بلغ سعر صرف العملة الأوروبية، مستوى قياسيا في السوق الموازية أمس، حيث بلغت قيمة الأورو الواحد 180 دينارا، ليحقق مستوى غير مسبوق، فيما بلغت قيمة الدولار الأمريكي 150 دينارا، وسط توقعات باستمرار المنحى التصاعدي للعملات الأجنبية بسبب تراجع قيمة العملة الوطنية، وقال أحد باعة السوق الموازية «للدوفيز» بأن ارتفاع سعر العملات الأجنبية «لم يكبح الطلب»، وقال بأن الإقبال على شراء العملات الأجنبية وبالأخص اليورو بلغ مستويات قياسية في الفترة الأخيرة.
سجل سعر صرف العملة الأوروبية، أمس الاثنين، في السوق الموازية «للدوفيز» مستوى  قياسيا مقابل العملة الوطنية، مواصلا بذلك ارتفاعه لليوم الثاني على التوالي، حيث بلغ سعر صرف «الأورو» عند باعة السوق الموازية، 180 دينارا، بعدما بلغ يوما قبل ذلك عتبة 17.8 دينارا، فيما وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 150 دينار، في الوقت الذي حافظ  فيه البنك المركزي على سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل العملة الأوروبية بـ 120 دينار. و 105 دينار مقابل الدولار الأمريكي. وقال باعة العملة الصعبة في السوق الموازية، بان الارتفاع الكبير في سعر الصرف «لم يؤثر على حجم التداولات»، مضيفا «بان الإقبال على شراء العملات الأجنبية وبالأخص اليورو والدولار بلغ مستويات غير مسبوقة»، مرجعا ذلك إلى انهيار قيمة العملة الوطنية، فيما قال بائع أخر في سوق «السكوار» بالعاصمة، بأن الأخبار التي راجت مؤخرا (والتي نفاها الوزير الأول خلال اجتماع الثلاثية ببسكرة) باعتزام الدولة تغيير الأوراق النقدية بداية من العام القادم «دفعت أصحاب الأموال إلى استبدال الدينار بالدوفيز». وتحويل الأموال المكتنزة بيدهم إلى العملة الصعبة. وقال أحد الباعة في السوق الموازية «بأن قيمة الأموال المتداولة في السوق منذ بداية الأسبوع الماضي بلغت مستويات قياسية»، مضيفا بأنه «يتلقى يوميا مكالمات من أشخاص يرغبون في شراء كل ما لديه من أموال بالعملة الصعبة»، وأضاف «بأن بعض الصفقات تقدر بالملايير» وهو ما لم يجد له تفسيرا خاصة أن الفترة الحالية لا تتزامن مع فترة العطلة التي تشهد إقبالا على العملة الأجنبية، مضيفا بأن ارتفاع الطلب أدى إلى زيادة سعر الصرف وفق قاعدة العرض والطلب. ويتوقع باعة السوق الموازية، بلوغ مستويات قياسية في الفترة القادمة، وقال أحد الباعة بأن المؤشرات توحي بأن سعر صرف العملة الأوروبية قد يرتفع إلى حدود 200 دينار قبل نهاية الأسبوع أو بداية الأسبوع القادم في حال استمرار الطلب على العملة الأجنبية في نفس المستوى، وتراجع العرض خاصة الأموال التي تأتي من العائلات الجزائرية المقيمة بالخارج. وبحسب الخبراء، فإن انخفاض قيمة الدينار يرجع إلى وجود حالة عرض غير محدود بسبب ضخامة السيولة في السوق الموازية خارج البنوك والمقدرة بـ4500 مليار دينار (ما يعادل 40 مليار دولار)، إضافة إلى تضاعف الطلب على العملات الأجنبية، ويقترح الخبراء البحث عن موارد جديدة للجباية خارج النفط والمحروقات لإحداث توازن في ميزانية الدولة، و إطلاق حملة لطمأنة المواطنين بشأن سياسة سعر الصرف المتبعة من قبل السلطات النقدية ممثلة في بنك الجزائر. ويتخوف الخبراء من أن ينعكس الوضع الحالي على الأسعار في السوق الوطنية، وإن كان الهدف الأساسي للسياسة المعتمدة هو خفض قيمة الواردات وتقليص العجز التجاري، إلا أنها قد تؤدي إلى ارتفاع وتيرة التضخم، وبالتالي انهيار القيمة الشرائية للدينار في السوق، وبالتالي فإن الزيادات في الأجور التي استفادت منها فئات عمالية ستكون عديمة الجدوى، ما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.  وذكر مسؤول في مصرف عمومي، أن البنك المركزي يعتمد سياسة التعويم المحكوم للدينار أمام العملات الرئيسية سمح للعملة المحلية بالانخفاض بهدف الحدّ من الواردات التي من المتوقع أن تتجاوز عتبة 50 مليار دولار في 2015، وهو رقم يتجاوز حجم الصادرات، ويفاقم بذالك عجز الميزانية، مضيفاً أنّ «الدينار الجزائري هوى إلى 105.84 مقابل الدولار وإلى حدود 120 مقابل الأورو. وكان سعر الدينار يقدر بنحو 79.6 للدولار في 2014.
وكان محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي، قد كشف مؤخرا، أن الدينار الجزائري تراجع بـ 22 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي غير أن قيمته زادت بـ 0,6 بالمائة مقابل الأورو خلال السداسي الأول ل 2015 بالمقارنة بنفس الفترة ل 2014. وقال لكصاسي، خلال عرض حول التوجهات المالية للجزائر خلال السداسي الأول للعام الحالي، أن سعر الصرف الحقيقي للدينار الجزائري ظل مرتفعا مقابل معدله على المدى المتوسط نهاية جوان 2015 في وضعية تتميز باتساع الفارق و الضغوط على أسواق الصرف. و أوضح بأن السياسة الحالية تسمح بامتصاص نسبة من تأثير تراجع أسعار النفط لتفادي أي تأثير سلبي لتغير قيمة الدينار على الاستقرار الاقتصادي الواسع على المدى المتوسط.                 

أنيس نواري

الرجوع إلى الأعلى