لم يقتصر حماس المواطنين ليلة افتتاح الألعاب المتوسطية، على من تمكنوا من الدخول للملعب الجديد ومواكبة الحدث مباشرة، ولكن الهتافات والتشجيعات التي كانت خارج مدرجات ملعب هدفي ميلود، كانت أيضا قوية، وأكملت تفاعل من كانوا في الداخل، مرحبين بضيوف الباهية القادمين من 26 دولة، للتنافس في ألعاب الحوض المتوسطي .
سكان وهران واكبوا الافتتاح بالسهر خارج الملعب
توافدت ومنذ ساعات زوال السبت، المئات من العائلات التي استغلت الفضاءات الجديدة المعشوشبة والمحيطة بالمركب، لتوثيق لحظات هامة في تاريخ البلاد عموما وتاريخ وهران على وجه الخصوص، ومما زاد المنظر بهاء الأطفال الذين بدوا جد سعداء بحضور هذا الحدث.
وخلال تواجدنا وسط تلك الحشود، لفتت انتباهنا سيدة، كانت تتحدث مع كل من تراه يقترب من بوابة الدخول، وعند اقترابنا علمنا أن ابنها ذو ال12 سنة مصاب بمرض التوحد وكان يصر عليها أن تدخله للملعب كي يعيش الحدث، ولكن لم تكن تحوز على تذكرة أو دعوة، وكانت تطلب المساعدة للدخول وزرع الفرحة في نفسية ابنها.
وعلى طول مسارنا المؤدي لدخول الملعب، صادفنا زوجين قدما من ولاية تيارت، وكانا في قمة الابتهاج لأنهما محظوظين بعد تمكنهما من شراء تذاكر بطريقة إلكترونية، وهو الأمر الذي لم يتسن للكثيرين بسبب الضغط الكبير علي المنصة الرقمية التي خصصت لهذا الغرض، ولم تكن هذه حالة استثنائية، بل هي حالة حوالي 10 آلاف جزائري، حالفهم الحظ في ثاني تجربة جزائرية، لبيع تذاكر الملاعب إلكترونيا.
الوهرانيون رحبوا بكل الضيوف على طريقتهم
وبما أننا في فصل الصيف والوضعية الجوية جيدة، تمتزج فيها حرارة الفترة المسائية مع نسمات البحر غير البعيد عن مكان الملعب، فقد ظلت العائلات خارج المدرجات في الفضاءات المفتوحة، تترقب انتهاء الحفل ومغادرة الوفود، ومثلما كان استقبال الضيوف حارا، فقد كان توديعهم بذات الطريقة، حيث لم يبخل الوهرانيون بالهتاف وترديد عبارات الترحيب بكل الوفود التي كانت تمر بالحافلات وسط تجمعاتهم أمام المخرج الرئيسي، ولعّل فرحة الوهرانيين بهذا العرس وأجواء سهرة افتتاح التظاهرة المتوسطية، جعلت العديد منهم يخرج كذلك في مواكب بالسيارات، التي جابت الشوارع المحيطة بالملعب بمنطقة بلقايد، وحتى بالأحياء المجاورة، وهذا ما أدى أيضا لازدحام مروري كبير.
العلامة الكاملة لمصالح الأمن
كان عرس الباهية متوسطيا ليلة السبت، واستحق الإشادة جنود الخفاء الذين سهروا على إنجاح مجرياته وعلى رأسهم مصالح الأمن بمختلف تشكيلاتها التي لم تدخر جهدا في تقديم الخدمات للمواطنين، بداية بحسن الاستقبال عند البوابات سواء الخارجية أو الداخلية، وهذا ما زرع الارتياح في نفوس الجماهير التي توافدت على الملعب، فرغم الاحتياطات الأمنية المشددة إلا أن تسييرها كان جيدا، حيث صادفت النصر عدة مواقف، تمكن رجال الأمن من حسن تسييرها بسلاسة وإرضاء المعنيين، والأجمل هو الابتسامة التي لم تفارق أفراد الأسلاك الأمنية في كل مواقعهم، وهم يتعاملون مع الجمهور ومع المواطنين خارج الملعب.
أعوان الملاعب تجربة رائدة للرقي بخدمة الجمهور
هو حال فئة أخرى أيضا، ساهمت بالكثير في تسير عدة أمور داخل الملعب عبر المدرجات وفي أماكن أخرى، وهم أعوان الملاعب الذين انتشروا في كل الأرجاء وقدموا خدمات كبيرة للجمهور وللمسيرين، بفضل تمكنهم من حسن أداء مهامهم، وهذا ما لفت انتباه الكثيرين من معتادي الدخول للملاعب والذين استحسنوا مبادرة أعوان الملاعب، ودعوا لتعميمها في الجزائر حتى تعود المدرجات الرياضية، لما كانت عليه سابقا حين كان المناصر أو المحب للرياضة يجلس في المدرجات ويتابع اللقاءات والأنشطة الرياضية في ظروف جيدة وآمنة، ومن خلال هؤلاء الأعوان فقد نجحت لجنة تنظيم الألعاب المتوسطية، في ترسيخ هذه التجربة من خلال اعتماد 600 شاب وشابة سهرة السبت، وهذا بعد عدة أشهر من الدورات التكوينية المختلفة والتي شاركتهم فيها مصالح الحماية المدنية، لتلقينهم كيفية تقديم الإسعافات الأولية وخدمات أخرى، وفي نهاية الحفل اقتربنا من بعضهم وعبروا عن سعادتهم لنجاحهم في المهمة وللتجربة الأهم، التي عاشوها والتي سترافقهم ذكرياتها طيلة حياتهم.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى