دعا أمس، دكاترة في طب الإنعاش ومختصون نفسانيون، خلال يوم تحسيسي نُظم بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، إلى ضرورة التوعية بأهمية التبرع بالأعضاء، وتكثيف حملات التوعية في مختلف الفضاءات العمومية والمؤسسات التعليمية والجامعية، لإنقاذ الأرواح، مشيرين إلى أن هناك جهلا كبيرا بطريقة التبرع والقوانين التي تنظمها، وكذا رأي الدين فيها.
الأيام التحسيسية نظمتها مصلحة الإنعاش بالمستشفى الجامعي، بالتنسيق مع مخبر تحليل السيرورات الاجتماعية والمؤسساتية بجامعة عبد الحميد مهري، وتدوم ثلاثة أيام، حيث يشرف عليها أساتذة ومختصون في علم النفس، فضلا عن أطباء أشرفوا إلى جانب فاعلين في قطاع الصحة على تحسيس المواطنين الذين أبدوا اهتمامهم بالموضوع، وطلبوا توضيحات تتعلق بالحالات التي تتم فيها عملية التبرع بأحد الأعضاء أو كلها، وتساءلوا عن رأي الدين والإجراءات الواجب القيام بها قبل موت الشخص للإبقاء على كل الأعضاء الحيوية سليمة لنقلها للشخص المريض وإنقاذ حياة الغير.
وقدّم المشرفون على المبادرة، ومن بينهم الدكتور سفيان آيت عبد القادر، المختص في طب الإنعاش، تعريفا شاملا لعملية التبرع التي تتمثل في نزع الأعضاء والأنسجة من جسم إنسان حي أو في حالة موت دماغي وأعضاؤه سليمة لغرض زرعها لدى مريض يعاني من قصور في أحد الأعضاء.
وقال البروفيسور عمر بودهان، رئيس مصلحة الإنعاش بالمستشفى الجامعي والمنسق الوطني في الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، بأن هذه الأيام التحسيسية تهدف لإبراز أهمية التبرع بالأعضاء والتعريف بالموت الدماغي من الجانب الديني والأخلاقي والعلمي، في ظل غياب الوعي الذي يعد من المعوقات التي حالت دون تقدم العملية على المستوى الوطني، داعيا لمشاركة كل الفاعلين من أطباء ونفسانيين ورجال دين ومختصين في القانون، لتقديم فكرة شاملة عن العملية لعامة الناس، ولنشر الفكر التبرعي بالأعضاء في الوسط الاجتماعي، لتسهيل الأمر في حالة الموت الدماغي للشخص.
وأوضح المتحدث، للمستفيدين من العملية التحسيسية، بأن الأعضاء التي يمكن التبرع بها هي القلب، والكلى، والرئتين، والأمعاء، والبنكرياس، والنخاع العظمي، وكذلك قرنية العين وبعض الأنسجة الأخرى، ونزعها يكون من طرف طاقم طبي وجراحي متعدد التخصصات داخل غرفة عمليات تابعة لمؤسسات الدولة بعد موافقة الوصي القانوني، بحيث يتم حفظ العضو المنزوع في مصل درجة حرارته 4 درجة مئوية، كما يشترط التوافق البيولوجي بين الزمرة، وذلك بعد تأكيد الوفاة من طرف ثلاثة أطباء، حيث يسمح بالتبرع بالأعضاء في أي عمر، مع العلم أن القانون الجزائري والدين الإسلامي يسمح بالتبرع بالأعضاء بعد وفاة الشخص.
من جهتها أفادت البروفيسور فريدة سوالية، أستاذة علم النفس بجامعة عبد الحميد مهري قسنطية 2، بأن الدراسات الميدانية والعلمية التي شملت مختلف ولايات الوطن، أرجعت عدم تسجيل عمليات تبرع بالأعضاء إلى غياب الوعي والجهل بالقوانين وبرأي الدين في الموضوع، ودعت إلى ضرورة إيلاء أهمية للجانب النفسي، وذلك بإشراك نفسانيين في العملية لتحضير عائلة الشخص المتوفى إكلينيكيا وإقناعها بالموافقة على التبرع.
وأوضحت البروفيسور سوالية بأن فكرة التبرع بالأعضاء غير مألوفة في مجتمعنا، لكن بتكرارها من خلال التحسيس تدخل وتترسخ في العقل الباطن، وتجعل الشخص جاهزا للتعامل مع الأمر إذا تعرض أحد الأفراد لموت دماغي، وأشارت الأستاذة، إلى أن عملية التحسيس متواصلة، وستشمل المساجد، والجامعات والمراكز التجارية ودور الشباب، للتأكيد على أن التبرع بالأعضاء ضرورة اجتماعية وخدمة إنسانية.
وقد تم على مستوى المستشفى توزيع مطويات على مواطنين وكذا عمال قطاع الصحة، تتضمن شروط الانتزاع والزرع ومعلومات مفصلة حول التبرع بالأعضاء وزرعها في الإسلام، والمبادئ العامة لزرع الأعضاء والقوانين الجزائرية المنظمة للعملية من بينها المرسوم التنفيذي رقم 12 -167 المؤرخ في أفريل 2012 ويتضمن إنشاء الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء وتنظيمها.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى