فاقمت الأمطار التي بدأت في الهطول على قطاع غزة إلى جانب برودة الطقس، من معاناة النازحين في ظل العدوان الصهيوني المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي، الذي خلف دمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
ويعيش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين في مراكز الإيواء جنوبي قطاع غزة، أوضاعا معيشية قاسية، خاصة مع حلول الشتاء، الذي كشف فصولا جديدة من المعاناة.
ونقلت مصادر إعلامية، عن نازحين في الخيام جنوبي القطاع، إعرابهم عن حزنهم جراء الظروف الصعبة التي يعيشونها بعد تهجيرهم نتيجة العدوان الصهيوني وبعد أن أتلفت الأمطار ممتلكاتهم التي حصلوا عليها بصعوبة، بينما اشتكى آخرون من خيام لا تقيهم برد الشتاء.
و ذكرت التقارير أن النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة ، يعيشون في خيام لا تقيهم برد الشتاء، وتغرق بالمياه بسرعة مع أول زخات للمطر، مما جعل حاجة النازحين للمساعدات الإنسانية مع دخول فصل الشتاء، أمرا ملحا، وسط نداءات ومطالبات دولية تحث على سرعة إدخالها وزيادة كمياتها.
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن «الأمطار تبدو أضرارها أقل وطأة من القنابل والصواريخ التي ألقت بها آلة الحرب الصهيونية على رؤوس المدنيين العزل، إلا أنها أضافت المزيد من المعاناة للنازحين الذين يتخذون من الخيام التي صنعوها من أغطية قماش تمكنوا من حملها معهم من بيوتهم، مأوى لهم».
وأشارت إلى أن النازحين، يحصلون على كميات قليلة من مياه الشرب وحصص غذائية ضئيلة، يتم توزيعها على المخيمات المؤقتة في المدارس ومراكز الإيواء الأخرى، موضحة أن النازحين وفي ظل شح الحصول على أساسيات الحياة، يواجهون الآن مشكلة تساقط الأمطار التي تتحول إلى مياه راكدة مع ما يمكن أن ينجم عن ذلك من أمراض تنقلها المياه.
ووفقا للأمم المتحدة، فقد نزح أكثر من 1.5 مليون فلسطيني من غزة البالغ عددهم 2.4 مليونا ويعاني جميعهم من الجوع. وقامت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بتأمين 154 ملجأ لاستيعابهم، إلا أن جميعها تستقبل أعدادا أكبر بكثير من طاقتها.
وحذرت الوكالة من أن «الاكتظاظ يساهم في انتشار الأوبئة وخصوصا التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال»، فيما تحدث مسؤولو الأمم المتحدة عن تفشي الكوليرا.
من جهة أخرى، أكدت السلطات الصحية في قطاع غزة ، أن الوضع في مستشفيات جنوب قطاع غزة أكثر من كارثي وهي تفتقر للحد الأدنى من الخدمات العلاجية للجرحى.
وقال المتحدث باسم السلطات الصحية في قطاع غزة، اشرف القدرة، في تصريح إعلامي، أن الوضع الصحي والإنساني في المستشفيات مراكز و أماكن الايواء «قاتل» نتيجة انتشار الأوبئة و الأمراض المعدية.
ودعا القدرة، الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر للتحرك فورا لإنقاذ حياة الموجودين في المستشفيات وحمايتها.
وقال أنه «تم رصد 326 ألف حالة إصابة بالأمراض المعدية وصلت للمراكز الصحية من مراكز الإيواء»، مرجحا أن يكون العدد «أكثر بكثير».
وطالب «المؤسسات الأممية بإيجاد آليات فاعلة لتوفير المقومات المعيشية والصحية والرعاية الصحية داخل مراكز الإيواء وخاصة للنساء الحوامل والأطفال والمرضى المزمنين والجرحى».
ومع زيادة أعداد النازحين في المناطق الغربية لمحافظتي خان يونس ورفح، يضيف ذات المتحدث فإننا «ندعو شركاء العمل الصحي إلى إقامة نقاط طبية وعيادات متنقلة لتوفير الرعاية الصحية للنازحين».
وأكد في السياق أن «الاحتلال مازال يشدد قيوده ويتحكم بدخول المساعدات الطبية ويستخدمها كسلاح لقتل الجرحى والمرضى»، مطالبا «بتوفير ممر إنساني آمن يضمن تدفق الإمدادات الطبية والوقود ووصولها لكافة مستشفيات قطاع غزة».
كما طالب، المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل من أجل توفير الاحتياجات الدوائية والوقود لتشغيل مجمع «الشفاء» الطبي الذي يمثل الملاذ «الأوحد» للجرحى والمرضى والولادة والأطفال بعد خروج مستشفيات شمال غزة عن الخدمة، وكذا إقامة مستشفيات ميدانية شمال غزة لإنقاذ الجرحى والمرضى.
وأكد أن الطواقم الطبية تعيش حالة من الرعب والترهيب نتيجة الممارسات الارهابية لقوات الاحتلال ، ناهيك عن الضغط الكبير في محاولة انقاذ أرواح المرضى و المصابين، مضيفا أن الاجرام الصهيوني ضد مستشفيات شمال غزة هدفه «انهاء الوجود الصحي وإجبار سكان المنطقة على النزوح القسري».
من جانبه، أكد المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور عبد الجليل حنجل أمس، خروج 22 مستشفى من أصل 35 عن الخدمة في قطاع غزة.
وذكر حنجل في تصريحات صحفية أن قطاع الإسعاف التابع للهلال الأحمر الفلسطيني تضرر بشكل كبير في غزة جراء قصف جيش الاحتلال الصهيوني ونفاد الوقود.
وأشار إلى تضرر عدد كبير من سيارات الإسعاف إثر القصف قائلا: يوجد 13 سيارة إسعاف فقط تعمل في قطاع غزة و71 كادرا صحيا يعملون بدائرة الإسعاف.
وواصل الاحتلال الصهيوني قصفه العنيف لمختلف مناطق قطاع غزة ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، ما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات جميعهم من الأطفال والنساء وتدمير وتسوية منازل ومدارس ومراكز إيواء بالأرض ودفع بآلاف المواطنين العزل إلى نزوح مستمر في ظروف إنسانية بائسة.
حوالي 60 في المائة من المنازل في غزة تضررت أو دمرت
قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين المحتلة، لين هاستينغز، أمس، أنه وفقا لصور الأقمار الصناعية، فإن حوالي 60 في المائة من المنازل في غزة قد تضررت أو دمرت تماما، جراء العدوان الصهيوني المتواصل على القطاع.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر الأمم المتحدة في جنيف وشاركت فيه هاستينغز عبر الفيديو، أوضحت المسؤولة الأممية أن الأعمال الصهيونية العدوانية والمتصاعدة، دفعت ما يقرب من نصف سكان القطاع، أو حوالي مليون فلسطيني، إلى النزوح إلى رفح في الجنوب، مما أدى إلى تفاقم الجوع والأزمة الصحية المضنية.
ونبهت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، إلى أن الأمراض المعدية تنتشر في غزة وأن أقل من ثلث المستشفيات تعمل جزئيا على الأقل وأن الملاجئ تجاوزت طاقتها منذ فترة طويلة وأن الغالبية العظمى من الناس ليس لديهم ما يكفي من الغذاء أو المياه، فوفقا لتقييم أصدره برنامج الأغذية العالمي مؤخرا، يعاني ما يقرب من نصف سكان غزة في الشمال وثلثهم في الجنوب من «مستويات حادة من الجوع».
ودعت إلى السماح بوصول اللجنة الدولية للصليب الأحمر للعاملين الصحيين الذين احتجزتهم قوات الاحتلال، مثل مدير مستشفى الشفاء، حيث كان المستشفى هدفا لغارة عسكرية الشهر الماضي.
وأكدت هاستينغز أن الكيان الصهيوني، باعتباره القوة المحتلة، مسؤول عن حماية المدنيين الفلسطينيين في القطاع وتوفير احتياجاتهم الأساسية وضمان وصول المساعدات دون عوائق، مضيفة أن «هذا لا يعني السماح لشاحنات المساعدات بالعبور إلى غزة فحسب وإنما تمكين العاملين في المجال الإنساني كذلك من تقديم المساعدة لجميع من يحتاجون إليها».
كما سلطت المسؤولة الأممية الضوء على الوضع الهش بشكل متزايد في الضفة الغربية المحتلة، حيث استشهد 464 فلسطينيا هذا العام، أكثر من نصفهم استشهد منذ 7 أكتوبر، إضافة إلى اعتقال نحو 3000 فلسطينيا.
ويواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه غير المسبوق على قطاع غزة والضفة الغربية، منذ السابع من اكتوبر الماضي، مخلفا 18.682 شهيدا ونحو 50 ألف جريح، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى