مساع لإنتاج الأنسولين بمجمع صيدال في "أقرب الآجال"
صرح وزير الصناعة الصيدلانية، علي عون، يوم أمس، أنه سيعمل على التأسيس لصناعة دواء قوية في الجزائر، داعيا إطاراته إلى التجند لإنجاح هذا المسعى والتحرر من «مخالب» المخابر الأجنبية، كما أمر المسؤول الحكومي المنصَّب حديثا، لدى زيارته وحدة مجمع صيدال بقسنطينة، بالانطلاق في إنتاج الأنسولين في أقرب الآجال، بعد فشل الشراكة الأجنبية، منتقدا ما شهده المجمع خلال السنوات الماضية من نزيف «مقصود» للإطارات.

وأشار عون في ندوة صحفية إلى أن هذه الزيارة التي تأتي بعد أيام قليله من تنصيبه، تعتبر خاصة بالنسبة له في صيدال قسنطينة التي تٌنتج 30 إلى 40 بالمئة مما يصنعه المجمع، وأردف قائلا «منذ 2006 لم تطأ رجلي هذا المصنع لأن العصابة أرادت ذلك»، لكنه عبر عن سعادته بتطور الوحدة، موجها شكره للإطارات العاملة، لتجندها من أجل الحفاظ على آلات الإنتاج ومناصب العمل، مضيفا أن المشاريع الجديدة ستسمح بخلق مناصب عمل أخرى في الولاية.
وتطرق الوزير إلى مصنع الأنسولين، وقال إنه «أنقِذ» بعد استغلاله في إنتاج لقاح كورونا، لكن أكد أنه يجب أن يعود إلى وظيفته الأولى، في إشارة إلى صناعة السوائل، ليضيف مخاطبا الرئيسة المديرة العامة للمجمع، فطوم أقاسم، أن ذلك يجب أن يتم دون إهمال اللقاح، من خلال تطويره.
وأضاف المسؤول بأن من ادعوا أنهم سينتجون الأنسولين في الجزائر، قدموا مجرد وعود، لذلك فإن الوسيلة الوحيدة المتبقية، بحسبه، هي تطوير الوحدة وإنتاج سوائل الحَقن التي تحتاج تجهيزات بسيطة لصناعة المحلول وتركيب الخراطيش، وذكر عون أن إطارات الوحدة قادرة على القيام بذلك، بما سيسمح للجزائر بالخروج من «مخالب» المخابر التي كانت تضيع الوقت منذ سنة 1994، والنتيجة اليوم هي الاستمرار في استيراد الأنسولين، مثلما عبر الوزير.
 وتابع المسؤول قائلا «من غير المعقول أن يحدث هذا سنة 2022 رغم أننا نملك مصنعا كان مفخرة للجزائر، وقد تم وقف استغلاله سنة 2012 (..) أنا عازم على أن تعود هذه الوحدة لنشاطها وأن تتوسع إلى إنتاج محاليل الحَقن»، وعبر عون عن ثقته في توفر الإرادة لذلك، داعيا مديرة مجمع صيدال إلى النظر في ما قام به المخبر الأجنبي، في إشارة إلى شركة نوفونورديسك الدانماركية، وإعادة إنتاج الأنسولين في أقرب الآجال وتحقيق نتائج قبل نهاية السنة، وأردف الوزير «سنجري فحصا بهذه الوحدة بسرعة لتحديد النقائص، والوزارة حاضرة للمساعدة. لقد قررنا أن يتم إنتاج الأنسولين من طرف صيدال وفي أسرع وقت ممكن».
«قانون الاستثمار الجديد سيعطي حرية أكبر للمستثمرين»
عون ذكر أن قطاع الصناعة الصيدلانية تم «خنقه» بشكل متعمد، لذلك فإن قانون الاستثمار الجديد سيقدم إضافة ويعطي حرية أكثر للمتعاملين، مؤكدا أن دائرته الوزارية ستقوم بكل ما يلزم لتسهيل عملية الاستثمار، بحيث وجه أوامر بالتقليص لأقصى حد، في الإجراءات المعقدة التي يصطدم بها المستثمر، وأضاف الوزير أنه من غير المعقول استمرار مثل هذه الممارسات التي قال إنها تعيق إقامة صناعة دوائية في الجزائر، ليضيف «يجب أن يعرف المستثمر مصير ملفه في أقرب وقت. أعطينا توجيهات وأوامر بألا تتعدى المدة شهرين، فهناك من وضعوا ملفات منذ سنتي 2017 و2018».
وأبزر الوزير أن تطوير قطاع الأدوية سيسمح بخلق مناصب عمل، وادخار العملة الصعبة، مؤكدا أن كل الإجراءات اتُخذت للحد من الإفراط في النفقات، ليضيف أن قانون الاستثمار سيسمح بتحديد المهني و من «يمثل قوة اللوبي الذي يحاول عرقلة البلاد».

من جهة أخرى، أكد عون أن اللقاح المنتج في وحدة صيدال موجود في المخازن، بمجموع حوالي 3 ملايين جرعة، وهي كمية كبيرة ستدعم المخزون المتوفر في معهد باستور، وبكامل التراب الوطني، والذي يصل إلى حدود 13 مليون جرعة، ما يسمح بتغطية الطلب في كل الأوقات، نافيا في السياق ذاته عودة الجائحة، والدليل على ذلك، مثلما عبّر، هو أن الدخول المدرسي سيتم في شروط عادية، مع تسجيل حالات قال إنها لا تشكل خطرا مثلما كان عليه الأمر من قبل.
«نشهد ضغطا في ملف الأدوية وليس نقصا»
وبخصوص غياب بعض الأدوية في السوق المحلية، أوضح وزير الصناعة الصيدلانية في إجابة على سؤال النصر، أن هناك ضغطا وليس نقصا، مضيفا أن الضغط الذي دعا إلى التأقلم معه، سيستمر وهو مسجل على المستوى العالمي على غرار ما هو حاصل في فرنسا التي أعلنت عن نقص في الأدوية على مستوى الصيدليات.
وتابع الوزير «عندما يكون لدينا إنتاج محلي للأدوية يمكن الحديث عن نقص الأدوية، كما أن المخابر الأجنبية التي نستورد منها لا تتعامل مع الجزائر فقط، وتحتاج وقتا لتوفير الطلبيات، ومتوسط وصولها يتراوح بين 3 إلى 5 أشهر (..) اليوم نحن مرتبطون بالمخابر الأجنبية وبعضها موجود في الجزائر وأنتم تعرفونها. لا أريد الحديث عن لوبيات بل هناك مصطلح أشد منه لكنني لا أريد استعماله».
وأكد عون أن مهمته هي العمل على التأسيس لصناعة دواء محلية وقوية في الجزائر، معربا عن أمله في نجاح هذا المسعى بمساعدة الجميع، ليضيف أن 60 بالمئة مما يُنتج اليوم محليا يقتصر على التغليف.
الوزير استغرب وجود منتجات يمكن تصنيعها في الجزائر، لكنها تُستورد، وتساءل كيف يمكن لبلادنا ألا تصنع قارورات محاليل الأدوية، مؤكدا أنه سيتحدث في هذا الملف مع وزير الصناعة، خصوصا أن الأمر يتعلق بقارورات يمكن إنتاجها بسهولة في بلادنا، وفي هذا الشأن ذكر منشط الندوة أن مجمع صيدال، عندما كان مديرا عاما له، تعاقد مع شركة «نوفار» لإنتاج القارورات لكنها توقفت، حيث وجه تعليمات إلى الرئيسة المديرة العامة للمجمع بالعودة إلى التعامل مع هذه المؤسسة أو وقف الشراكة.
وخلال الزيارة، أمر الوزير بوقف إنتاج السوائل التي لا تباع في السوق والانفتاح على استخدام التقنيات والكفاءات لاستغلال الخطوط غير المستعملة، كما اطلع على وحدة السوائل والأدوية نصف الصلبة للاستعمال الخارجي عن طريق الفم، والتي تطمح لإنتاج 5 ملايين وحدة هذا العام، وقد انتقد الوزير بشدة استيراد القارورات والأغطية وأمر باعتماد ما هو منتج محليا.
وقُدم عرض حول مصنع لقاح "كورونا فاك" المضاد لكوفيد 19، وتصل طاقة الإنتاج به إلى 4 ملايين قارورة سنويا فيما بدأ العمل في سبتمبر 2021، حيث تم تصنيع أكثر من 5 ملايين جرعة، لكنها لم تسوق بسبب تراجع الوباء وضعف ثقافة التلقيح و وجود لقاحات استورِدت كميات هائلة منها، بحسب الشروحات التي قدمها مدير وحدة صيدال قسنطينة، سمراني كريم.
وتساءل المسؤول الحكومي عن مصير العمال الذين تم تكوينهم في السابق لصناعة الأنسولين، ليوضح سمراني أن حوالي 50 بالمئة فقط ما زالوا موجودين، بسبب إحالة العديد منهم على التقاعد، وهنا أكد عون أهمية التكوين الذي لا يُشترط أن يكون خارج الوطن، بالنظر لتوفر معهد باستور وحتى الخواص لهذا الغرض، كما أمر بضمان استقرار الإطارات، ليستطرد قائلا «أكبر مشكلة في صيدال هي عدم الاستقرار والترحال. توقفوا عن جعل الإطارات تهرب لتصنع في ما بعد تميز قطاعات أخرى».
مشاريع لصناعة مشتقات الدم وإنتاج أدوية السرطان
واستمع الوزير إلى شروحات بخصوص دراسة مشروع لصناعة مشتقات الدم بالشراكة مع «سينوفاك» الصينية، وأكد وجوب العمل بالتنسيق الوثيق مع الوكالة الوطنية للدم، معربا عن رفضه استيراد الدم من خارج الوطن لصناعة مشتقاته.
وأكدت إطار بالمجمع أن إنتاج اللقاح المضاد للانفلونزا الموسمية، ضمن مشروع آخر مع شركة «سينوفاك»، يتطلب تجهيزات جديدة، بينما يسير مشروع تطوير أدوية حيوية لعلاج السرطان بسرعة، حيث ستعوض الأدوية الجنيسة وتكلف أقل، مثلما شرح الوزير، الذي عاين وحدة إنتاج أدوية علاج الأورام السرطانية، والتي بلغت ورشتها 85 بالمئة بطاقة 100 مليون قرص وكبسولة، وبكلفة 4.8 مليار دينار، فيما يتوقع استلامها في مارس 2024، لكن الوزير انتقد تأخر وضع التجهيزات رغم أن البناية جاهزة.
وفي آخر الزيارة، تفقد عون مشروع ملحقة المخبر الوطني لمراقبة المنتجات الصيدلانية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، والذي رصدت له 144 مليون دينار وبلغت أشغاله نسبة 87 بالمئة، حيث من شأنه تغطية 16 ولاية، وهنا شدد الوزير على التكوين وأمر بالإسراع في الورشة، كون هذه الملحقة ستساهم في تخفيف الضغط عن الجزائر العاصمة، فيما أكد والي قسنطينة بهذا الخصوص أنه سيقوم بزيارات ميدانية لضمان تسليم الملحقة في أقرب وقت.                                
ياسمين.ب

الرجوع إلى الأعلى