالقماص وفقا لاقتراحات المكتب التقني للبلدية وذلك من أجل إزالة التقطعات الموجودة على مستوى المحيط الحضري، في حين تم إضافة 176 هكتارا بجبل الوحش، لكن سجل تحفظ لوجود هشاشة بالأرضية، كما اقترح أيضا إنشاء توسعة على مساحة 252 هكتارا بسركينة.
وجاء في العرض، أنه بناء على مراسلة الوالي شهر ديسمبر من العام الماضي المتضمنة عرض مشروع لإعادة تبني المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير وعرضه على التداول فضلا عن مراسلة مديرية التعمير المرفقة بملف شهر جانفي الفارط  والتي تطلب فيها الاعتماد على توسعات معينة في مشروع إعادة تبني المخطط التوجيهي للتعمير.
وورد في مراسلة مديرية التعمير والوالي، الاعتماد على توسعة على المدى القريب على مساحة 450 هكتارا بمنطقة سيساوي و منطقة زواغي بـ 62 هكتارا و العيفور  بـ 71 هكتارا  والكلم 13 على مساحة 60 هكتارا و 15 هكتارا بالجذور، فضلا عن الاعتماد على دراسة على المدى الطويل على مساحة 440 هكتارا بمنطقتين بجبل الوحش.
وصنفت منطقتا سركينة والعيفور كاحتياطات عقارية داخل المحيط العمراني ستخصص لإنجاز تجهيزات عمومية وسكنات جماعية، في حين تم تحويل تخصيص منطقتين، ويتعلق الأمر بالغراب، إذ ستحول من نسيج تاريخي إلى منطقة سكن فردي محمي، في حين يتم تحويل المنية من منطقة ترفيه إلى منطقة سكن فردي.
وانتقد أحد المنتخبين عدم استشارتهم في هذه الاقتراحات، حيث قال إنه كان الأولى استشارة المندوبين الذين هم على علم بشؤون المناطق التي تخضع لإدارتهم، غير أن رئيس البلدية الدكتور نجيب اعراب  قال أن باب الاقتراحات مفتوح للجميع وكل من لديه فكرة عليه أن يقدمها لدراستها وإدراجها ضمن المقترحات.
وتابع رئيس البلدية، أن المجلس يمتلك نظرة تقنية عن كيفية التوسعة إلى أفاق 2040 ، حيث أن المدينة حرمت من المشاريع و مختلف التجهيزات العمومية طيلة العقدين الأخيرين، فكل السكنات من مختلف الصيغ أنجزت في بلديات مجاورة، وهو ما اضطر سكانها إلى التوجه إلى العيش في تلك المناطق.
وأوضح المدير، أن هذه الاقتراحات لم يتم تبنيها عبثا من طرف المجلس، وإنما جاءت بناء على معطيات واقعية، حيث ذكر أن الكثير من المواطنين بمناطق، سيساوي و سركينة  و القماص و لوناما و غيرها، توسعوا عمرانيا بشكل عشوائي إلى درجة أن وصلت إلى مناطق ببلديات مجاورة على غرار عين نحاس، في حين أن مساحات واسعة بين مختلف التجمعات شاغرة والهدف ،كما قال، من المخطط التوجيهي هو ضمها للتجمعات العمرانية واستغلالها في مشاريع عمومية، لاسيما وأن المدينة تسجل عجزا بألفي هكتار، مؤكدا أن الكثير من الملاك طالبوا بإدماج أراضيهم في العمران.
مطالب باستغلال أوعية البنايات الفوضوية الشاغرة
وطالب مندوب قطاع سيدي راشد عبد الحكيم لفوالة، في تدخله بضرورة استغلال الأوعية العقارية التي أنجزت فوقها سكنات هشة ثم هدمت بعد أن رحل أهلها في التخفيف من أزمة العقار الخانقة والتي وصلت إلى حد تسجيل اختلالات في وجود أماكن لدفن الموتى، مشيرا إلى وجود أوعية غير مستغلة بكل قطاع سيدي مبروك فضلا عن حي سوطراكو ووجب الاهتمام بها للقضاء على الأزمة.
وأكد المنتخب نبيل بوصبع، على ضرورة إجراء دراسات دقيقة واستباقية مع الانتباه لمشكلة البنايات الفوضوية التي من الممكن أن تسوى وضعية الأراضي التي شيدت فوقها، حيث حذر من إمكانية توسع للبنايات الفوضوية و تسجيل تجاذب مع أصحاب السكنات بخصوص التهيئة وإجراءات التسوية، فيما أكد رئيس البلدية أن القوانين تحمي المساحات الشاغرة كما تلزم ملاك الأراضي بعدم الدوس على القوانين إذ لا يحق لهم التصرف فيها بعد إدماجها ضمن مجال التعمير.
وأكد نائب رئيس البلدية شراف بن ساري، أن التوسع الأمثل للمدينة هو بمنطقة العيفور فهي قريبة من الوسط الحضري ويمر عبرها خط الترامواي، مشيرا إلى أن المردودية الفلاحية ضعيفة جدا بتلك المنطقة، كما أنها لم تمثل شيئا مقارنة باحتياجات الدولة، قبل أن يؤكد رئيس البلدية بأن المجلس سيدافع عن احتياجات قسنطينة مع تقديم كل الحجج والمبررات.
«دراسة سيمكسول حرمت 10 آلاف مواطن من وثائقهم الإدارية»
وأثار مندوب قطاع الزيادية خلال النقاش قضية تصنيف المناطق الحمراء، حيث تساءل عن جدوى ضمها للعمران في حين أن البناء فوقها ممنوع، قبل أن يتحول الحديث إلى  الدراسة التي أجراها مكتب الدراسات الفرنسي سيمكسول، والتي صنفت على إثرها مناطق الانزلاقات بالألوان الحمراء والبرتقالية والخضراء، حيث اعتبرها كل المنتخبين مجحفة جدا بالنسبة للمدينة لاسيما بعد صدور القرار الولائي عام 2006 الذي يمنع البناء فوق الأراضي المصنفة في الخانة الحمراء، مؤكدين أن المشكلة حرمت المدينة من العديد من المشاريع كما تسببت في سجن رئيس البلدية الأسبق.
وأكد رئيس البلدية، أنه استشار الوالي بخصوص هذه الدراسة، وتقرر ،مثلما قال إعادة النظر في هذه الدراسة ، إذ تم تكليف مؤسسة الرقابة التقنية فضلا عن مخبر عمومي ومؤسسة أخرى في إطار اتفاقية تبرم مع البلدية من أجل إيجاد حلول تقنية لكل منطقة تتضمن كيفية البناء والتعامل مع الأرضية، إذ لا يعقل بحسبه أن إنجاز منشآت فنية كبرى في البحر والمناطق الزلزالية «ونحن لم نقدم حلولا لهذا الأمر»، مشيرا إلى أن تقرير مكتب سيمكسول تضمن «أن الدراسة المنجزة سطحية والمكتب مستعد لتقديم الحلول وإنجاز دراسة معقمة»، وهو ما يعد بحسبه دليلا آخر على عدم جدواها.
وأكد منتخبون، أن مشاريع ومنشآت كبرى تابعة للدولة أنجزت بتلك المناطق وفقا لتقنيات معينة ولم يسجل أي شيئ، في حين ذكر المنتخب شراف بن ساري، أن أزيد من 10 آلاف مواطن حرموا من رخص البناء واستكمال الأشغال والمطابقة بسبب هذه الدراسة، علما أن غالبيتهم استفاد من تلك الأوعية بشكل رسمي من طرف الوكالة العقارية ووجب مثلما قال إزالة الضرر عنهم في أقرب الآجال، مشيرا إلى أن الوالي رحب باقتراحات البلدية علما أنه لم يسجل أي خسائر أو انزلاقات في المناطق المصنفة ضمن المناطق  الحمراء.
لقمان قوادري

الرجوع إلى الأعلى