ينتظر أن يستعيد الحوض المرجاني بالطارف، عافيته في السنوات القليلة القادمة، وذلك بعد إقرار مخطط بيئي واقتصادي جديد سيسمح بحماية هذه الثروة و استغلالها بشكل أمثل، إذ ينتظر أن تفعل إجراءات ناجعة لتجديد الشعاب المرجانية و تكثيف تكاثرها تحت إشراف باحثين و مختصين، في وقت ستقنن عملية الصيد، عن طريق منح عقود امتياز لمستثمرين يرخص لهم باستغلال مرجان المنطقتين الغربية والشرقية وفق برنامج تداول خماسي.

نوري.ح

شعاب اصطناعية لتجديد الحوض
و حسب مصادر من مديرية الصيد البحري، فإن العمل جار على مشروع جديد، لإعادة الاعتبار للشعاب المرجانية التي طالتها أيادي النهب والتخريب، حيث سيتم وضع شعاب مرجانية اصطناعية لتشجيع تكاثر هذا الحيوان المائي، وتوفير محيط بيئي بديل للأسماك، بما يساعد على تجديد الحوض البحري خصوصا وأن الشعاب الاصطناعية  تتكون أساسا من مجموعة من النباتات البحرية الطبيعية.
 وسيتكفل باحثون وأساتذة جامعون وجمعيات بمتابعة سير المشروع، القائم على  وضع قوالب صخرية من الحديد المسلح وحاويات القطارات القديمة وغير المستعملة في الأعماق لحماية شعاب المرجان وإعاقة عملية النهب و التخريب، بما من شأنه الحفاظ على المخزون المرجاني و السمكي المتبقي   و حماية الأحياء البيولوجية البحرية بصفة عامة، علاوة على ذلك، فإنه سيتم تنظيم علميات استغلال المرجان عن طريق برنامج صيد مدته خمس سنوات تفتح خلاله منطقة وتغلق أخرى لاحترام فترات التكاثر.
وقد قدرت كميات المرجان التي نهبتها العصابات والشبكات متعددة الأذرع، منذ سنة 2010 وإلى غاية اليوم، بما يتعدى ثلاثة أطنان، دون احتساب الكميات المحجوزة، وحسب ممثلين لمديرية الصيد البحري، فإن إعادة فتح مجال الاستغلال أمام المستثمرين الشرعيين، سيساهم فعليا في القضاء على النهب والتهريب، خصوصا وأنها مساع تدعم جهود المصالح المختصة في المحافظة على هذه الثروة الوطنية، بما في ذلك الملاحقة الأمنية لتشديد الخناق على عصابات التهريب.
جودة عالمية وأسعار تضاهي الذهب
ومعروف أن مرجان القالة، يتميز بجودته العالمية واستخداماته المتعددة في صناعة المجوهرات و أطقم الأسنان و جراحة العظام، ولذلك يكثر الطلب عليه في السوق العالمية، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من مرجان القالة، بين 80 مليون إلى 200مليون سنتيم، للنوعية العادية، ويزيد عن 200مليون سنتيم للكيلوغرام بالنسبة للنوع الملكي.
إغراء هذه الأسعار كان سببا رئيسا وراء عمليات النهب التي تسببت على مر السنوات، في تخريب الحوض المرجاني،  الأمر الذي عاد بالسلب على الثروة السمكية، إذ اشتكى صيادون من شح الإنتاج وقالوا بأن بعضهم اضطروا إلى تعليق نشاطهم نهائيا في ظل هجرة الأسماء خاصة الأنواع الراقية التي تتكاثر وتنمو بين الشعاب المرجانية المنتجة للأوكسجين.
وحسب رابح.ق 60سنة، صياد وصاحب مركب بالقالة فإن السنوات الأخيرة عرفت تدميرا لقاع البحر باستعمال مختلف الوسائل والمعدات المحظورة، الأمر الذي  خلف  هجرة وانقراض الأسماك من السواحل المحلية، خاصة السردين و بعض الأنواع الشهيرة بطعمها المميز، مشيرا، إلى أن نشاط الصيد البحري يواجه تحديات حقيقية للاستمرار، في حال لم يتم تدارك الوضع و تفعيل آليات ناجعة لوقف نهب المرجان، خصوصا وأن له انعكاسات سلبية على وفرة السمك وأسعاره.

 وحذر سمير.ب مجهز مركب بالميناء، من صيادين  يمارسون نشاط النهب بطرق ملتوية، مثيرا استفهامات  حول علاقتهم بعصابات الذهب الأحمر، وقال الصياد علي.د، و زملاء له جمعتنا بهم دردشة على الهامش بأن غنى الساحل بالمرجان تحول إلى نقمة بسبب اللصوص و المهربين، ويبقى الحل الوحيد حسبهم، هو الإسراع في فتح مجال استغلال الثروة المرجانية أمام المستثمرين عن طريق عقود الامتياز، ما من شأنه أن يعود بالفائدة على خزينة الدولة ويعيد بعث نشاط الحرفين، و يسمح باستحداث مناصب شغل جديدة و يحافظ على ديمومة الثروة المرجانية كما عبروا.
مع ذلك فإن ملف الامتياز، يطرح من جانب ثان، قضية قوارب النزهة ومستقبل ملاكها، و اللذين يرجح بأن يتم إحصائهم وتحويلهم نحو المهن الصغيرة .
40 مستثمرا يتنافسون على صفقة استغلال المرجان
كشف المدير العام للوكالة الوطنية للتنمية المستدامة للصيد البحري وتربية المائيات، نعيم بلعكري، عن قرار بإعادة فتح نشاط صيد المرجان المحظور منذ 2005، وذلك بعد الانتهاء من كل الإجراءات الإدارية وتنظيم المزايدة حيث أحصت الوكالة أزيد من  40 متعاملا، أبدوا رغبتهم في المشاركة في المزاد المزمع تنظيمه قريبا، تحسبا لإعادة فتح مجال استغلال صيد المرجان الخام  قبل نهاية السنة الجارية، بعد أن صدرت مؤخرا كل القوانين والمراسيم التنظيمية المتعلقة بالعملية.
 وأشار المسؤول، إلى أن  المجال مفتوح أمام المستثمرين ومجهزي السفن و المتعاملين الراغبين في المشاركة في المزايدة، حيث برمجت لذلك سلسلة من اللقاءات لتسهيل الاتصال و التعريف بالنصوص القانونية المتعلقة بالعملية ككل مع تقديم كل الشروحات  الإدارية حول كيفية المشاركة و شروط الملفات السليمة، خصوصا  وأن العديد من المتعاملين يجهلون النصوص القانونية الجديدة التي قد تحرمهم من المشاركة.
و تم في ذات السياق، عقد لقاءات مع اللجان الولائية المكلفة بتنظيم المزايدة، و الإشراف على العملية من بدايتها إلى نهايتها حسب ما حدده المرسوم المتعلق بإنشاء هذه اللجان، علاوة على اتخاذ كل الإجراءات والتدابير العملية والتقنية تحسبا للموعد المرتقب، بعد أكثر من عقدين من الحظر الرامي إلى إعداد دراسات ناجعة للحفاظ هذه الثروة و استغلالها بطريقة عقلانية.
وأضاف المسؤول، بأن النشاط المتوقع سينطلق من المنطقة الشرقية  عبر سواحل ولايات الطارف و سكيكدة و جيجل وسيبدأ قبل نهاية السنة الجارية، وذلك بطرح 60 رخصة للاستغلال عن طريق الامتياز، منها 30 رخصة للطارف  و  15 رخصة لكل من ولايتي سكيكدة وجيجل،  وفق دفتر شروط مضبوط ، على أن لا تتعدى كمية المرجان التي يتم صيدها  حدود 3 آلأف كيلوغرام سنويا، تجمع من عمق يتراوح بين 50مترا و110 أمتار، و على يد غطاسين محترفين و بالتجهيزات المطلوبة، حيث تقسم على المستفيدين من رخص الامتياز مناصفة " 1500كلغ للطارف و 1500كلغ لولايتي جيجل وسكيكدة".
وستباع  70بالمائة من هذه الكميات، مباشرة لوكالة المعادن الثمينة والذهب و يوجه الباقي للحرفيين، كما حددت مدة الامتياز لاستغلال المرجان بالمنطقة الشرقية بـخمس سنوات يفتح  بعدها مجال استغلال المرجان بالمنطقة الغربية، وهذا بغرض السماح بتكاثر الثروة المرجانية واستغلالها بطريقة عقلانية تحفظ ديمومتها.
ن.ح

الرجوع إلى الأعلى