قضت محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء أم البواقي، في ساعة متأخرة من يوم أمس الأول، بتسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا وغرامة مالية تعويضية تقدر بنحو 500 مليون سنتيم، في حق متهم  بقتل عضو منتخب بالمجلس البلدي بعين البيضاء خلال العهدة المنقضية ويتعلق الأمر برئيس لجنة التعمير والبناء والعضو المكلف باللجنة التقنية بالمجلس البلدي منصوري أحمد، الذي تلقى ضربة بالرأس بواسطة «بلاطة» إسمنتية، كانت كافية لإزهاق روحه.
وتوبع (ح.م) البالغ من العمر 41 سنة بجناية التعدي بالعنف على موظف أثناء تأدية مهامه المؤدي إلى الوفاة مع قصد إحداثها، والتمس ممثل النيابة العامة إدانته بعقوبة الإعدام. القضية ترجع إلى السادس عشرة من شهر أكتوبر 2018، عندما توفي المنتخب عن تكتل الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء وهو من مواليد سنة 1959، داخل مكتبه بالملحق البلدي بالمركز الثقافي بحي ماريان الشعبي، وتبين أنه تعرض لضربة ببلاطة إسمنتية، كانت موضوعة أسفل مكتب خشبي بالمصلحة التقنية للبلدية.
مصالح الأمن أوقفت إثر ذلك المتهم بحي عين أم الجمل، وهو صاحب مطعم وسط المدينة، وخلصت في تحقيقاتها إلى أنه تقدم بملف للاستفادة من رخصة هدم جدار بمحله التجاري، قصد إعادة بناء آخر في ظل هشاشة الحالي، ويحوز المتهم على محضر لرئيس المجلس الشعبي البلدي، يثبت فيه شهر فيفري من سنة 2018، أن المحل هشّ وآيل للسقوط، غير أن رخصة البناء لم تمنح له، كون الملف متواجد على مستوى لجنة الشباك الوحيد التي يترأسها الضحية.
وظل المتهم يتردد على مكتب الضحية عدة مرات، غير أنه قام يوم الوقائع بسبه وشتمه وإثارة فوضى داخل المصلحة التقنية المتواجدة على مستوى المركز الثقافي، ليتدخل 3 موظفين ويخرجوه، ليعود فورها ويتجه صوب مكتب الضحية ويحمل بلاطة إسمنتية استعملت كسند للمكتب الخشبي، حيث وجّه ضربة واحدة ناحية رأس الضحية، ليسقطه أرضا.
التحقيقات الأمنية انتهت للتأكيد أن الضحية الذي يشغل رئيس لجنة التعمير و البناء لعهدتين متتاليتين، ظل في كل مرة يطمئن المتهم بأن ملفه سيعرض مجددا على اللجنة التقنية الموسعة، بعد عدة مراحل رفض فيها ملف المعني، ومع طول آجال التسوية ومنح الرخصة، ثارت ثائرة المتهم، الذي قرر إزهاق روح الضحية و ردد على مسامع من حضر الجريمة البشعة، بأنه مستعد لقتله في حال لم يمت.
المتهم الذي أدين في محاكمتين سابقتين بعقوبة السجن المؤبد، رفض بداية الرد على أسئلة قاضية الجلسة وهو الذي أعاد سرد ما حصل له، مع قيامه بتغيير تصريحات سابقة، للتهرب من الجرم الذي توبع به، فقد صرح بأنه تقدم بملف كامل ليسحب رخصة الهدم لجدران مقهى تابع للورثة، وتقدم من المصلحة التقنية عديد المرات، ليبرمج ملفه أمام الشباك الوحيد، وبعد يوم من برمجته تقدم للمرفق مجددا، أين أعلمه الضحية بأن الملف تم رفضه، لأن الخبير أخطأ في تقريره. وأضاف المتهم أنه اتصل بالخبير مستفسرا عن طبيعة الخطأ، فدخل في ملاسنات كلامية معه على الهاتف، وهو في رواق المصلحة التقنية، وأكد بأنه لما أنهى مكالمته كان بصدد الرجوع لمكتب الضحية، بعد أن وضع هاتفا آخر ومفاتيح على مكتبه، ليدخلا في شجار، قام خلاله الضحية -كما قال- بسبه ولكمه، ما جعله يثور في وجهه ويرد على صفعته، وقام برفع بلاطة كان الموظفون يسندون بها المكتب الخشبي، فرماها أمام الضحية، الذي رفع كرسيه وحاول الاعتداء عليه، فسقط أرضا حينها.
وقال الجاني بأنه لم يكن يومًا عدوانيًا وهمه الوحيد، إتمام الإجراءات لترميم المقهى الذي يُعيل به شقيقته المعاقة ووالدته المسنة البالغة من العمر 84 سنة، وذكر بأنه غادر حينها المصلحة، ليعلم بعدها أن عناصر الحماية المدنية تدخلوا ونقلوا الضحية للمستشفى، وأعلمه شقيقه بعدها بأن الشرطة تبحث عنه، وتوصلت لمكانه. من جهتها أجمعت تصريحات الشهود من موظفي المصلحة، الذين تَلت القاضية شهاداتهم خلال التحقيق في غيابهم عن المحاكمة، بأن الجاني هو الذي بدأ بسب الضحية والاعتداء عليه، ليتدخل الموظفون في البداية، أين فكوا شجارهما الأول، وطُلب من المتهم الخروج من المصلحة، ليتملص منهم ويتوجه للمكتب أين رفع «بلاطة إسمنتية» و وجهها للضحية، الذي تراجع للوراء وسقط متوفى. و صرح المتهم حينها بأنه مستعد لقتل الضحية في حال لم يمت، وتدخل حينها الطبيب البيطري رئيس مكتب حفظ الصحة وقدم الإسعافات الأولية دون جدوى.
وانتهت الخبرة الطبية ضمن تقرير الطبيب الشرعي، للتأكيد أن ضربة الحجر هي التي أدت لوفاة الضحية، كما أكد التقرير وجود آثار عنف على جسم الضحية وجرح على رقبته بطول 3 سنتيمترات وصدمة دماغية نتيجة تورم فروة جبهة الرأس وكذا وجود تورم دموي خارجي، ونزيف دماغي وكسور في عظمة الجبهة، وآثار عنف خطيرة على الجمجمة وكذا صدمة عنيفة سببتها أداة راضة.
وأكد ممثل النيابة العامة في مرافعته، أن الجريمة عمدية بدليل إخراج الموظفين للمتهم وعودته بعد ذلك، والإصرار جاء نتيجة لعدم وجود أي حاجز بينه وبين الضحية، كما أنه لا يوجد أي سبب آخر أدى للوفاة عدا ضربة «البلاطة الإسمنتية»، مضيفا أن الجاني هو المتسبب في الوفاة، وهي جريمة ضد المؤسسات والموظفين.                        أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى