أكد خبراء اقتصاديون أن القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أول أمس، في المجال الاقتصادي، سيما القرار الداعي إلى إثراء النقاش، ‹›بشكل كاف’’، لأجل إعادة إصدار قانون جديد من أساسه، لترقية الاستثمار، تعبر عن جرأة في القرار السياسي بهدف  إقامة صناعة على أسس صلبة، وتحقيق جاذبية أكثر للاستثمار في الجزائر، مبرزين في ذات الوقت الأهمية القصوى لقرار ‘’ منع تصدير كل المواد غير المنتجة محليا التي يتم استيرادها من الخرج، من منتجات استهلاكية، كالسكر والعجائن والزيت و السميد، وكل مشتقات القمح، وتجريم هذا الفعل باعتباره عملا تخريبيا، للاقتصاد الوطني››.
وفي هذا الصدد اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور نور الدين جوادي أن مناقشة قانون الاستثمار في هذه الفترة بالضبط، وعلى هذا المستوى ضمن اجتماع مجلس الوزراء مؤشر قوي جداً يعكس – كما قال - الإرادة السياسية الحقيقية للدولة لتجسيد مشروع طويل المدى يتعلق بالإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق وعدها المتعلق بجعل العام 2022 عاماً اقتصادياً بامتياز.
وأضاف جوادي بأن الأوامر التي قدمها رئيس الجمهورية لإعداد قانون جديد للاستثمار، تهدف إلى موافقة التوجهات الراهنة للدولة، وفق الرؤية التشاركية التي دعا إليها السيد رئيس الجمهورية، وعلى أساس تكريس مبدأ حرية الاستثمار والمبادرة المقاولاتية التي طالب الحكومة بجعلها المحور العام للقانون الجديد. وأضاف ‘’ أعتقد أن المقاربة العملياتية والواقعية التي أصبحت الحكومة اليوم تعتمدها في رسم سياساتها القطاعية وسن قوانينها التنظيمية بعيدا عن الأطروحات النظرية والسرد الأكاديمي، من خلال التوجه الجديد لها المتعلق بضرورة احترام خصوصيات الاقتصاد الوطني، سوف تجعل من قانون الاستثمار الجديد  يلامس بشكل عميق معوقات الاستثمار الحقيقية، سيما منها الإدارية والمؤسساتية››.
وأكد الدكتور جوادي أن ‹›الإرادة السياسية الحقيقية للدولة لبناء اقتصاد قوي للجزائر الجديدة تعتبر فرصة حقيقية أمام الجميع لدعم وتحقيق الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، وهي الإرادة التي بقدر ما غابت خلال العقود الماضية وعطلت مشروع التنمية الوطنية، بقدر ما تشكل اليوم فرصة تاريخية للنهوض باقتصاد الدولة ويجب على الجميع المساهمة فيها كل من موقعه وحسب إمكانياته››.
من جهته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سواهلية، أن القرار المتخذ في مجلس الوزراء الداعي إلى إثراء نقاش أكبر حول مشروع قانون الاستثمار بشكل كاف وإعادة إصداره من جديد ‘’ ينم عن جرأة في القرار السياسي بهدف إقامة صناعة على أسس صلبة أكثر متانة وليست وفق إجراءات ظرفية لا  تحقق أهدافا’’، منتقدا التوجه الاقتصادي في العهد السابق ‘’المبني على الاستيراد المفرط’’، والذي قتل - حسبه – الكفاءات البشرية والطاقات الإنتاجية والموارد المحلية’’.
وبعد أن أشاد بالتوجه الحالي الذي عبر عنه الرئيس تبون، الرامي إلى إقامة صناعة جزائرية حقيقية، وترقية سياسة التصدير، أكد سواهلية، أن إصدار قانون  جديد للاستثمار وإزاحة العراقيل البيروقراطية الإدارية، أمام المشاريع الاستثمارية وإعطائها كل الضمانات و التحفيزات والمزايا الضريبية، كفيل بأن نشهد إطلاق استثمارات حقيقية وبروز صناعة جزائرية بامتياز خلاقة للثروة ولمناصب الشغل، حتى نتخلص من التبعية إلى الخارج في الكثير من المنتوجات.
وشدد ذات الخبير بالمناسبة على أهمية الاستقرار التشريعي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، معتبرا بأن هذا الأمر ظل هاجسا للمستثمر المحلي والأجنبي  الذي  يولي أهمية قصوى للاستقرار  التشريعي.
كما أكد الخبير الاقتصادي الدكتور، عبد القادر بريش على أهمية قرارات مجلس الوزراء الداعية إلى ‘’ إعادة إصدار قانون جديد، لترقية الاستثمار، يرتكز على تكريس مبدأ حرية الاستثمار والمبادرة، استقرار الإطار التشريعي للاستثمار، لمدة لا تقل عن عشر سنوات وتبسيط الإجراءات وتقليص مساحة السلطة التقديرية للإدارة في مجال معالجة ملفات الاستثمار، ولاسيما تلك التي تعتمد على التمويل الذاتي، إلى جانب القرار المتعلق في ذات الشأن باعتماد مقاربة براغماتية، في التعامل مع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تراعي استقطاب الاستثمارات، التي تضمن نقل التكنولوجيا وتوفير مناصب الشغل.
واعتبر الدكتور بريش أن هذه القرارات المندرجة في إطار رؤية شاملة للإصلاح من شأنها أن تقود إلى بسط مناخ استثماري أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء.
وبخصوص القرار المتعلق بمنع تصدير المواد غير المنتجة محليا والتوجه نحو تجريم الأفعال المترتبة عن ذلك اعتبر الدكتور أحمد سواهلية، أن هذا القرار يندرج في إطار الإجراءات الحمائية للسوق المحلية والحرص على تلبية الكثير من الحاجيات الأساسية للساكنة من منتوجات وخدمات بمختلف أنواعها من أجل خلق أريحية للمواطن.
وشدد سواهلية على ضرورة اتخاذ إجراءات ردعية ضد كل من يمس قوت الجزائريين والأمن الغذائي للبلاد من خلال محاولة تصدير المنتجات التي يكون المستهلك المحلي في أمسّ الحاجة إليها، باعتبار أن الاستقلال الغذائي – يضيف - هو أساس استقلال الدول، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة التنسيق المحكم بين قطاعي الفلاحة والتجارة من أجل ضمان النجاعة المطلوبة في التطبيق. وفي ذات السياق حيَّا الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش القرار ‘’ الصائب والضروري ‘’ الذي يفرض قيودا على نوعيات معينة من الصادرات خارج المحروقات، والتي تتعلق أساسا بالمواد غير المنتجة محليا، معتبرا أنه من غير المقبول أن يقوم البعض بإعادة تصدير أي مادة من المواد التي استوردتها الدولة بالعملة الصعبة لتلبية حاجة السكان إليها، قصد ضمان أمنه الغذائي.
واعتبر بريش بأنه من الطبيعي أن تصدر الدولة قرارا بمنع وتجريم تصدير المواد والمنتجات التي استوردتها بالعملة الصعبة، لأن أفعالا مثل هذه تضر وتخل إخلالا بائنا بالأمن الغذائي والأمن القومي، مبرزا بأن الأمن القومي أصبح مرتبطا بالأساس بالأمن الغذائي في ظل التحولات و التطورات الجيو - سياسية  التي يشهدها العالم.                
ع.أسابع

الرجوع إلى الأعلى