افتكت ابنة مدينة عين البيضاء بولاية أم البواقي، بشرى مرابطي، المرتبة الأولى في المسابقة الولائية بأم البواقي لحفظ القرآن، و الطبعة الثانية لمسابقة الجزائر لحفظ كتاب الله و تجويده و إحياء التراث الإسلامي، عن جدارة واستحقاق، و دعت، خلال لقائها مؤخرا بالنصر، الأولياء إلى عدم التردد في إرسال أبنائهم إلى المساجد، لتحتضنهم حلقات الذكر و حفظ القرآن.

      حاورها: أحمد ذيب

الطالبة بشرى مرابطي التي تدرس في السنة السابعة طب بجامعة قسنطينة، حظيت بالتتويجين، بعد منافسة صعبة، بين ثلة من حفظة كتاب الله من مختلف ولايات الوطن، و اللافت في مسارها، أن معلمتها التي تلقنها على مدار سنوات، أصول التلاوة و التجويد، كفيفة، حافظة لكتاب الله.
و قالت الطالبة المتوجة في حديثها مع النصر، بأنها بدأت حفظ القرآن الكريم و هي في الخامسة من عمرها، عندما التحقت بالمدرسة القرآنية لمسجد البشير الإبراهيمي بحي سعيدي الجموعي بعين البيضاء، و ختمت القرآن حفظا خلال 8 سنوات، و هي في 13 من عمرها.
 و أضافت المتحدثة أنها بدأت تحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ زايدي عبد الهادي بمسجد الحي، و شاركت في عديد المسابقات، خاصة المحلية و الولائية، و يضم سجل تتويجاتها 3 مسابقات محلية خلال سنوات 2012 و2017 و2022، أما التتويجات على مستوى المسجد الذي كان لمدرسته الفضل في حفظها القرآن، فكانت كل سنة، و تنافست على المراتب الأولى مع 60 طالبا يرسون بمدرسة المسجد، أما المسابقة الولائية، فتفوقت فيها 3 مرات.
طالبة متفوقة في كافة الأطوار التعليمية
يذكر أن طالبة الطب، كانت متفوقة في كل محطاتها الدراسية، ففي مرحلة التعليم الابتدائي توجت بشهادة التعليم الابتدائي بمعدل 9 من 10بابتدائية زموشي محمد السعيد، و نالت شهادة التعليم المتوسط من متوسطة حجاج العربي بمعدل 18.36 من 20، أما شهادة البكالوريا فنالتها من ثانوية الشيخ لخضر بوكفة بمعدل 15.40 من 20 ، فكان مفتاح دخولها إلى الجامعة من بوابة كلية الطب، التي تحضّر للتخرج منها.
عن طريقة توفيقها بين الدراسة و حفظ القرآن، واحتمالية اصطدامها بصعوبات في مسارها الدراسي، أوضحت المتحدثة أن حفظها القرآن الكريم لم يكن مطلقا عائقا أمامها في مسارها الدراسي، فقد وجدت التشجيع و التحفيز من والديها و أساتذتها، وأكدت المتحدثة بأن «القرآن ما زاحم شيئا إلا باركه»، وكل شيء، يحتاج للتضحيات و العطاء، كما قالت، معتبرة بأن القرآن لم يكن ولا مرة واحدة حاجزا وعدوا لنجاحاتها، بل على العكس من ذلك، فهو حافز و دافع للنجاح، يزيد البركة في العقل والوقت و الجهد.
بالنسبة لمشاركتها في جائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده و إحياء التراث الإسلامي، ذكرت الطالبة أن المشاركة تكون عن طريق تصفيات ولائية، وقرّرت المشاركة في المسابقة خلال الأربع سنوات الأخيرة، ضمن التصفيات الولائية.
عن سبب عدم مشاركتها قبل ذلك، مادامت قد أنهت حفظها القرآن وهي في سنٍّ مبكرة، قالت طالبة الطب بشرى مرابطي، بأن ختمتها الأولى كانت ختمة حفظ و سرد لما يتم حفظه، دون ضبط للأحكام، و بعد انقطاع تام عن المشاركة في المسابقات، تم التفرغ للمراجعة.
وعندما راودتها فكرة المشاركة قبل 4 سنوات، تمكنت من ضبط تلاوتها، و كان ذلك عن طريق أستاذتها في المدرسة القرآنية الخاصة « نادي التوهامي زرارة لتحفيظ القرآن الكريم»، الكائن بجانب ابتدائية جبّار مصباح بعين البيضاء، و هي الأستاذة موني زرارة، التي تبين أنها كفيفة، و لم تمنعها إعاقتها البصرية من مرافقة الطالبة بشرى، و نجحت في ضبط تلاوتها لكتاب الله و لقنتها أحكام التجويد، مع إجازتها في رواية ورش عن طريق الأزرق، ناهيك عن دورها الذي تعدى التوجيه والمرافقة،  إلى تقديم النصائح.
وأضافت  المتوجة بجائزة الجزائر لحفظ القرآن و تجويده، أنها وخلال عودتها خلال الأربع سنوات الأخيرة للمشاركة في المسابقات، تأهلت مرتين لنهائي المسابقة الوطنية، و كان ذلك سنتي 2019 و2020 و كانت ضمن 15 متأهلا للنهائيات، و في سنة 2021 حملت المسابقة تسمية «جائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم»، و لم يحالفها الحظ في التأهل إلى النهائيات، و عادت هذا العام بعزيمة أكبر، ونجحت في اجتياز كل مراحل المسابقة، والتفوق على 58 مشاركا من 58 ولاية، تأهل من بينهم 15 حافظا لتنشيط النهائيات، وكانت ضمن كوكبة المتوجين، وكانت المنافسة على أشدها وسط تنظيم جيد، وكل واحد من المتأهلين كان يسعى لتقديم ما لديه من تلاوة ، و تمكنت من افتكاك المرتبة الأولى، وسط منافسة قوية من متنافسين إثنين من ولايتي تيارت و برج بوعريريج.
وعن كيفية تلقيها خبر فوزها بالمرتبة الأولى في المسابقة الولائية، كان في الوقت نفسه الذي تم إخبارها  بأنها المتفوقة وطنيا، أشارت المتحدثة بأن الفرحة غمرتها وسط دهشة و استغراب، مبينة بأنها لم تفرح لنفسها فقط، بل فرحت لفرح والديها وأساتذتها الذين سهروا طيلة مسارها على تلقينها مبادئ الحفظ و أسس ضبط التلاوة، كما فرحت لكونها لم تخيّب الثقة التي وُضعت فيها من طرف قطاع الشؤون الدينية و الأوقاف بأم البواقي.
أرسلوا أبناءكم إلى حلقات حفظ القرآن بالمساجد
و توجه الطالبة عبر جريدة النصر، للقراء، و لكل مبتدئ في حفظ كتاب الله، و لكل من يرى بأن هناك حواجز تقف بينه وبين حفظ القرآن، هذه الرسالة «يحضرني القول المأثور من أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معا فعليه بالقرآن، وأنصح الأولياء بتوجيه أبنائهم للمساجد لتحتضنهم حلقات القرآن». من جهتها قالت موني زرارة، أستاذة ضبط التلاوة الكفيفة، التي أجازت الطالبة بشرى مرابطي،  بأنها كانت مبصرة و فقدت البصر عندما كانت في 13 من عمرها، و كان ذلك سنة 1982، وعند بلوغها 37 عاما، بدأت حفظ القرآن، سماعا في البداية، ثم عن طريق القرآن في نسخته المكتوبة بخط البراي، فتمكنت من حفظ القرآن خلال 7 سنوات، وتحصلت بعد ذلك على إجازتين في روايتي حفص و ورش، وهي اليوم تشرف على تعليم الطالبة بشرى، إلى جانب عديد الطلبة بالنادي.
 أ. ذ

الرجوع إلى الأعلى