ابتكرت مصممة الأزياء الجزائرية، سهام لوعيل، ثديا اصطناعيا خارجيا يمكن النساء اللواتي سرق منهن السرطان جزءا من أنوثتهن، من استرجاع الثقة في النفس و الظهور بمظهر أفضل و أكثر ملاءمة، خاصة وأن النموذج الذي صممته مريح جدا و يبدو طبيعيا، على عكس أثداء «السيليكون» المستوردة والمكلفة التي تكون أثقل  وزنا و أكثر ضيقا و تسبب الانزعاج و الحساسية.
3 آلاف قطعة كاملة، صممتها أستاذة الخياطة بولاية سطيف، و وزعتها مجانا على سيدات من مختلف ولايات الوطن خلال فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر، بعدما تلقت طلبات لا تحصى لتجربة الثدي الاصطناعي الذي تحوز على براءة اختراعه،  و الذي يتميز عن المنتجات المستوردة، بكونه مطابقا للمقاس و قابلا للتعديل، وهو ما يجعل منه قطعة طبيعية جدا لا تظهر العيوب و لا تبرز التباين في الحجم أو عدم التوازن حسبها.
قالت محدثنا، بأن فكرة تصميمه ولدت خلال تطوعها لتعليم فن الخياطة لسيدات مقيمات « بدار الصبر» لمريضات سرطان الثدي بولايتها سطيف،  حيث لاحظت، بأن مشكل استئصال الثدي أثر كثيرا على نفسية هؤلاء النسوة، وأن بينهن من فقدن ثديين معا وفقدن معهما الثقة بالنفس، كما شعرن بأنهن خسرن أنوثتهن و أصبحن أقل جمالا، الأمر الذي دفعها إلى  التفكير في تصميم نموذج مختلف عن الأثداء الاصطناعية المصنوعة من مادة السيليكون و التي تبدو بارزة و غير متوازنة و تكشف عن حقيقة مرض  المرأة بشكل غير مباشر، ناهيك عن أنها تصاميم ثقيلة و يصعب تثبيتها جدا و قد يحدث أن تقع أرضا و تسبب لصاحبتها كثيرا من الإحراج.
 وبعد ثلاثة أشهر من التجريب و التصميم و إعادة النماذج و تصحيحها، تمكنت السيدة سهام، من الخروج بقالب موحد قابل للزيادة والنقصان حسب المقاسات و يسمح بارتداء القطعة بشكل مناسب لكل جسد، عرضته على البروفيسور شريف حامدي، وهو الطبيب المسؤول عن جمعية أمراض السرطان بسطيف، وذلك بغية التأكد من مطابقته لمعايير السلامة و الصحة ومناسبته لمريضة السرطان، أو المرأة التي خضعت سابقا لعملية استئصال للثدي، وبعدما حصلت على توصية منه قررت أن تقدم منتجها لمريضات دار الصبر، اللواتي أكدت بأنهن أحببنه جدا و سعدن كثيرا به.
وسرعان ما زاد الطلب على القطعة في ولاية سطيف  و انتقل إلى ولايات مجاورة، لتبدأ بعدها في استقبال طلبات من الخارج أيضا، خاصة وأن منتجها مكيف حسب الطلب و يناسب كل الحالات و يساعد على حل مشكل اعوجاج الظهر كذلك، وقد أوضحت للنصر  بأنها لا تعجز عن تصميم أية قطعة تطلبها منها السيدة غير أنها عملية تتطلب كثيرا من الوقت و بعض الجهد، خصوصا ما تعلق بتصميم القالب.
وأكدت المتحدثة أن الثدي الاصطناعي الخارجي الذي صممته، صحي و قد عاينه أطباء مشرفون على متابعة حالات بعض المريضات دون أن يعترضوا على استخدامه، كما أنه مصنوع من مواد بسيطة و خفيفة تجنب الشعور بالحكة أو التعرض لأية حساسية أو مضاعفات جلدية، موضحة، بأن هناك جهات من الخارج اتصلت بها لأجل استخدام القالب الذي صممته في إعادة إنتاج هذا الثدي في دول مثل قطر، و قالت بأن الأمر يتعلق بتصميم يحتكم إلى هندسة جسم المريضة، و يطبق بدقة حسب قياسات كل سيدة، حتى يناسبها بشكل تام و يكون مريحا لها.
وعن المواد التي تستخدم في تصميم الثدي، أوضحت بأنها تعتمد على إطار لين لتحديد القالب و على نوع خفيف من القماش القطني عالي الجودة، قالت بأنه يستورد من « تركيا»، مشيرة إلى أنها سجلت ابتكارها بعدما تم استقبالها وتكريمها من قبل وزير الصحة، وأنها تسعى اليوم، إلى توسيع المشروع بشكل أكبر كي تتمكن من مضاعفة الإنتاج و تغطية الطلب المتزايد على الثدي الاصطناعي الخارجي الذي صممته، علما أنها تفكر في العمل على مشروع مكمل يتمثل في تصميم حمالات صدر مناسبة للثدي الاصطناعي لتجنب تلفه بسرعة    و توفير راحة أكبر للمريضات، حيث تفكر في افتتاح ورشة خاصة للعمل بصورة أفضل وأكثر احترافية تسمح لها بالاستعانة بيد عاملة إضافية لتسريع عملية إنجاز الطلبيات.
و قالت المصممة، إن كثيرا من السيدات عبر الوطن يتواصلن معها للحصول على  الثدي الاصطناعي، لكن ظروف بعضهن صعبة و لا يمكنهن التنقل إلى سطيف لرؤيتها من أجل القياسات، أو لا يسمح لهن أزواجهن بذلك، ولذلك اقترحت أن تفتح مراكز العلاج على مستوى المستشفيات باب التنسيق معها، كي تتمكن من برمجة لقاءات مع المريضات في المستشفى، بحيث تتنقل هي لزيارتهن و تحديد قياساتهن، كي تصمم ما يحتجنه و تقدمه لهن، لمساعتهن على التعافي نفسيا و استرجاع الثقة في النفس و الابتسامة أيضا.
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى