• تاريخ "الحمراء" جعل الصعود مجرد إجراء شكلي
• انتهاج إستراتيجية مبنية على أسس صحيحة مفتاح النجاح
اعتبر رئيس حمراء عنابة، يزيد بن تومي، عودة الفريق إلى الرابطة الثانية بمثابة خطوة في رحلة البحث عن الأمجاد الضائعة لواحدة من أعرق المدارس الكروية على الصعيد الوطني، لكنه أكد بالموازاة مع ذلك بأن الواقع الميداني يضع المعطيات التاريخية جانبا، وأن انتهاج إستراتيجية عمل مبنية على أسس صحيحة يبقى مفتاح النجاح، دون اللجوء الى التمسك بالانجازات التاريخية التي حققتها الأجيال السابقة.
وأشار بن تومي، في حوار خص به النصر، بأن نجاح "الحمراء" في نفض الغبار عن جزء من تاريخها كان بفضل السياسة التي تم اعتمادها على مدار موسمين، ليبقى الاستقرار ـ على حد قوله ـ "أهم عامل ساهم في العودة بالفريق إلى الرابطة الثانية بعد غياب دام 33 سنة، والمحافظة على هذا المكسب لن تكون بسهولة، بل تتطلب عملا جبارا لضمان البقاء في القسم الثاني لفترة أطول".
ما تعليقك على الصعود الذي حققه الفريق، وذلك بالنجاح في العودة إلى الرابطة الثانية؟
تاريخ حمراء عنابة، يجعل هذا الإنجاز مجرد إجراء شكلي، بالنظر إلى ما حققته الأجيال السابقة، خاصة عند التتويج بكأس الجزائر سنة 1972، بفضل جيل ذهبي كان قد أهدى الكرة العنابية اللقب الوطني الوحيد يبقى يرصع سجلها إلى حد الآن، لكن الواقع الميداني الحالي يغلق كلية باب المقارنة، لأن أمجاد الماضي تبقى عبارة عن ذكريات غالية لا يمكننا سوى أن نتحدث عنها كتاريخ لمدرسة كروية عريقة، بدليل أن "الحمراء" عانت لعدة عقود من الزمن في الأقسام السفلى، وسقوطها قبل سنتين إلى الجهوي الأول كان كافيا لتحريك مشاعر بعض الغيورين، فكانت موافقتي على تولي رئاسة النادي بنية المساهمة في إعطاء دفع جديد للفريق الذي كان مهددا بالإندثار والزوال، وذلك بهدف المحافظة على واحد من رموز الولاية في الساحة الرياضية، لتكلل سياسة العمل التي انتهجناها بالصعود في مناسبتين، وإعادة الفريق إلى الرابطة الثانية، والتي غاب عنها لمدة 33 سنة، وهذا الهدف تحقق بفضل تظافر جهود الجميع، من لاعبين، مدربين ومسيرين.
لكن مشوار الفريق عرف الكثير من العقبات، والصعوبة الأكبر كانت في مباراة السد، أليس كذلك؟
الحقيقة التي لا يمكنني إنكارها أننا لم نسطر الصعود كهدف، لأن نمط المنافسة الذي تم اعتماده بصورة استثنائية كان صعبا للغاية، باللعب في فوج من 8 فرق، على أن يخوض البطل مقابلة "فاصلة"، والمجموعة التي لعبنا فيها كانت تضم فرقا عريقة، منها ترجي قالمة، شباب الذرعان واتحاد الحجار، دون تجاهل طابع "الديربي" الذي تكتسيه جميع المباريات، وعليه فقد دخلنا أجواء المنافسة بنية تفادي العودة السريعة إلى الجهوي، مع تسيير المشوار مقابلة بمقابلة، قبل ان تكبر الطموحات مع تقدم المنافسة، بفضل سلسلة النتائج الإيجابية المسجلة، ولو أن المعطيات انقلبت مع بداية مرحلة الإياب، سيما بعد الانهزام المفاجئ الذي كان في عقر الديار أمام نصر الفجوج، إلا أننا لم نفقد الأمل، وتمسكنا بكامل حظوظنا في الصعود، فانتزعنا لقب أبطال الفوج عن جدارة واستحقاق في آخر جولة من البطولة، ليتحول تفكيرنا إلى مباراة "السد" أمام اتحاد تبسة، في صيغة كانت في نظري الشخصي "مجحفة"، غير أنها كانت من العواقب الحتمية لمخلفات الأزمة الوبائية، وقد حققنا الصعود بعد مقابلة تلاعبت بمشاعرنا، كيف ولا هدف التتويج كان من ضربة جزاء في آخر دقيقة من عمر اللقاء، فقطفنا ثمار تعب موسم شاق، لم يكن من السهل الخروج منه بتأشيرة الصعود.
وماذا عن الوضعية المالية، بعد النجاح في تحقيق هذا الانجاز؟
كل المتتبعين لحمراء عنابة، يدركون بأن تغطية مصاريف الموسم كانت من المال الخاص لرئيس النادي، وكذا رئيس فرع كرة القدم جمال مصدق، لأن هدفنا كان مرتكزا على الاستثمار في المعطيات الراهنة، سعيا لمواصلة مسار الفريق بنفس "الديناميكية"، على أمل النجاح في استعادة جزء من الأمجاد الضائعة، رغم أنني شخصيا أفضل وضع المعطيات التاريخية على الهامش، والتركيز على الواقع الميداني الحالي، لأن "الحمراء" تبقى لها مكانتها في تاريخ الكرة الجزائرية، غير أنها غابت عن الساحة منذ فترة طويلة بسبب مشكل التمويل، وما حققناه في ظرف موسمين لم يكن هدية، بل ثمرة عمل جبار قمنا به على جميع الأصعدة، كلل بالصعود من الجهوي إلى الرابطة الثانية في ظرف زمني قياسي، بعدما كان الفريق قد تجرع مرارة السقوط بنفس الكيفية، ومثل هذه الانجازات لا تقدر قيمتها بثمن، رغم أننا مازلنا نتخبط في بعض المشاكل المتعلقة بمستحقات اللاعبين، وإعانة الوالي كانت بمثابة جرعة أوكسجين، في انتظار تحرك باقي الأطراف لتقديم يد المساعدة.
في ظل هذه الظروف، كيف ترى مستقبل الفريق في الرابطة الثانية؟
مما لا شك فيه، أن هدفنا الموسم القادم لن يتجاوز عتبة السعي للمحافظة على المكسب المحقق، وذلك بالبحث عن ضمان البقاء بكل أريحية في الوطني الثاني، مع مواصلة تسيير شؤون النادي وفق الاستراتيجية التي انتهجناها منذ موسمين، والمبنية بالأساس على الاستقرار، لضمان الاستمرارية في العمل، وكذا توفير الأجواء الكفيلة بتحفيز العناصر الشابة من أبناء المنطقة على الدفاع بجدية عن ألوان واحد من أعرق النوادي على الصعيد الوطني، لأن معطيات بطولة الوطني الثاني مختلفة عن تلك الخاصة بقسم ما بين الرابطات، وبالتالي لا يمكن أن ننظر إلى المستقبل من زاوية تفوق إمكانيات النادي، خاصة من الناحية المادية.
حــاوره: ص / فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى