شكل قرار فتح الحدود البرية مع تونس، فرصة لعودة قوافل التجار التونسيين إلى بعض الولايات الجزائرية و خاصة نحو مدينة العلمة بولاية سطيف، كوجهة مفضلة   لما يتوفر على مستوى هذا القطب التجاري بالشرق، من سلع و مواد استهلاكية تباع بأثمان مقبولة.  

توافد التونسيين على محلات السوق التجاري المعروف باسم «شارع دبي»، انطلق مباشرة عقب فتح الحدود البرية مع الجارة الشرقية، يوم 15 جويلية الجاري، و خلال اليومين الماضيين، سجلت النصر تواجد عدد معتبر من السيارات التي تحمل ترقيم دولة تونس، كانت مركونة عند مداخل بعض الفنادق بمدينة العلمة، حيث يتوقع تجار العلمة تزايد أعداد الوافدين من تونس في الأيام المقبلة،  و هو ما سينعكس إيجابا على الحركية التجارية، بعد الركود المسجل خلال فترة الجائحة.
و أكد تجار تحدثت إليهم النصر إن المئات من التونسيين كانوا يتوافدون بشكل منتظم على  مدينة العلمة، قبل انتشار فيروس كورونا، لاقتناء مختلف السلع و المواد، مضيفين بأن إعادة فتح الحدود البرية سيسمح ببعث النشاط الاقتصادي، خاصة و أن العديد من الفاعلين في هذا السوق التجاري، تأثرت أعمالهم بشكل كبير بسبب الركود الحاصل و تقلص أعداد الوافدين إلى المحلات التجارية من خارج الوطن و حتى من الولايات الداخلية و هو ما اضطر البعض منهم لتقليص عدد العمال في المحلات أو حتى تغيير النشاط بصورة نهائية.
الهواتف والألبسة الأكثـر طلبا
و حسب التجار الذين تحدثنا إليهم، فإن الوافدين التونسيين إلى مدينة العلمة، يستهدفون  ، جميع المنتجات و السلع المصنوعة محليا أو المستوردة، خاصة الأجهزة الكهرومنزلية و الهواتف النقالة والألبسة.  و استبشر بدورهم أصحاب الفنادق بمدينة العلمة، بقرار إعادة فتح الحدود الشرقية و شرعوا في التحضيرات لاستقبال العشرات من المواطنين التونسيين، لاسيما و أن هذه المدينة التجارية شهدت في السنوات الماضية تدشين عدد كبير من المرافق الفندقية الجديدة. و حسب الأرقام الرسمية، فإن عدد الوافدين من دولة تونس إلى العلمة خلال السنوات الماضية، كان يتجاوز الألف شخص في الأسبوع الواحد و كان يجد آنذاك القادمون من تونس صعوبات في إيجاد أماكن للإقامة، ما جعل العديد من أصحاب رؤوس الأموال يستثمرون في إقامة مشاريع فندقية، خاصة بداخل الحي التجاري «شارع دبي» لاستيعاب العدد الكافي من الزوار. و في حديثنا مع بعض أصحاب الفنادق، فقد أكدوا لنا أنهم  يتوقعون بداية تنظيم الرحلات المنظمة من تونس نحو العلمة في الحافلات بداية من الأسبوع المقبل، مضيفين أن الأسعار المقترحة معقولة إلى حد بعيد، لاسيما بعد خفض الأسعار بنسب متفاوتة، منذ تقلص النشاط في الأشهر الماضية بسبب كورونا.
تجدر الإشارة، إلى  أن مدينة العلمة تدعمت، مؤخرا، بمشاريع فندقية جديدة، حيث أشرف والي سطيف على تدشين واحد منها بوسط المدينة، بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى 60 للاستقلال الوطني.
«النصر التقت بمهدي و هو « تاجر تونسي من مدينة «سوسة»، يقيم بأحد الفنادق المتواجدة بالحي التجاري «شارع دبي»، حيث قال في حديث للنصر أنه دخل إلى الأراضي الجزائرية مباشرة بعد فتح الحدود في منتصف الليل من يوم الجمعة الماضي، مضيفا بأنه وجد رفقة صديقه، كامل الترحاب فور الوصول إلى المركز الحدودي، بعد غلق دام لأزيد من سنتين بين البلدين بسبب فيروس كورونا.
و أضاف محدثنا، أنه لم تصادفه أي مشكلة طيلة قدومه من الحدود البرية إلى غاية مدينة العلمة، مؤكدا أنه تلقى التحية من قبل «الإخوة الجزائريين» طيلة الطريق الرابط بين ولايتي الطارف و سطيف، بعد أشهر طويلة من الغلق.و قال إنه يمتهن التجارة في مدينة سوسة و دائما ما يقتني مختلف السلع من الحي التجاري «شارع دبي»، مثله مثل الآلاف من المواطنين التونسيين.
و في سؤالنا له عن أهم المواد و السلع التي يقتنيها الزوار التونسيون من الحي التجاري، قال:» لا توجد سلعة بعينها مستهدفة من قبل الوافدين من تونس، لأنهم يشترون جميع السلع المعروضة في المحلات بأسعار معقولة» و تابع حديثه بالقول:» غالبية الوافدين إلى العلمة يقومون باقتناء مختلف السلع و المنتجات، ثم إعادة بيعها في تونس مقابل هامش فائدة بسيط، قد يصل في أحسن الحالات إلى 200 دينار بالعملة التونسية في السفرية الواحدة». و أضاف التاجر مهدي في حديثه معنا، أن الحركية الاقتصادية في تونس تأثرت أيضا بشكل كبير  بسبب الجائحة، مضيفا أنه يمتلك عددا من المحلات في المنطقة السياحية بمدينة سوسة الساحلية، حيث قال إن النشاط تراجع بشكل رهيب للغاية، لعدم وجود السياح الأجانب وعلى رأسهم القادمين من الولايات الجزائرية.
مشيرا إلى أن الملاحظة التي وقف عليها، هي انتشار السلع المصنعة في الجزائر، عكس ما كان يحصل في السابق، عندما كانت أغلبية السلع المعروضة مستوردة من الصين الشعبية أو الإمارات العربية المتحدة.
كما التقينا بشاب آخر يدعى «عاطف»، في العقد الثالث من العمر، ينحدر من ولاية صفاقس الجنوبية، أكد في حديثه للنصر، أن إعادة فتح الحدود بين الجزائر و تونس، ستساهم في استئناف النشاط الاقتصادي الطبيعي. و أضاف محدثنا، أنه قدم إلى العلمة لاقتناء مختلف السلع، ثم تحويلها إلى بلده و إعادة تسويقها هناك، خاصة و أن الحي التجاري «شارع دبي» يوفر العديد من السلع بأسعار معقولة، متوقعا توافد أعداد مضاعفة من التونسيين إلى مدينة العلمة في الأسبوع الجاري، لأن الكثير منهم كانوا يترقبون بشغف إعادة فتح الحدود، من أجل العودة لممارسة نشاطهم الاعتيادي.
كما ذكر المتحدث، أن العديد من النسوة التونسيات يقدمن إلى العلمة، لاقتناء مختلف الألبسة و الأواني المنزلية، خاصة و أن المحلات التجارية تعرض مختلف السلع، عكس ما هو موجود في تونس.
أحمد خليل

الرجوع إلى الأعلى