أكّد مختصون في الاقتصاد بأن الجزائر تملك مؤهلات في عدة قطاعات لترقية الصادرات خارج المحروقات، وشددوا في ندوة النصر على هامش ملتقى وطني احتضنته جامعة البليدة 2 مؤخرا على ضرورة الاستثمار في مجال النقل واللوجيستيك للوصول بالمنتوج الجزائري إلى العمق الإفريقي، كما لفتوا إلى ضرورة معالجة ملف ترقية الصادرات خارج المحروقات بطرق اقتصادية وليست مالية ونقدية، واقترحوا في نفس الوقت استحداث لجان لمرافقة المصدرين لإزالة كل المعوقات التي تقف أمامهم في تصدير سلعهم.
أدار الندوة: نورالدين عراب

البرفيسور ياسين قاسي مدير مخبر التنمية الاقتصادية والبشرية
يجب اعتماد إطار تشريعي لحماية  المؤسسات الجزائرية
أكّد  مدير مخبر التنمية الاقتصادية والبشرية في الجزائر البروفيسور ياسين قاسي بأن الجزائر تتوفر على عدة مؤهلات لتنويع الصادرات خارج المحروقات، وقال الجزائر تتوفر على مؤهلات في جميع القطاعات، بحيث تمتلك يدا عاملة مؤهلة وماهرة، كما تمتلك مقومات مادية ومواد أولية، وفي نفس الوقت منتجاتها تتمتع بجودة ومواصفات عالمية جعلتها تصل إلى دول الخليج وأمريكا.
ودعا البروفيسور قاسي إلى التفكير في آليات لتنويع الصادرات خارج المحروقات مع ما تزخر به الجزائر من مقومات في قطاعات عدة، وقال تنويع الصادرات خارج المحروقات يجب أن لا يبقى مجرد شعار بل يجب تجسيده في الواقع الاقتصادي، كما دعا نفس المتحدث إلى تفعيل قطاع الخدمات والسياحة بتشجيع السياحة الداخلية باعتبارها أحد الحلول لتحريك هذا القطاع، مضيفا بأن الجزائر تتوفر على سلع وخدمات لها ميزة مطلقة يمكن استغلالها، وفي نفس الوقت دعا إلى التركيز في التصدير على دول الجوار ثم إفريقيا، وقال يجب على وزارة التجارة الاهتمام بهذا الأمر إذا أردنا اختصار المسافات لتحقيق ما نريد.
من جهة أخرى دعا البروفيسور ياسين قاسي إلى اعتماد تأطير قانوني لحماية الصادرات،  خاصة في مجال التحكيم الالكتروني وعواقبه، مشيرا إلى أن الجزائر تخسر ملايير الدولارات التي تدفع كتعويض للمستثمرين الأجانب، وأكد على ضرورة اعتماد إطار قانوني  تشريعي لحماية المؤسسات الجزائرية.

أستاذ الاقتصاد الدكتور أمين تمار
تخفيض سعر الصرف لا يؤثر على الصادرات
أكّد الدكتور أمين تمار المختص في الاقتصاد بأن تخفيض سعر الصرف لا يؤثر على الصادرات في الجزائر، وقال إن تدخل الدولة في الجزائر وباقي الدول النامية لتخفيض سعر العملة ومعالجة الاختلال في الميزان التجاري سياسة غير مجدية على عكس الدول المتقدمة.
وكشف الدكتور تمار عن دراسة قام بها تتعلق بأثر سياسة تخفيض العملة على الصادرات في الفترة مابين 1990 و2019، وتمثل هذه الدراسة نظرة استشرافية كان الهدف منها دراسة أثر سعر الصرف وتخفيض العملة على الصادرات، وهل يعتبر ذلك كحل فعلي للصادرات الجزائرية.
وقال إنه توصل إلى نتيجة مفادها أن تخفيض سعر العملة لا يؤثر على الصادرات، رغم أن الصادرات الجزائرية تعتمد على البترول بدرجة أولى، أو تعتمد على مادة أحادية وهي النفط، وأوضح نفس المتحدث بأنه نظرا لعدم جدية هذه السياسة وجب الاعتماد على أساليب أخرى لترقية الصادرات منها السياحة، قطاع الطاقات المتجددة، الفلاحة، مضيفا بأن السلطات في الوقت الراهن أمام تحدي معالجة انهيار سعر الصرف بدل استعماله كآلية لمعالجة الاختلال في الميزان التجاري.
وأوضح تمار بأن العملة في الجزائر تعتمد على سعر الصرف المعوم والمدار، وتقريبا هو سعر صرف إداري وليس له دور يلعبه في معالجة الاختلال أو القيام بسياسة اقتصادية، مضيفا بأن الخيار المالي غير متوفر في الوقت الراهن في الجزائر في ظل الاعتماد على الاقتصادي الريعي بنسبة 95 بالمائة، في حين 5 بالمائة من الصادرات هي عبارة عن منتوجات غير مرنة لا تغير في سعر الصرف ولا تؤثر فيه، مثل إنتاج التمور، وبعض الصناعات التحويلية لا تِثر على الصادرات الجزائرية، وهذا ما ترك حسبه السلطات الجزائرية تقع في إشكالية حالة اقتصادية تسمى  بالمرض الهولندي أو العلة الهولندية، ويقصد بها البلد الأحادي التصدير أو البلد الذي يعتمد على منتوج واحد للتصدير وبالتالي يكون رهنية ذلك المنتوج، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار البترول إلى مستويات متدنية مع أزمة كورونا ترك الاقتصاد رهنية لهذه الأسعار، داعيا إلى ضرورة تنويع في الصادرات بالاعتماد على قطاعات مختلفة  لتجعل الاقتصاد لا يتأثر بانهيار أسعار البترول، ويمكن تغطية العجز بصادرات أخرى.
وأكد الدكتور تمار بأن الجزائر أمام تحدي ترقية الصادرات خارج المحروقات بطرق اقتصادية بدل الطرق النقدية والمالية، وقال بأن معالجة هذا الاختلال يتم بتنويع الصادرات وتشجيع القطاعات المختلفة، وعدم التركيز على التصدير الأحادي المعتمد على مادة واحدة وهي البترول.
وأضاف الدكتور تمار بأن الجزائر تتوفر على عدة مؤهلات لترقية الصادرات بطرق اقتصادية ومنها تشجيع قطاع الفلاحة، حيث تتوفر الجزائر على إمكانيات كبيرة في هذا المجال خاصة الإمكانيات الجغرافية والطبيعية، إلى جانب ترقية الصادرات من خلال السياحة، مشيرا إلى أن الجزائر تمتلك إمكانيات عديدة ومقومات سياحية كبيرة، كما يمكن حسبه ترقية الصادرات عن طريق الصناعات الإنتاجية.

الدكتور حمزة العرابي أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة 2
يجب الاستثمار في النقل واللوجيستيك للوصول إلى العمق الإفريقي
دعا أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة 2 الدكتور حمزة العرابي إلى الاستثمار في النقل واللوجيستيك من أجل الوصول إلى العمق الإفريقي واقتحام السوق الإفريقية، وقال إن الجزائر لها منفذ بري في العمق الإفريقي، مشيرا إلى أن اقتحام السوق الإفريقية يتطلب استثمارات في النقل البحري، وقال مهما كانت كميات المنتجات التي تصدر عن طريق النقل البري أو الجوي لن تكون بنفس حجم النقل البحري، مشيرا إلى وجود عمل تقوم به الجزائر مع موريتانيا في مجال النقل البحري، ودعا المتحدث إلى استغلال العلاقات الدبلوماسية مع دول الجوار خاصة موريتانيا للاستثمار في ميدان النقل، كما يمكن للجزائر حسبه أن تدخل في شراكة مع موريتانيا لإنجاز ميناء مشترك الذي يمكن من خلاله للجزائر غزو العمق الإفريقي، وأثنى الدكتور العرابي على مشروع إنجاز ميناء الحمدانية بشرشال، مؤكدا بأن تحول الجزائر إلى بلد قوي وبوابة لإفريقيا يتطلب القيام بأمور عملية، ومنها مشروع ميناء الحمدانية، داعيا إلى وضع خطة زمنية لإنجاز أسطول بحري باستثمار طويل الأجل حتى تتمكن الجزائر من تحقيق الاستقلالية الذاتية والوصول إلى أي بلد في العالم، كما أثنى الدكتور العرابي على أهمية القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخرا والقاضي بتعين ملحق اقتصادي بسفارات الجزائر بالدول الأجنبية، وقال إن هذا المنصب ضروري وشاغله مسؤول على جلب أسواق خارجية للمنتوج الجزائري.
من جهة أخرى أوضح المتحدث بأن ترقية الصادرات خارج المحروقات تتطلب الأخذ بعين الاعتبار عدة متغيرات داخلية وخارجية، مشيرا إلى أن المؤسسة القوية داخليا يمكنها المنافسة خارجيا، مضيفا بأن ترقية الصادرات خارج المحروقات يجب أن تحمل نظرة قصيرة وفي نفس الوقت طويلة الأجل، مضيفا أن المخرجات يجب أن تكون قصيرة الأجل من أجل تحريك الميزان التجاري ورفع الصادرات خارج المحروقات، وفي نفس الوقت يكون هناك عمل على المدى البعيد والمتوسط وازدواجية النظرة، وأشار نفس المتحدث إلى أن على المستوى القصير هناك اقتراحات طالب بها المختصون منذ 4 سنوات، وتجسدت اليوم على أرض الميدان، ومنها تخفيض قيمة تعريفات النقل الجوي، مشيرا إلى أن شركة الخطوط الجوية الجزائرية قدمت حاليا تعريفات تحفيزية للمصدرين من أجل غزو الأسواق الخارجية، ويساعد ذلك حسبه في إرسال كميات صغيرة من أجل اكتشاف الأسواق الخارجية، وقال ما قامت به الخطوط الجوية الجزائرية من تقديم تعريفات تحفيزية للمصدرين يعطي جرعة لهم من أجل غزو الأسواق الخارجية، و توقف عند مشكل التعامل البنكي وتحويل العملة وتحول بعض القوانين في السنوات السابقة إلى مصدرترهيب للمصدرين خصوصا إذا قام بعملية التصدير ولم تدخل الأموال في حينها، وقد يجر ذلك المصدر إلى السجن، وتحدث عن تسجيل حالات لمصدرين تمت متابعتهم قضائيا لهذا السبب وحكم عليهم بالسجن، مشيرا إلى أن هذا الأمر تم حله مؤقتا.
وبخصوص التحفيزات الضريبية للمصدرين، قال الدكتور العرابي يجب أن تشمل أيضا المؤسسات الوطنية ولا تقتصر على المصدرين فقط.

عبد الكريم بوروبة رئيس الغرفة الإقليمية بمجلس المحاسبة   
 يجب استحداث لجان لمرافقة المصدرين
دعا رئيس الغرفة الإقليمية للجزائر بمجلس المحاسبة عبد الكريم بوروبة إلى استحداث لجان لمرافقة المصدرين، وإحداث تنسيق بين كل الهيئات التي لها صلة بميدان التصدير، خاصة الجمارك، البنوك ووزارة التجارة، وتكون هناك لجان مرافقة للمصدر، مضيفا بأن كل الهيئات اليوم تعمل بصفة مستقلة عن الأخرى، وهذا ما جعل بعض المصدرين يبقون تائهين ويجدون عراقيل في تصدير سلعهم، كما دعا نفس المتحدث إلى التعريف بالهيئات التي تساهم في معالجة قضايا التصدير سواء بالتقييم، المسايرة، المرافقة أو المراقبة، لأن المصدر يجب أن يعرف حسبه المحيط الذي يعيش فيه، وإذا لم يتعرف على هذا المحيط يبقى تائها ويجد عراقيل في التصدير.
من جهة أخرى دعا نفس المسؤول إلى ترقية التسيير العمومي من أجل مسايرة فعالة وناجعة للمصدر الذي يبقى في بعض الأحيان تائها ولا يعرف أين يرفع شكواه في القضايا المتعلقة بالتصدير، مضيفا بأن مجلس المحاسبة مطلوب منه أن يساهم في إيجاد الحلول ومساعدة المصدرين.
ن ع  

الرجوع إلى الأعلى