قال المحلل السياسي الدكتور عبد القادر سوفي بأن الصعود القوي للدبلوماسية الجزائرية في المنطقة وبروزها في عدد من القضايا الدولية أزعج فرنسا، مشيرا إلى أن تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة تندرج في هذا الإطار، مؤكدا بأن ما قاله ماكرون حول الجزائر أفقده المصداقية مع شركائه وشعبه، وقال بأن في نفوس بعض الفرنسيين حقد دفين للجزائريين خاصة الذين يحنون إلى الجزائر الفرنسية.
وأشار المحلل السياسي عبد القادر سوفي في تصريح للنصر، أمس، بأن التصريحات المشينة للرئيس ماكرون لا يقبلها أي جزائري سواء على المستوى الشعبي أو الحكومي، مضيفا بأنه توجد خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، وربط السوفي هذه التصريحات بالصراع القائم حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة، ومحاولة ماكرون استمالة اليمين المتطرف، وكذا الحركى والأقدام السوداء.
وأكد المحلل السياسي السوفي بأن تصريحات ماكرون موجهة للاستهلاك الداخلي، وقال بأنه على الرئيس الفرنسي أن يبعد الجزائر من برنامجه الانتخابي، وعليه الاهتمام بالمسائل الاجتماعية للمجتمع الفرنسي، مشيرا إلى أن الصعود القوي للدبلوماسية الجزائرية والبروز الاقتصادي من  خلال اتفاقيات الشراكة المتعددة التي عقدتها الجزائر مع عدة دول منها روسيا، تركيا، ألمانيا، وبالمقابل تراجع النفوذ الفرنسي في الساحل وشمال إفريقيا، كل هذه المعطيات حسب نفس المتحدث جعلت الرئيس الفرنسي يطلق تصريحات غير مسؤولة، في محاولة منه لإقناع الناخبين الفرنسيين والبقاء في منصبه، مؤكدا بأن الجزائر تحولت إلى هاجس بالنسبة للرئيس الفرنسي.
من جهة أخرى قال السوفي بأن الجزائر ليست رقعة جغرافية هجينة بل تشكل أمة لها تاريخ وامتداد حضاري يضرب في عمق الحضارات الإنسانية، على عكس فرنسا التي لا يوجد لها عرق أو أمة فرنسية بل هي هجين، وأشار إلى أن تصريحات الرئيس الفرنسي تزامنت مع أحداث 17 أكتوبر، وهو ما يؤكد وجود تملص لدى السلطات الفرنسية من مسؤولياتها في التسوية والاعتراف بالجرائم الاستعمارية، وذلك من خلال التصريحات المؤيدة للحركى والخونة الذين كانوا سببا في تضرر الشعب الجزائري.
وبتحليله للأوضاع الإقليمية خاصة مع الجارة الغربية  قال السوفي بأن تصريحات ماكرون جاءت في نفس الوقت مع ما يقوم به المغرب من ممارسات واستفزازات وصناعة خطاب الكراهية اتجاه الجزائر، وهذا ما يؤكد حسبه بأن هذه الخطابات سواء من المغرب أو الرئيس الفرنسي هي من صنع اللوبي الصهيوني.
وأشار في السياق ذاته إلى أن خسارة فرنسا صفقة الغواصات مع أستراليا، وصفقتها الثانية مع سويسرا التي ربحتها أمريكا، كل هذه المعطيات جعلت الرئيس الفرنسي يتخبط و يحاول تجاوز هذا المأزق بإطلاق تصريحات من هنا وهناك، وقال السوفي بأن فرنسا كلما تضررت، إلا وحاولت العودة إلى بناء البعد العاطفي على حساب الجزائر، مضيفا بأن فرنسا لم تحفظ الدرس، وكل مرة تعود إلى خطاباتها المشينة والسيئة، وأشار إلى أن العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تشهد استقرارا، وفيه ملفات كبيرة تتطلب الحل وأهمها ملفات الأرشيف والذاكرة، والتفجيرات النووية، قائلا بأن فرنسا تريد التهرب من مسوؤلياتها، في حين هذه المسؤوليات دولية وترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
من جهة أخرى اتهم المحلل السياسي عبد القادر السوفي فرنسا بالوقوف وراء الانقلابات في إفريقيا والصراعات القبلية والإثنية وضلوعها في عدة أعمال، مضيفا بأن وحشية الاستعمار كانت أعنف من جرائم النازية التي يتحدث عنها العالم اليوم، وقال بأن فرنسا تفننت في التقتيل والتعذيب وإذلال الجزائريين، وجرائمها هي جرائم لا يمكن نسيانها والتنازل عنها ولو بالتقادم، وأكد بأن تصريحات ماكرون نابعة من محيطه الضيق الذي يصنع له التصورات، وهو ما يبرز وجود استقطاب ضعيف لديه.
في سياق آخر أوضح المحلل السياسي عبد القادر السوفي بأن كل الرؤساء الفرنسيين المتعاقبين كانوا يعلمون دور الجزائر في الانتخابات الفرنسية خاصة الجالية المقيمة بفرنسا ودورها المؤثر في ترجيح الكفة، في حين ماكرون لم يفهم الدرس حسبه وبعد تراجع شعبيته ارتمى في أحضان اليمين المتطرف، وهو ما أخلط أوراقه وأصبح لا يفرق بين المصلحة الشخصية والمصلحة الوطنية.
نورالدين ع

الرجوع إلى الأعلى