تتواصل الاحتجاجات الشعبية العارمة في المغرب، رفضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني و للسلوكات والتصرفات التي ينتهجها نظام المخزن على المستوى الداخلي والتي فجرت غضبا شعبيا  في أرجاء المملكة ، من المرجح، حسب المراقبين، أن يتصاعد مع مرور الوقت وقد يؤدي إلى انفجار الوضع وهذا في ظل الوضع الاقتصادي و الاجتماعي الهش والواقع المزري الذي يعيشه الشعب المغربي الشقيق ، وسط القمع  الأمني للحركات الاحتجاجية التي  شملت مختلف الفئات والشرائح والاعتقالات في صفوف النشطاء والمحتجين والتعتيم الإعلامي.

شهدت العديد من المدن المغربية، مظاهرات حاشدة مناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني ورفضا لسياسات نظام المخزن  واحتجاجا على الظروف المعيشية المزرية التي يعيشها الشعب المغربي، في ظل غلاء أسعار المواد الاستهلاكية وتدهور المعيشة وتدني القدرة الشرائية وانتشار الآفات الاجتماعية وتزايد معدلات البطالة، دون أي ملامح لانفراج الوضع في الداخل ،  سيما مع تمسك المخزن بسياسة الهروب إلى الأمام  ومحاولة الاستقواء  بالكيان الصهيوني الذي وقع معه اتفاقيات أمنية تهدد استقرار المنطقة المغاربية ككل .
و قد جابت المسيرات الغاضبة أنحاء المغرب، وشاركت فيها مختلف فئات الشعب المغربي وأطياف المجتمع، رافعة شعارات مناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، والتنديد بسياسات المخزن المغربي، حيث طالب المتظاهرون بإسقاط النظام المغربي الذي وصل إلى مرحلة خطيرة من الانبطاح والهوان و الذل والخنوع بعد ارتمائه في أحضان الصهاينة بإعلانه التطبيع  مع الكيان الصهيوني، كما ندد المتظاهرون بالزيارة الأخيرة لوزير الحرب الكيان الصهيوني إلى الرباط.
و توسعت  الحركات الاحتجاجية لتشمل عدة قطاعات للمطالبة بالحقوق المهنية والاجتماعية للعمال على غرار قطاع الصحة على وقع ركود اقتصادي و احتمال انفجار الأوضاع في الأيام القادمة ، سيما مع تأكيد المحتجين على الاستمرار في تحركاتهم و تنظيم المظاهرات والمسيرات في مختلف أرجاء المغرب للضغط على النظام للتراجع عن سياساته، سواء ما تعلق بالتطبيع أو السلوكات العدوانية والممارسات غير المسبوقة التي ينتهجها هذا النظام المغربي في الداخل و على المستوى الخارجي والتي أضرت كثيرا بالشعب المغربي بالدرجة الأولى.
 وسخرت المملكة المغربية، قواتها الأمنية  لقمع التظاهرات المناوئة للتطبيع  و المناهضة لزيارة وزير  الحرب للكيان الصهيوني  ، و انتشرت قوات الأمن المغربية  وطوقت الشوارع المؤدية للوقفات الاحتجاجية المناهضة لزيارة بيني غانتس إلى الرباط، حيث أكدت الجبهة المغربية لدعم فلسطين و ضد التطبيع أن «الدولة المخزنية»، سخرت كافة قواتها الأمنية لقمع الوقفات الاحتجاجية المناهضة للتطبيع و لزيارة وزير الحرب الصهيوني، بيني غانتس، للرباط.
و يشن نظام المخزن، اعتقالات لتخويف المواطنين ودفعهم للتراجع عن حركاتهم الاحتجاجية ، لكن يبدو أن الشعب المغربي مصر اليوم على المطالبة بحقوقه وعدم التراجع عن مسيراته العارمة والتي تتجه إلى التصعيد والمزيد من الغليان والاحتقان مستقبلا.
وسائل إعلام تغض الطرف عن  المظاهرات والاحتجاجات
وبالرغم من هذا الوضع المتأزم  في المغرب و تصاعد مظاهر القمع الأمني للمظاهرات والاحتجاجات الشعبية، تواصل العديد من وسائل الإعلام الدولية ومنها  العربية والفرنسية والتي تدعي الحرية و الاستقلالية و الاحترافية، غض الطرف عن الأحداث الجارية في المغرب مؤخرا في تواطؤ مفضوح مع المخزن الذي يلقى الدعم والحماية الفرنسية وأيضا من قبل الكيان الصهيوني.
و أوضح المحلل السياسي البروفيسور إدريس عطية في تصريح للنصر، أمس، أن المغرب اعتمد التطرف في تطبيعه مع الكيان الصهيوني، لأنه تجاوز كل ما فعله المطبعون السابقون وذهب إلى اتفاقيات ذات طابع أمني وعسكري واستخباراتي،  الشيء الذي جعل من الشعب المغربي وبعض القوى الحية و القوى الحرة في المجتمع المغربي،  تتجه إلى غسل هذا العار التاريخي الذي ألصق بهم، لأنهم تأكدوا أن دولتهم مختطفة من قبل الكيان الصهيوني وأن نظامهم المخزن تحول إلى نظام خادم للكيان الصهيوني وبعض القوى الغربية .
الرهان هو بيد الشعب المغربي وحده
 وأضاف في السياق ذاته، أن  الرهان هو بيد الشعب المغربي وحده الذي رفض هذه الإجراءات ورفض هذه المقاولة الجديدة التي بدأ فيها نظامهم والذي حول مشروع  الدولة الوطنية في المغرب إلى  دولة وظيفية خادمة للكيان الصهيوني ومختطفة من طرفه، لافتا إلى أن التطبيع له الكثير من التداعيات، سواء الداخلية على المغرب ، بث الفرقة والخراب وتهديم  البنية المجتمعية إلى جانب أن للتطبيع آثار أخرى ذات طابع اقتصادي،  موضحا في هذا الإطار أن الكيان الصهيوني تحت حجج تاريخية وواهية، سوف  يخلق مشاكل اقتصادية للمغرب في الداخل ومن بينها  المطالبة بحقوق اليهود الاقتصادية وغيرها المتعلقة بالعقار والكثير من الأشياء والتعويضات ، والمسألة الثانية هو  فرض منطق ثقافي جديد داخل المغرب يكون لصالح اليهود ويزعزع النسيج الاجتماعي والإطار الثقافي، خاصة المرتبط بالشريعة الإسلامية وبالتقاليد المغربية، أما المستوى الثالث هو أن الكيان الصهيوني، سوف يشتت البنية المجتمعية المغربية ويؤثر عليها  في استقرارها الاجتماعي، ناهيك عن التداعيات الإقليمية، سواء التخوف الأوروبي من التواجد الصهيوني  في المغرب، خاصة  أن الكيان الصهيوني يعول على إنشاء قواعد عسكرية والتي سوف تهدد الدول الأوربية وعلى رأسها إسبانيا والتي أبدت امتعاضا كبيرا جدا وأضاف أن هذا التهديد والتواجد، سواء في إطاره الاستخباراتي أو العسكري يزعج بقية الدول،  سواء الدول الجارة أو كل الدول المغرب العربي أو حتى منطقة الساحل الافريقي وغرب إفريقيا ، حيث أن الكيان الصهيوني موجود من أجل زعزعة أمن المنطقة  وبعث اللا استقرار.
وأكد المحلل السياسي، أن  الرهان على الشعب المغربي الذي رفض التطبيع والذي يتحرك اليوم في إطار حراك الكرامة وثورة غسل العار،  ناهيك عن المشاكل والظروف الاجتماعية المرتبطة بأزمة كورونا وبالعديد من التداعيات  من خلال ارتفاع مستوى  البطالة و ارتفاع مستوى الجريمة اليومية  وخاصة الجرائم ضد الأصول وغيرها  من المشاكل التي لم يستطع نظام المخزن أن يجد لها  أي حلول، بل ذهب سريعا إلى الاستقواء بالخارج من أجل بقائه واستمراره وهذا الاستقواء ينبغي أن نفهمه في سياقه الطبيعي والمنطقي -كما قال- وهو استقواء بالدرجة الأولى على الشعب المغربي في حد ذاته  من أجل بقاء نظام المخزن واقفا أو جاثما على صدر الشعب المغربي.
وأضاف أن حراك الكرامة في المغرب،  شمل أطراف وفئات  واسعة من المجتمع المغربي وللأسف نظام المخزن يستعمل نفس وسيلته الكلاسيكية  وهي البطش والقمع  والضرب بالقنابل المسيلة للدموع والمياه الساخنة ، أمام صمت رهيب، خاصة للأطراف الأوروبية التي كانت تتحرك بسرعة خاصة عندما كان الحراك في الجزائر واليوم تغمض أعينها على ما يحدث في المغرب، على أساس أن نظام المخزن هو خادم لمصالحها.
توقع تغييرات جذرية  في المغرب
ويرى المحلل  السياسي، أن الوضع مقبل على حالة تأزم  في حالة إذا لم  يتنازل النظام المخزني ولم يقدم  وعودا على الأقل بمراجعة علاقاته  مع الكيان الصهيوني  وأوضح أن الأمر سيتأزم خاصة عندما يعتمد  على العنف كحل لتفريق الشوارع  أو غيرها  من الممارسات وهذا  سيزيد الطين بلة وقد يدفع بالكثيرين إلى  حروب الشوارع أو غيرها من عمليات الاستنزاف ، مشيرا إلى أن هذا التطبيع والتصرفات والخطوة  الأبعد التي ذهب لها نظام المخزن من خلال توقيع اتفاقيات عسكرية مع الكيان الصهيوني واستضافته لوزير الحرب  الصهيوني، كلها سوابق لم تحدث ولا مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني .
من جهة أخرى، أوضح البروفيسور ادريس عطية، أن فرنسا هي جزء من مقاربة التحالف  الصهيو فرنسي مخزني،  مضيفا أن فرنسا هي  التي  أرادت استخدام ، سواء الكيان الصهيوني أو نظام المخزن كفواعل إقليمية ودولية تخدم التوجه الفرنسي.
و يرى المحلل السياسي، أنه قد يحدث انفجار اجتماعي كبير خلال الأيام القادمة رفضا للسياسة المخزنية و الطقوس الملكية وغيرها من السلوكات الخاصة بملك المغرب.
ومن جانبه ، أوضح المحلل السياسي الدكتور عبد الوهاب بن خليف في تصريح للنصر، أمس،  أن الاحتجاجات المتواصلة في المغرب ، ناتجة عن  سوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المملكة المغربية، بالإضافة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني،  مضيفا أن  التطبيع هو الذي  أشعل نار الاحتجاجات في المغرب، لأن  المشاكل الاقتصادية  والاجتماعية التي يعاني منها الشعب المغربي هي قديمة جديدة، لكن الذي زاد الطين بلة وأشعل فتيل هذه الاحتجاجات هو التطبيع  وخاصة  مع الزيارات الأخيرة لوزراء الكيان الصهيوني ، وزير الخارجية ثم وزير الحرب والتوقيع على اتفاقيات عسكرية ، تتضمن رفع درجة التعاون العسكري بين المغرب والكيان الصهيوني .  وأضاف الدكتور عبد الوهاب بن خليف، أن الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي  ترفض هذا التطبيع المخزي والذي يعتبر طعنة في ظهر القضية الفلسطينية وخاصة ان المغرب يرأس لجنة القدس ،  فهناك استياء كبير من قبل الشعب المغربي لما يحدث من تدهور خطير ، سواء اقتصادي واجتماعي وكذلك سياسي والقيمي و الحضاري، خاصة عندما يصل  إلى هذه الدرجة من الخزي والعار والتخلي عن  القضية الفلسطينية .
 ويرى المحلل السياسي، أن الأمور لن تهدأ في المغرب وستكون  هناك احتجاجات كبيرة أخرى وربما  قد نشهد تغييرات جذرية  في المملكة المغربية واحتمال كبير قد تنفجر الأوضاع ، و أضاف أن ما يحدث بين الكيان الصهيوني والمغرب هو سابقة لم تحدث مع أي  دولة طبعت مع الكيان الصهيوني،  حيث أن مستوى التطبيع مع الكيان الصهيوني وصل إلى درجة لم يقبلها الشارع المغربي .
     مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى