دعا باحثون وأساتذة جامعيون إلى ضرورة توفير مناخ بحث علمي ملائم يسهم في تشجيع الابداع والابتكار في ظل الحريات الأكاديمية وتثمين البحث العلمي لاحتضان واستعادة الكفاءات المهاجرة، وضمان ولائها للوطن الأم لتسهم في حركيته التنموية والنهضوية ونقل المعارف التكنولوجية والطبيعية والإنسانية؛ في واقع عربي وإسلامي تشكل فيه هجرة الأدمغة هاجساً مخيفاً للحكومات والمنظمات على حد سواء.
وذلك في ظل تزايد أعداد المهاجرين خاصة من الكوادر العلمية المتخصصة، لما لذلك من آثار سلبية تتمثل في حرمان هذه الدول من الاستفادة من خبرات ومؤهلات هذه الكفاءات لتؤثر سلبا على تطور الاقتصاد القومي وعلى التركيب الهيكلي للسكان والقوى البشرية؛ ولفتوا النظر إلى أن هجرة العقول ليست ظاهرة سلبية من حيث المبدأ؛ بل هي سنة كونية من سنن الله الطبيعية، للتثاقف ونقل المعارف والعلوم؛ لكن ينبغي حسن استثمارها وتوظيفها لتكون كسبا حضاريا وعلميا وتقنيا يسهم في تقدم الأمة وازدهارها، وزيادة تجاربها وتواصلها ماديا ومعنويا، بدل أن تكون عامل تقويض وضعف للأمة بسوء التعاطي معها أو تجاهل أصحابها.
ففي بيان توصيات توج فعاليات أشغال الملتقى الوطني الاقتصادي الأول مساء أمس الأول حول ‘هجرة الكفاءات العربية بين التحديات المجتمعية والحلول التنموية’ بادرت إلى تنظيمه المدرسة العليا للمحاسبة والمالية بقسنطينة دعا المتدخلون مختلف المؤسسات ذات الصلة بملف ظاهرة هجرة الكفاءات إلى العمل على الحد من هجرتها، من خلال تقديم برامج دقيقة متعلقة بسياسة التوظيف في مؤسسات الدولة العمومية والقطاعات الخاصة، من حيث الأجور والمرتبات المجزية لتحقيق الكفاية الاقتصادية، واختيار المكان المناسب لتلك الكفاءات العلمية، بما يتفق مع مؤهلاتهم وإمكاناتهم، وتوفير المناخ المناسب الذي يمنحهم المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار، والعمل على نشر ثقافة الولاء الوطني، وإعداد خطة منهجية لتطوير مناهج التعليم، بما يتناسب مع حاجة المجتمع المحلي للاختصاصات المختلفة، وتفعيل دور الشباب في حرية إبداء آرائهم وأفكارهم من خلال المنتديات والمراكز الثقافية والشبابية، وتشجيع الشركات والمؤسسات الخاصة للمشاركة في تمويل البحوث العلمية والإفادة منها، وتوفير أدوات وأجهزة البحث العلمي من قبل الجامعات العلمية للباحثين، وعقد المؤتمرات والندوات وورش العمل العلمية التي لها ارتباط بالواقع الصناعي والاقتصادي والعلمي، من أجل إحداث احتكاك علمي بين الخبرات المحلية والعالمية، وصولا إلى الإبداع والابتكار.
وفي السياق ذاته دعا المشاركون من جامعات مختلفة من الوطن إلى إقرار استراتيجية عربية وإسلامية تعمل على وضع ظاهرة هجرة الكفاءات العلمية على جدول أعمال اجتماعات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، من خلال مؤسساتها ووحداتها المختلفة، من أجل رصد إحصاءاتها الدقيقة والتنبيه إلى خطورتها، وتقديمها إلى اجتماعات القمة عربيا وإسلاميا، ووضع برامج عملية لمعالجتها، وتبني مشروعات طموحة تدعو من خلالها هؤلاء العلماء الموجودين بالخارج إلى العودة إلى بلدانهم الأصلية والإسهام في بناء نهضتها وتطورها العلمي والتقني، باعتبارها قضية من قضايا الأمن القومي؛ لأن تفريغ أي أمة من عقولها يعني تركها أمة خاملة وتابعة وغير قادرة على الابتكار، بالتوازي مع تبني المواهب العلمية المختلفة، وعدم إهمال المخترعات التقنية التي يتقدم بها أعداد من الطلبة والباحثين العرب والمسلمين إلى الجامعات ومراكز البحث العلمي، التي لا تجد طريقها للتنفيذ والمتابعة، حيث يتحمل مسؤولية هذه المهمة كل من الدولة والقطاع الخاص على حد سواء، من أجل تبني المخترعات العلمية التي تساعد على تطوير المنتج الصناعي كما يحدث في الدول المتقدمة.
وحثوا الجامعات العربية والإسلامية على رعاية العلماء والخبراء المنتسبين إليها، والحرص عليهم وتوفير كل السبل التي تتيح لهم الابتكار والإبداع، والعمل على تقديرهم ماديا أو أدبيا والتوسع في  إنشاء الأكاديميات التكنولوجية والبحثية، لإتاحة الفرصة لهذه الكفاءات أن تمارس دورها العلمي والقيادي في نهضة الأمة وتقدمها.
ع/خ

الرجوع إلى الأعلى