حمراء عنابة تعود إلى الرابطة الثانية بعد غياب دام 33 سنة
نجح فريق حمراء عنابة في اقتطاع تأشيرة الصعود إلى الرابطة الثانية، إثر فوزه عشية أول أمس على اتحاد تبسة في اللقاء الفاصل الذي جرى بسطيف، في مقابلة سارت
على وقع "سيناريو" دراماتيكي، لأن انتصار "الحمراء" كان من ضربة جزاء أعلنها الحكم لطفي بوكواسة في الدقيقة الأخيرة من المباراة، وتولى تنفيذها المهاجم يوسف
 عفايفية بطريقة تلاعبت بمشاعر أنصار الفريقين، لأن الحارس التبسي جاب الخير لمس الكرة، قبل أن تتسلل إلى شباكه.
روبورتاج : صالح فرطـــاس

هذا الإنجاز، مكن واحدة من أعرق المدارس الكروية على الصعيد الوطني عن نفض الغبار عن جزء من أمجادها الضائعة، لأن فريق حمراء عنابة كان قد رأى النور سنة 1944، وأهدى الولاية رقم 23 اللقب الوطني الوحيد إلى حد الآن، عند التتويج بكأس الجمهورية في جوان 1972، بجيل ترك بصمته الذهبية في سجل الكرة الجزائرية، في صورة عطوي، بوفرماس، مبراك، طاجات وغيرهم، ولو أن "الحمراء" غابت عن الأضواء منذ سقوط الفريق في نهاية موسم (1987 / 1988) إلى غياهب الأقسام السفلى تزامنا مع التغييرات التي طرأت على نظام المنافسة والهرم الكروية المعتمد وطنيا، ليكون الفوز المحقق أول أمس في مباراة "السد" كافيا لإعادة الفريق إلى الدرجة الثانية، بعد غياب دام 33 سنة.
ما حققته "الحمراء" جعل مدينة عنابة تمرر الاسفنجة على نكسة الفريق الأول للولاية، وفشله في التتويج باللقب في بطولة الرابطة الثانية، بدليل الأجواء الاحتفالية التي عاشتها بونة ليلة أمس، والتي أخذت طابعا مغايرا عند وصول حافلة الفريق إلى مدخل المدينة بضاحية سيدي عاشور في حدود الساعة الثانية فجرا، إذ كان الاستقبال في أجواء خرافية، في موكب كبير، جاب من خلاله "الأبطال" الشوارع الرئيسية للمدينة، مرورا بساحة الثورة، وصولا إلى أعلى "الكورنيش"، في أجواء ساهم في صنعها المئات من أنصار الاتحاد، طوت صفحة انتكاسة فريقهم المفضل، وقرروا الاحتفال بصعود الممثل الثاني للمدينة إلى نفس القسم، واستعادة أجواء "الديربي" من جديد الموسم القادم، بذكريات وطني الهواة في درجته الثالثة.
عودة مدرسة "الحمراء" إلى الوطني الثاني، بعد أزيد من ثلاثة عقود من الزمن تعد الخطوة الثانية تواليا في رحلة بحث هذا النادي العريق عن أمجاده الضائعة، والتي تمتد في أعماق تاريخ الكرة الجزائرية، لأن سلم النزول كان قد أجبر حمراء عنابة على السقوط مرتين متتاليتين، من وطني الهواة إلى الجهوي، لكن رياح التغيير التي هبت على النادي، بتنصيب لجنة مسيرة جديدة برئاسة يزيد بن تومي كانت كافية لتشغيل المصعد،  فكان الصعود من الجهوي بطريقة استعراضية بتقدير "ممتاز"، قبل أن تكون المرحلة الثانية بالنجاح في الاتخاذ من قسم ما قبل الرابطات كمحطة عبور إلى القسم الثاني، ولو بشق الأنفس بعد اللجوء إلى تنشيط مقابلة "السد".وقطفت الحمراء العنابية، ثمار الاستقرار الكبير الذي تعيش على وقعه في آخر موسمين، لأن السياسة المنتهجة مبنية بالأساس على الاستثمار في الكفاءات العنابية، انطلاقا من الطاقم الفني بقيادة الثنائي الدولي السابق رابط وبوعصيدة، مرورا بالمناجير العام عادل معيزة، الذي دعم التركيبة هذا الموسم، حاله حال رئيس فرع كرة القدم جمال مصدق، وصولا إلى التعداد، الذي يتشكل من عناصر كلها من أبناء المنطقة، بعد الاحتفاظ بغالبية الركائز التي كانت قد حققت الصعود من الجهوي الأول. وكان مشوار "الحمراء" هذا الموسم "استثنائيا"، لأن التشكيلة دخلت مباشرة في صلب الموضوع، واحتكرت عرش الصدارة منذ الجولة الأولى، لكن التراجع المسجل في مرحلة الإياب أجبرها على التنازل عن مشعل القيادة لنصر الفجوج، قبل انتظار الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة لاستعادة الريادة، وبلوغ المقابلة "الفاصلة".

التعداد الكامل للفريق لموسم 2020/ 2021
حراس المرمى:  بوعزيزي رابح – شاحي محمد لمين – فرطاس علاء الدين.
الدفاع: رياض بوعصيدة – رابط زين الدين ـ حمزة صياد – طايف أسامة – صدوقي منير– عمار خلوفي ـ  أنيس سويد ـ زهير حجيلة ـ ربعي سعيد صالح ـ حمزاوي مصطفى .
وسط الميدان: سليمان زروقي – نصر الدين باشا – نجم الدين مناصر ـ عبد المالك بن سليمان ـ أسعد عباسي ـ ياسين عايش قربوعة ـ مخوخ أمين ـ مليك مغناي ـ محمد علي بن شويب.
الهجوم:– مراح محي الدين ـ يوسف عفايفية – حسام الدين ملوش – حسام برباق –  أشرف براق ـ أيمن غناي ـ تامر شويشي ـ علاء الدين معيزي ـ بوكعيل يعقوب ـ عبد النور سويب.
رئيس النادي: يزيد بن تومي.
رئيس الفرع: جمال مصدق.
المدرب الرئيسي: حسين رابط.
المدرب المساعد: كمال بوعصيدة.
مدرب الحراس: مهدي بن عبد القادر.
المناجير العام: عادل معيزة.
الكاتب العام: عبد الحميد شليق.
المكلف باللوجيستيك: زايدي مخوخ.
الطبيب: محمد الطاهر عطوي.

رئيس النادي يزيد بن تومي للنصر
قطفنا ثمار التغيير في سياسة التسيير المنتهجة
أكد رئيس النادي يزيد بن تومي على أن النجاح في اقتطاع تأشيرة الصعود إلى الرابطة الثانية كان مستحقا، بالنظر إلى المشوار الذي أداه الفريق هذا الموسم، ولو أننا ـ كما قال ـ " لم نكن نراهن على هذا الهدف، لأن نمط المنافسة الذي تم اعتماده فتح الباب أمام جميع الفريق للتنافس على الصعود، في بطولة مصغرة من 14 جولة".
وأوضح بن تومي للنصر، بأن تاريخ حمراء عنابة يجعل هذا الانجاز أمرا عاديا، لأن عراقة النادي تدفع بنا ـ على حد تعبيره ـ " إلى التفكير بجدية في السعي لاستعادة مكانة ضمن حضيرة الكبار، لكن الغياب عن دائرة الأضواء لسنوات طويلة حصر انشغالنا في كيفية الخروج من الأقسام السفلى، والأمر كان في غاية الصعوبة، لأن السقوط مرتين متتاليتين أجبرنا على إعادة النظر في السياسة التي كانت منتهجة في التسيير، مع محاولة وضع أسس صحيحة لتحقيق انطلاقة بنفس جديد".
إلى ذلك، اعترف رئيس حمراء عنابة بأن مشوار فريقه كان في غاية الصعوبة، بالتواجد في فوج مصغر يضم 8 أندية، مع طغيان طابع "الديربي" على اغلب المباريات، كما أن التفكير ـ حسبه ـ " في خوض بطل الفوج لمقابلة فاصلة زاد من درجة الضغط النفسي المفروض على اللاعبين، رغم أننا خرجنا من المرحلة الأولى أبطالا بشق الأنفس، في ظل تواصل التنافس على اللقب إلى غاية آخر ثانية من عمر الموسم".
وختم بن تومي حديثه بالتأكيد على أن العودة إلى الرابطة الثانية يتماشى والأهداف التي كان قد سطرها عند موافقته على رئاسة النادي قبل سنتين، لأننا ـ كما استطرد ـ " كنا نراهن على إعادة هيكلة النادي، باستخلاص العبر من الدروس القاسية التي كانت في المواسم القليلة الماضية، والعودة إلى هذا المستوى تجبرنا على بذل قصارى الجهود للمحافظة على الانجاز المحقق، قبل رفع عارضة الطموحات عاليا، ونفض الغبار عن تاريخ "الحمراء" يتيح الفرصة لأكبر عدد ممكن من شبان المنطقة للعب في أعلى المستويات، وهذا أمر كفيل بالاستثمار في المواهب الكثيرة التي تزخر بها عنابة"
ص/ف

مدرب الفريق حسين رابط للنصر
الصعود أغلى هدية لروح الفقيد مبراك
ما تقييمك للمشوار الذي أداه الفريق، والذي كلّل بالعودة إلى الرابطة الثانية؟
برمجة المقابلة الفاصلة كان أبرز عقبة في هذا المشوار، وقد شاءت الصدف أن تكون هذه المباراة بين فريقين من خيرة المدارس الكروية على مستوى الجهة الشرقية من الوطن، ولم يكن من السهل معايشة الضغط النفسي الرهيب المفروض على كل الأطراف في مثل هذه المواعيد، ليكون النجاح في اقتطاع تأشيرة الصعود ثمرة المجهودات الجبارة المبذولة على مدار موسم كامل، مع التحسر لفريق اتحاد تبسة، الذي يستحق بدوره الصعود، إلا أن نمط المنافسة فرض علينا المرور عبر هذه المحطة، على اعتبار أن التتويج باللقب على مستوى الفوج كان أمرا صعبا، في وجود منافسة شرسة، وفترة الفراغ التي مر بها فريقنا في بداية مرحلة الإياب كادت أن تكلفنا غاليا، لولا أننا نجحنا في تدارك الوضع في آخر منعرج من السباق.
لكن المقابلة الفاصلة لم ترق إلى المستوى المطلوب، والصعود كان من كرة ثابتة؟
مثل هذه المباريات تكون دوما مغلقة، بتوخي الحيطة والحذر، رغم أن فريقنا كان الأحسن في الشوط الأول، وقد كنا قادرين على أخذ الأسبقية في النتيجة بالنظر إلى الفرص التي أتيحت لمهاجمينا على قلتها، لكن مع مرور الوقت زادت درجة الضغط النفسي في الارتفاع من الجانبين، ولو أنني شخصيا كنت قد تكهنت بهذا "السيناريو"،وكنت قد تحدثت مع بعض المسيرين قبل انطلاق المقابلة بثلاث ساعات من الزمن، وصرحت بأننا سنفوز في آخر دقيقة من المباراة، وهذا ما حصل فعلا، وهذا التكهن الشخصي كان نابعا بالأساس من الضغوطات التي عشناها منذ انطلاق تحضيراتنا لهذه المواجهة، وتجسيده الميداني كان بعد الحصول على ضربة جزاء، في وقت جد حساس، لأننا كنا نتأهب لخوض الشوطين الإضافيين.
وكيف ترى مستقبل "الحمراء" بعد هذا  الانجاز؟
ما حققناه هذا الموسم يتماشى والأهداف التي كان قد سطرها الرئيس بن تومي عند قيادته النادي، رغم أنه كان قد راهن على ذلك على المديين المتوسط والطويل، لكن الاستقرار الكبير المسجل في التركيبة البشرية سمح لنا بتحقيق الصعود الثاني تواليا، لنتدارك بذلك "نكسة" السقوط التي كان الفريق قد راح ضحيتها عند سقوطه مرتين من وطني الهواة إلى الجهوي بفعل نشاط "الكواليس"، ليبقى هذا الصعود أغلى هدية يمكن أن نقدمها لروح الفقيد احمد مبراك، خاصة وأنه تحقق عشية الذكرى الأولى لوفاته، لأنه كان يضع "الحمراء" في صدارة أولوياته، سعيا منه لرد الاعتبار للفريق الذي تقمص ألوانه طيلة مشواره الكروي، وقد أوصاني بضرورة العمل على إعادة الفريق على مكانته مع الكبار، كونه لم يتقبل الطريقة التي كان بها السقوط، والآن ما علينا سوى رسم خارطة الطريق الخاصة بالمرحلة القادمة، لأن القسم الثاني صعب للغاية، وضمان البقاء فيه أمر في غاية الصعوبة، والتعداد الحالي يبقى بحاجة إلى تدعيم، رغم أن الحديث عن هذا الجانب يعد أمرا سابقا لأوانه، لأننا بحاجة إلى فترة راحة لاسترجاع الأنفاس، قبل الشروع في العمل الميداني من جديد، وهدفنا لن يتجاوز عتبة المحافظة على هذا المكسب، لأن حمراء عنابة غابت عن هذا القسم لسنوات طويلة.                          ص/ف

الرجوع إلى الأعلى