تمنح نتائج النوادي في الرياضات الجماعية بعيدا عن كرة القدم، نظرة موجزة عن واقع الرياضة في الجزائر، وهيمنة «كرة القدم» على تفكير المسؤولين و»خزائن» الفرق، المحترفة منها والهاوية، التي ترصد الملايير كل سنة لهذه «الشعبة»، وتدير ظهرها لباقي الاختصاصات حتى تلك التي تحظى بالقبول وتملك متتبعين في مختلف جهات الوطن، على غرار رياضات كرة اليد والسلة والطائرة، وحتى الملاكمة وألعاب القوى ممن ارتبطت أسماء أبطالها بمخيلة الجزائريين. وفضحت نتائج المواسم الرياضية الأخيرة في عدة اختصاصات، السياسة المنتهجة في غالبية نوادي النخبة، وبينت حجم التهميش المفروض على رياضات سبق لها تشريف الجزائر سواء على مستوى المنتخبات أو الفرق، ككرة اليد التي سبق وأن وصف فيها منتخبنا الوطني ب»بعبع القارة»، لأنه من غير المنطقي الغياب الجماعي لأندية النخبة عن منصات التتويج، ولو أن افتقاد السواد الأعظم منها لفروع هذه الاختصاصات في هيكلها، يكفي لإدانة وجلد الرؤساء والمسؤولين.  

وانتهى هذا الموسم في رياضة كرة اليد بتتويج وفاق عين التوتة بلقب البطولة في فئة «الرجال» ونادي الأبيار في فئة السيدات، في حين واصل النادي البرجي الهيمنة على منافسات»الرجال» في الكرة الطائرة، قبل أن يزاحمه ويحرمه الجيل الصاعد لبلدية أولاد عدوان من الثنائية، لما خطف لقب كأس الجزائر، في حين عاد لقب بطولة السيدات لمولودية الجزائر وتاج الكأس لفتيات مشعل بجاية، أما في كرة السلة فحفظت سيدات مولودية الجزائر ماء وجه «نوادي النخبة»، رغم أن معرفة تركيبة القسم الممتاز بتواجد بحرية نصر حسين داي ومستقبل سطيف ومجمع كوسيدار في مقدمة الترتيب يمنح أيضا صورة مكبرة عن موقع هذه الرياضة في سياسات الفرق المتألقة بتشكيلات كرة القدم.  هذه النتائج والتتويجات سمحت برسم واقع آخر لكن بعيدا عن الأضواء، تتصدره نواد تجتهد وتعمل في صمت دون إمكانيات، على غرار الجيل الصاعد لبلدية أولاد عدوان بطل كأس الجزائر في الكرة الطائرة، ليتحول إلى مفخرة عاصمة الهضاب سارقا بـ»بضعة دنانير» الأضواء من النادي الأول في الولاية وفاق سطيف، الذي استهلكت إدارته أغلفة مالية كبيرة، وجهت في شكل أجور ومنح للاعبي الفريق الأول لكرة القدم.
وغير بعيد عن مدينة عين الفوارة، وبالولاية المجاورة برج بوعريريج يتراءى مشهد آخر، يستحق وصف الكفاح بعيدا عن الأضواء، وجسده النادي البرجي بطل الجزائر في رياضة الكرة الطائرة والوصيف في منافسة الكأس، وهو الفريق الذي خفف نوعا ما من وطء سقوط أهلي البرج لكرة القدم إلى بطولة الدرجة الثالثة، تماما مثلما هوّن ناديا مشعل ورائد بجاية في الكرة الطائرة من صدمة البجاوية بسقوط فريقيهما الموب والشبيبة، وكذلك فعل النادي الباتني وفاق عين توتة بطل الجزائر في كرة اليد، إذ احتكر أبطاله عبارات الثناء في عاصمة الأوراس باتنة، واضعين شباب ومولودية باتنة في الخلف.
خلو منصات التتويج  في عدة رياضات من أسماء وممثلي النوادي الكبيرة في الجزائر، والمعروفة على غرار وفاق سطيف وشباب قسنطينة وشبيبة القبائل واتحاد الجزائر وأخرى، يعيد إلى طاولة النقاش قصر نظر المتحكمين في مصائر النوادي وانشغالهم فقط بكرة القدم الرياضة «المكلفة»، لأنه لا يعقل أن تضم ولاية مثل قسنطينة أبطالا في شاكلة نيس حلاسة (بطل العالم في الكاراتي) والملاكمين يونس نموشي وشعيب بولوذينات وإشراق شايب والعداء ياسر تريكي، وتجدهم ينشطون في معاناة خارج أسوار قطبي المدينة الشباب والمولودية !
كريم كريد

الرجوع إلى الأعلى