دعت وزارة الشؤون الخارجية، جميع السفراء والقناصل ومندوبي الجزائر لدى الهيئات الإقليمية والدولية، اليوم، إلى اجتماع عام هو الأول من نوعه بحضور جميع الدبلوماسيين الجزائريين العاملين بالخارج، والذي يعقد تحت رعاية الرئيس عبد المجيد تبون، للحديث عن أولويات الجهاز الدبلوماسي في المرحلة المقبلة، في سياق إجراء مراجعة عميقة لأنماط عمل وأدوار جهازها الدبلوماسي والتركيز على البعدين الاقتصادي والاستراتيجي بالنظر للتهديدات التي تعيشها دول المنطقة، إضافة إلى ترقية دور الجالية في مسار التنمية.

يلتقي وزير الشؤون الخارجية والجالية الجزائرية بالخارج، اليوم، حوالي 128 رئيس بعثة بين سفير وقنصل عام وقنصل بقصر الأمم في لقاء هو الأول من نوعه للحديث عن أولويات الجهاز الدبلوماسي في المرحلة المقبلة، تحت رعاية الرئيس عبد المجيد تبون، الذي من المنتظر أن يلقي كلمة توجيهية يحدد فيها أولويات العمل الدبلوماسي لمواجهة التحديات التي تواجهها البلاد، كما سيحدد خارطة طريق الجهاز الدبلوماسي للسنوات المقبلة.
ودعت الخارجية 128 دبلوماسياً بين رئيس بعثة وسفير وقنصل عام وقنصل إلى المؤتمر الموسع الذي يشارك فيه الكوادر والإطارات العليا ورؤساء الدوائر والأقسام بوزارة الشؤون الخارجية، «لوضع تصورات جديدة لعمل الدبلوماسية الجزائرية، وتحرك الجهاز الدبلوماسي بشكل أكثر فاعلية للدفاع عن مصالح ومواقف الجزائر». كما يهدف الاجتماع إلى «مراجعة طرق عمل وأداء السفارات والمراكز الدبلوماسية، خاصة في ظرف سياسي وإقليمي بات يفرض إجراء مراجعة شاملة للدور الدبلوماسي»، «بما يتناسب مع تحول الجزائر من قاعدة الدفاع عن المواقف إلى استباق الأزمات».
كما يركز الاجتماع على مسألة دور المراكز القنصلية في التكفل بانشغالات ومشاكل الجالية الجزائرية في الخارج، وربطها ثقافياً ومجتمعياً مع الجزائر، وكيفية إعادة تنظيمها وإحصاء الكفاءات والإطارات العلمية التي يمكن للجزائر الاستفادة من كفاءاتها بطريقة أو بأخرى لنقل التجارب الناجحة والتكنولوجيا إلى الجزائر.
ويدخل هذا اللقاء ضمن المسعى الجديد لدفع السفارات والممثليات لتغيير نمط العمل وأدواتها والخروج من حالة تراخ دبلوماسي دخلت فيه الأجهزة والمؤسسات الدبلوماسية الجزائرية، حيث عرفت الساحة الدبلوماسية الجزائرية نفسا جديدا في عهد  الرئيس تبون الذي أكد حرصه على إعادة إحياء صورة الجزائر على الساحة الدولية من خلال إعادة تفعيل دبلوماسيتها التي بنت مبادئها على ترقية الحلول السلمية للنزاعات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها و وحدتها و حق الشعوب في تقرير مصيرها والتصرف في ثرواتها. وأكد الرئيس تبون في العديد من المناسبات على أن «مصداقية ونزاهة الدبلوماسية الجزائرية «يخولانها لأن «تلعب دور الوسيط» في حل مختلف الأزمات والقضايا الإقليمية والدولية.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد كلف في اجتماع لمجلس الوزراء عقد في بداية شهر سبتمبر الماضي، وزير الخارجية رمطان لعمامرة بتنظيم مؤتمر كبير للسفراء ورؤساء المراكز الدبلوماسية والقنصلية، بهدف بلورة رؤية للدفاع عن المصالح الإستراتيجية للجزائر، وإجراء تحديث عميق للجهاز الدبلوماسي وأساليب عمله والتكيف الضروري مع الظروف الراهنة التي تواجهها الجزائر، والمشاركة في تحديث الجهاز الدبلوماسي باعتباره مُصدرا للسلم والأمن والتنمية. كما أنها ستكرس ارتباطنا العميق بجاليتنا الوطنية في الخارج باعتبارها في طليعة البلاد على الساحة العالمية في خدمة المصالح الإستراتيجية للجزائر.
قرارات هامة لتعزيز الحضور الدولي للجزائر
وفي شهر سبتمبر الماضي، أجرى الرئيس تبون حركة واسعة في الجهاز الدبلوماسي، شملت تعيين 71 سفيرا وسفيرا مفوضا ومندوبا لدى الهيئات الدولية وقنصلا. في سياق إجراءات اتخذها الرئيس تبون، لتعديل وشحذ أدوات الدبلوماسية الجزائرية لإشراكها بقوة في صيغ العمل الحديثة للدبلوماسية العالمية التي تعتمدها اليوم العديد من القوى العظمى والمنظمات الدولية الكبرى، وذلك في سياق اعتماد خطة عمل الحكومة من قبل مجلس الوزراء، يوم 30 أوت 2021.
في هذا الإطار، ومن أجل إضفاء المرونة والكفاءة وقدرة الاستجابة اللازمة للجهاز الدبلوماسي الجزائري قصد تمكين بلادنا من مواجهة التحديات الجديدة والمتعددة، قرّر السيد رئيس الجمهورية استحداث مناصب المبعوثين الخاصين لتكليفهم بقيادة العمل الدولي للجزائر، وفق سبعة محاور تتعلق بجهود أساسية تعكس مصالحها وأولوياتها، وذلك تحت السّلطة المباشرة للسيد وزير الشؤون الخارجية. ويهدف هذا التّعديل إلى تعزيز قدرة دبلوماسيتنا على التفاعل والتأثير وكذا مضاعفة حضور الجزائر وفعالية عملها على الساحتين الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى القضايا العالمية والشاملة.
وقع الاختيار على دبلوماسيين مخضرمين وكذلك على مسؤولين وخبراء رفيعي المستوى لشغل هذه الوظائف الجديدة، ويتعلق الأمر بمكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي، ومسؤولا عن قضايا الأمن الدولي، ومكلفا بالقضايا الإفريقية، خصوصا المسائل الجيوستراتيجية في منطقة الساحل والصحراء. إضافة إلى مكلف بملف الجالية الوطنية المقيمة في الخارج، والدبلوماسية الاقتصادية، وكذا الشراكات الدولية الكبرى.
إلى جانب تلك الخطوات، تقرر إعادة تنشيط الإدارة العامة للمراقبة الإستراتيجية والتنبؤ وإدارة الأزمات، كأداة مهمة للدبلوماسية الحديثة؛ في سياق تحديات متعددة ومتنوعة (كوفيد، حرائق قاتلة، صراع في الصحراء الغربية، توترات إقليمية حول مالي وليبيا ..)، وتؤكد مصادر دبلوماسية أن التعبئة المثلى للدبلوماسية الجزائرية، في هذه الحالة على وجه الخصوص، ستأتي بطبيعة الحال لدعم القطاع الاستراتيجي للدفاع الوطني في العمل على ترسيخ حصن السلامة الإقليمية والاستقلال والسيادة والوحدة الوطنية لبلادنا. أكثر من أي وقت مضى، سيحمل الدفاع والدبلوماسية الجزائرية عاليا راية السيادة والاستقلال الوطني والسلامة الإقليمية للجزائر.
ع سمير

الرجوع إلى الأعلى