استبدل الكثير من الأساتذة الملاحظات الكلاسيكية لتقييم تلاميذهم،  في أوراق الفروض و الاختبارات و كذا في كشوفات النقاط ، التي كانت في مجملها ملاحظات جافة خالية من أي تحفيز،و حلت مكانها عبارات و جمل مشجعة و مفردات مفعمة بالأمل، لتعزيز ثقة التلميذ في نفسه على غرار « أحسنت يا بطلي»، « أنت قادر على تقديم الأفضل»،  « لك من الإمكانيات ما يجعلك الأفضل» و غيرها .
و استحسن أولياء و أخصائيون هذا المنهج في تقييم التلاميذ، و ما يترتب عنه من نتائج إيجابية في سلوك و مردودية المتمدرسين.
« أحسنت أيها البطل»و غيرها لتعزيز ثقة التلميذ
يكتب الأساتذة على كشوفات تلاميذهم، أو على أوراق الاختبارات و الفروض، عدة عبارات تحفيزية على غرار « تستطيع تقديم الأفضل « ،» ستنجح بإذن الله»  «أحسنت أيها البطل «، و غيرها من الملاحظات باللغتين العربية و الفرنسية ، من أجل تشجيع التلاميذ المجتهدين و منحهم جرعة من الثقة في النفس، لتقديم الأفضل، و يبدع بعض المعلمين في كتابتها بخط جميل ملفت للانتباه ، مع انتقاء المفردات التي يكون لها وقع طيب على التلميذ.
كما أن غير النجباء من التلاميذ  أصبح لهم  نصيب من هذه العبارات  التي تحشد الهمم، لتقديم الأفضل في المراحل القادمة من مسارهم التعليمي، بدل الملاحظات الكلاسيكية التي لا تخلو من الانتقاد،  مثل «تلميذ ضعيف» أو» نتائج هزيلة» و ما إلى ذلك من العبارات التقليدية.

 الكثير من المدرسين استبدلوا  العبارات الكلاسيكية بأخرى مشجعة مثل «  أعلم انك قادر على تقديم الأحسن» ،» ستنجح بإذن الله» و غيرها، و انتشرت ظاهرة الملاحظات التحفيزية بكثرة بين الأساتذة و المؤسسات التربوية، كطريقة جديدة يتم انتهاجها للدفع بالتلميذ لتقديم الأحسن، مهما كانت نتائجه.
تربويون يُؤكدون نجاعة هذه الطريقة
 أكد السيد وليد قرين، مدير ثانوية السعيد بومعراف ببلدية بني حميدان في قسنطينة ، أن العبارات التحفيزية لها مفعول سحري على التلميذ ، و هو ما سجله رفقة الطاقم التربوي العامل في المؤسسة ، حيث تساهم بشكل كبير الملاحظات التشجيعية التي يدونها المعلم للتلميذ في تحسين مستواه التعليمي من فصل لآخر ، و تحديدا بالنسبة لمن لهم مستوى ضعيف أو متوسط ، حيث تولد لديهم  تلك العبارات، دوافع نفسية قوية لتحسين مردودهم التعليمي و الإيمان بقدراتهم الفكرية.
  و أضاف المتحدث للنصر، أن كل المدرسين في مؤسسته ينتهجون هذا الأسلوب منذ سنوات، و هو ما يعكس النتائج المميزة للمؤسسة ، حيث اعتلت الثانوية لأكثر من مرة سلم الترتيب في نسبة النجاح في شهادة البكالوريا بالولاية.
و كان لها الحظ أكثر من مرة أن يكون صاحب أعلى معدل ولائي من تلاميذها، و يحث الأساتذة على إتباع هذا الأسلوب، خاصة في الأقسام النهائية، كما تضع المؤسسة قائمة من الملاحظات المشجعة ليستعين بها الأساتذة.
و أكدت الأستاذة رتيبة قريني، أستاذة العلوم الفيزيائية بثانوية السعيد بومعراف ببني حميدان، للنصر، أنها تعتمد على هذا الأسلوب منذ سنوات، و ترى أن  له  أثر سحري على التلاميذ، و يحسن مستواهم، خاصة تلاميذ أقسام البكالوريا.
و أضافت أن هذا الأسلوب يوطد علاقة التلميذ أستاذه، مشيرة إلى أنها تتعمد كتابة ملاحظات تحفيزية بأسماء تلاميذها،  بناء على شخصية كل واحد منهم و طباعه و قدراته التعليمية،  مثلا « عبد الوكيل أنتظر منك الأفضل» أو « سناء الفرصة لا تزال أمامك للنجاح» أو «ما تمتلكه من قدرات يا علي، تمكنك من تحقيق الأفضل»،  و هي الملاحظات التي كان لها وقع إيجابي على نفسية التلاميذ حسب قولها  ،  و تجعلهم يحبون مادة الفيزياء رغم ما يواجهونه من صعوبات في الفهم.
 

و ذكرت الأستاذة قريني في حديثها للنصر، أن هناك تواصل دائم بين أساتذة القسم ، ضمن خلية الإصغاء لمناقشة وضعية كل متمدرس على حدا ، و كذا الملاحظات التي يسجلها كل أستاذ على تلاميذ القسم حالة بحالة ،  و إذا لحظوا تراجع مستوى أي تلميذ، يتم البحث عن الأسباب من أجل التدخل لإيجاد حلول، سواء تعلق الأمر بمشاكل مادية أو صحية و غيرها .
و قالت أستاذة اللغة العربية بثانوية السعيد بومعراف ، سميحة محسن ، للنصر، أنها منذ حوالي سبع سنوات، بدأت تدون ملاحظات تختلف عن الكلاسيكية المعروفة، لا تخلو من عبارات التشجيع و التحفيز ليقدم التلاميذ  أحسن ما عندهم خلال مسارهم الدراسي ، مثل « عليك باستغلال قدراتك أحسن استغلال» و «ننتظر منك الأفضل يا بطل « و أخرى ، و كلها عبارات تشعره بأهمية الدراسة و ضرورة استغلال قدراته الكامنة، بغية النجاح و التفوق.
و ترى المتحدثة أن هذه العبارات لها مفعول سحري ، إذ تساعد على رفع معنويات التلميذ،  و هناك الكثير من الأمثلة لتلاميذ تحسن مردودهم بفعل هذه العبارات، بشهادة المعلمين و الأولياء معا ، لأنها تولد دافعا نفسيا و تحديا داخليا عند المتمدرس، خاصة ممن تعثروا في الفصل السابق.
و أضافت أن الكثير من الأساتذة في مختلف الأطوار، أصبحوا يعتمدون هذه الطريقة،  كما أن المؤسسات التعليمية تترك للأستاذة حرية انتقاء الملاحظات التي تخدم نفسية التلاميذ و ترفع معنوياتهم، لتحسين نتائجهم المدرسية.
أولياء يدعون إلى تعميمها

ثمن عدد من الأولياء ممن تحدثت إليهم النصر ، ما يتبعه الكثير من الأساتذة مع تلاميذهم، للدفع بهم لتقديم الأفضل و تحفيزهم بشتى الطرق ، أبرزها عبارات المدح التي يكتبونها على أوراق  الفروض أو التقييم و في كشوفات النقاط الفصلية.
و ترى السيدة سارة فيلالي، أم لأربعة أبناء، يدرس اثنان في الطور المتوسط و إثنان في الابتدائي ، أنها تستحسن ما يدونه بعض المعلمين في دفاتر أبنائها خاصة في الطور المتوسط ، و التي تترك أثرا إيجابيا في نفوسهم و تولد دافعا عند الطفل لتقديم الأفضل ، و رفع التحدي لتحصيل نتائج مرضية.
و أضافت السيدة سارة، و هي أم ماكثة بالبيت، أن من أهم  الملاحظات التي لفتت انتباهها ملاحظة الأستاذ في كشف نقاط  ابنتها رحمة،  المتمدرسة في السنة أولى متوسط و الحاصلة على  معدل 17 من 20، حيث كتب « أحسنت  كنت واثقا أنك ستفعلينها».
 و هناك الكثير من الأمثلة عن ملاحظات المدح و الإطراء التي ترى كأم أن  تأثيرها قوي على أبنائها، مثل « بوركت علما و خلقا « و « تستطيع القيام بأفضل من هذا « و غيرها.
 و قالت السيدة ب/ إيناس، عاملة و أم لبنتين ، أن ابنتها الكبرى التي نجحت في شهادة التعليم الابتدائي هذا العام، غالبا ما تهتم بما يكتبه معلموها من ملاحظات أمام علامات أو معدلات الامتحان، حيث تشعر بالفرح و السعادة عندما تجد عبارات جميلة أمام علاماتها.
أما السيدة فريال /ب  فأعربت عن أسفها لغياب هذه الملاحظات على دفتر ابنها الأكبر المتمدرس في الطور المتوسط ، رغم اجتهاده،  و تمنت لو أن أساتذته انتهجوا هذا الأسلوب المحفز الآخذ في الانتشار، لأن يؤثر كثيرا على نفسية التلميذ .
كما تتمنى السيدة « أسماء /ع» ، موظفة و أم لولد و بنت،  أن تجد مثل هذه الملاحظات التحفيزية في دفاتر  و كشوفات ابنيها في المستقبل، و ترى أن هذا الأسلوب مميز يتطلب الدعم و التعميم  في كل المؤسسات التربوية ، و الابتعاد عن الملاحظات الكلاسيكة التي لم يعد لها أهمية عند التلاميذ، حتى و أن كانت إيجابية .
* نبيلة عزوز أخصائية  في علم النفس التربوي و  التعليم المكيف و التربية العلاجية
التقييم عن طريق الكفاءة  و التميز يُحفز التلاميذ
اعتبرت أخصائية علم النفس التربوي و التعليم المكيف و التربية العلاجية نبيلة عزوز ، أن تغيير نمط تصحيح أوراق الاختبارات و الفروض، له انعكاسات إيجابية في مردود المتمدرسين، و كذا تغيير طرق تقييم النتائج و النقاط .
كانت في السابق تنقسم إلى  4 أو 5مستويات من الممتاز إلى الجيد، فالحسن ثم متوسط، و مقبول إلى ضعيف و ضعيف جدا ، أصبح المعلم اليوم يعتمد على التقييم عن طريق الكفاءة المقسم إلى 3 مستويات وهي كفاءة مكتسبة ، كفاءة عن طريق الاكتساب و كفاءة غير مكتسبة ، وهذه الطريقة غالبا ما تثير فضول التلميذ ، حيث يتساءل عن معنى هذا التقييم الذي يرفقه المعلم بملاحظات، لا ترتبط أساسا بما حصل عليه من علامات، بل بقدراته الكامنة.
مثل تلميذ متميز ، أو تلميذ قادر على تقديم الأفضل ، و هذه الطريقة تحفز فعلا التلميذ على تقديم الأفضل ، و أضافت الأخصائية ة أن بعض المعلمين يعتمدون على طريقة التقييم بالتميز،  مثلا تلميذ  متعثر  و هذا يعني أن هناك أسباب لتعثره عليه تجاوزها مستقبلا ،  بدل عبارة تلميذ ضعيف التي تقضي على طموحات التلميذ، و هو في طريق الاكتساب ، و من ضمن الملاحظات أيضا تلميذ نامي أي أنه في طريق الاكتساب، و كذا تلميذ متميز .
و ترى الأخصائية أن انتقاء المعلمين لمفردات تحفيزية، مثل «أحسنت يا بطلي»  و  « أريد منك الكثير « تشجع كثيرا التلاميذ ، حيث يولي التلاميذ أهمية كبيرة لهذه الملاحظات، على حساب العلامات التي تكون بالنسبة إليهم تحصيلا حاصل، لما قدموه في ورقة الاختبار ، مشيرة إلى أن ملاحظة المدرس تثير بداخلهم رغبة البحث عن سبب التعثر، أو السعي للحفاظ على نفس الدرجة بالنسبة للتلاميذ المتميزين .
وهيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى