يقبل عدد كبير من الجزائريين في السنوات الأخيرة على تعاطي ما يعرف بعقاقير التنحيف و التسمين، كنوع من المكملات الغذائية التي يعتقد و يشاع  أنها  طبيعية و آمنة على الصحة، بينما يحذر أخصائيون من خطورتها الكبيرة و احتوائها على مواد سامة تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية و السكتات الدماغية و الكثير من الأمراض الخطيرة و القاتلة.
كبسولات تسونامي، تحميلات جامو، عقاقير التنحيف وفاتح الشهية والقائمة طويلة لما بات يعرف في السوق العالمية والجزائرية بـ "منتجات الصحة والجمال"، وهي مواد وتركيبات كثيرة تجلب من الخارج، ومعظمها يقال إنها أمريكية، إندونيسية، إسبانية، مغربية، وماليزية الصنع، يتزايد الإقبال عليها بشكل واسع خاصة في وسط فئة الشباب والمراهقين من المهوسين بالجمال، الذين
لا يهتمون سوى بالنتيجة.
مواقع التواصل الاجتماعي سوق نشطة خارج الرقابة
الملاحظ أن مثل هذا النوع من العقاقير لا توجد على مستوى المحلات والأسواق العادية إلا بشكل محدود، لكن الإعلان والترويج لها شائع وبشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث توجد صفحات خاصة وأشخاص كثر يروّجون لها بطريقة مغرية، عبر نشر شهادات زبائن قالوا إنهم حصلوا على نتائج مغرية تشجع كل من يحلم بالجسم المثالي على تحقيق حلمه في وقت قياسي، دون أضرار جانبية، حسب ما يتغنى به المسوّقون.
وربما تعد النساء من أكثر المتعاطين لهذا النوع من العقاقير، إذ تشير جل  المعطيات في الصفحات التي اطلعنا عليها أو راسلناها، أن زبائنهم من النساء اللاهثات خلف الوزن المثالي، و من المهوسات بالجمال، اللائي يبحث معظمهن عن الجسم الرشيق و التخلص من الكمية الكبيرة من الدهون التي عجزن عن التخلص منها بشتى الطرق، بينما تبحث أخريات في هذه المواد، عن اكتساب كيلوغرامات إضافية يعتقدن أنها تزيد من جاذبيتهن، بينما تسعى بعضهن لنحت أجسامهن و الحصول على تفاصيل أنثوية مثيرة، باتت اليوم موضة شائعة وسط الشابات و المراهقات، فيما تقتني أخريات منتجات لنفخ الشفاه، و توريدها و توريد الوجنتين دون ماكياج و الكثير من الغايات الأخرى، بعيدا عن عمليات التجميل.
منتجات مجهولة المصدر و التركيبة تباع بأسعار خيالية
يتم تسويق هذا النوع من المنتجات في الغالب على شكل علب مغلقة مستوردة مباشرة من الجهة المصنعة و تحمل بعض البيانات المهمة، لكن بعضها يسوق بطريقة غريبة و مريبة، من خلال توزيع حبوب في علب بلاستيكية خاصة بالمخابر، لا تحتوي حتى على التركيبة و المكونات و أي معلومات أخرى، و يلصق عليها اسم دواء و تاريخ الصلاحية، حسبما أطلعنا عليه بعض الباعة على موقع فايسبوك، إلا أن ذلك لم يمنع ترويجها حسب شهادات بعض الزبونات اللائي أكدن للنصر أنهن تعاطين هذه العقاقير، و قلن إن رغبتهن في تحقيق غايتهن جعلتهن يغامرن في التعامل مع أشخاص مجهولين و تعاطي منتجات توصف بالمخيفة.
يتفق مروّجو هذا النوع من العقاقير التي يتسع سوقها في الجزائر بشكل مخيف، ويتزايد استهلاكها من طرف فئات كثيرة من النساء، وحتى بعض الرجال، على أن السعر يساوي النتيجة، حيث تباع بأثمان باهظة تقدر بالملايين أحيانا، فسعر علبة التسمين أو فاتح الشهية مثلا التي تحتوي على 240 حبة تضمن زيادة وزن 15 كلغ، حسبهم، تباع بمبلغ 7500 دينار جزائري.
علما أن الزبون يحتاج لأكثر من علبة لتثبيت الوزن، ويحتاجها مرة أخرى بعد فترة، لأنه يعود لوزنه الطبيعي تدريجيا، بينما تباع تحميلات جامو لنحت الجسم بمبلغ يتراوح بين 4000 إلى 7000 دينار، أي بمبلغ إجمالي يقدر بـ30 ألف دينار لشراء 4 علب من أجل الحصول على النتيجة المثالية، أما تسونامي المخصصة لنفس الغرض، فتباع علبتين منها بمبلغ 15000 دينار إلى 25000 دينار، حسب البائع.
وعلى الرغم من غلاء الأسعار و ارتفاعها بشكل جنوني، إلا أن الإقبال على هذه العقاقير كبير جدا، إذ أكدت بعض الزبونات أنهن حققن غايتهن بواسطة هذه الأدوية التي قلن إنها لم تؤثر كثيرا عليهن عند تناولها و شعرن فقط ببعض الإرهاق و التعب، فضلا عن الغثيان، أما عن طريقة الحصول عليها، فقلن إن معظم الباعة يتعاملون بالبريد السريع و الدفع عن طريق الحساب البريدي، بينما قد تباع يدا بيد بعد ضبط موعد مسبق و تحديد مكان التبادل، ففي عملية تشبه شراء ممنوعات يغامر الكثيرون بأموالهم و صحتهم، من أجل الحصول عليها بعيدا عن أعين الرقابة.
* مختصون في التغذية يؤكدون
لا أدوية سحرية و هذه العقاقير خدعة تدمر الجسم
قالت أخصائية التغذية الدكتورة آسيا آغا، إن اقتناء هذا النوع من العقاقير يشكل خطرا كبيرا على صحة من يتعاطونها، واقتناؤها في عبوات بلاستيكية مجهولة المكونات والمصدر خطأ فادح، يفترض تفاديه كليا، مؤكدة أن النتائج السريعة لهذه التركيبات، تأتي من اعتماد صانعيها على الهرمونات والكورتيكويد ومواد أخرى سامة تخلف في مجملها أضرارا كبيرة على صحة متعاطيها، خاصة صحة القلب، الكبد والكلى، إضافة لكونها تسبب هشاشة العظام، داعية للابتعاد عنها كليا والاعتماد على المواد الطبيعة للاكتساب أجسام سليمة.
من جانبها حذرت أخصائية التغذية بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، فريدة عواطي، من خطر تعاطي ما يصنف في خانة المكملات الغذائية التي تستعمل في التسمين أو التنحيف، وقالت بأن لا وجود لمكون سحري يعطي نتائج إيجابية في وقت قياسي، وبأن اكتساب وزن زائد أو التخلص منه، يحتاج إلى وقت طويل مع نظام غذائي صحي، تحت إشراف مختص في التغذية.
وأكدت الأخصائية بأن نقص وعي المتعاطين و غياب الرقابة وراء انتشار هذا النوع من المكملات الغذائية مجهولة المصدر، و بالنسبة لمكوناتها، أوضحت أن معظمها تتكون من مواد و أدوية خطيرة، خاصة الكورتيكويد الذي يتسبب في حبس الماء تحت الجلد، و بالتالي يحدث انتفاخ و ليس سمنة، فضلا عن احتوائها على مواد أخرى خطيرة كمادة السيبوترامين التي تؤدي إلى مضاعفات خطيرة منها النوبات القلبية و السكتات الدماغية، فضلا عن تدمير أهم عضو في الجسم و هو الكبد و كذا الكلى، خاصة إذا تم تعاطي هذه العقاقير بكميات كبيرة، باعتبار نتائجها تزول بعد فترة و يضطر الشخص لإعادة تناولها مرات عدة، و هو ما يهدد حياة الفرد و يؤدي بمرور الوقت إلى الموت.
* المديرة الجهوية للتجارة لناحية البليدة سامية عبابسة
هذه منتجات مهربة و نعمل على محاربتها بالتنسيق مع الأمن
أكدت المديرة الجهوية للتجارة لناحية البليدة السيدة سامية عبابسة، أن هذا النوع من العقاقير أو المنتجات يصنف في خانة المكملات الغذائية، وهي منتجات اعتبرتها غير مضمونة وغير آمنة.
وأشارت المسؤولة إلى أنها منتجات غير مرخصة للاستيراد، ويتم جلبها إلى الجزائر عن طريق التهريب، وهو ما يستدعي محاربتها عبر حجزها وإتلافها خلال العمليات التي تقوم بها مصالح التجارة، بالتنسيق مع المصالح الأمنية.  
أما في ما يخص المتاجرة الإلكترونية بهذه العقاقير أو البيع عن طريق فايسبوك، قالت بأنه غير قانوني، و يجب على البائع أن يحوز على عنوان إلكتروني معروف، و أن يكون مسجلا في المركز المحلي للسجل التجاري، و هذا ما لا يتوفر بالنسبة لمن يروّجون لهذه المنتجات على إنستغرام أو فايسبوك، مشيرة إلى أن المديرية كهيئة مختصة، تقوم بمراقبتهم، لكن بتحفظ، و ذلك من خلال البحث عن سجلاتهم التجارية وعناوينهم والولايات المعنية.
وأشارت السيدة عبابسة بأن مصالح الأمن لديها آليات مراقبة أكثر من المديرية في هذا الشأن، مضيفة أنها أشرفت خلال فترة تسييرها للقطاع بولاية بومرداس على العديد من التحقيقات الميدانية حول مواقع وهمية تروّج لمثل هذه المنتجات.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى