وحدات الجيش ومصالح الأمن تبقى ملتزمة من أجل الحفاظ على سلامة الممتلكات والأشخاص
اعتبر الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس السبت، أن الوضع الذي تمر به البلاد  ليس سهلا و أن الصعوبات حقيقية مع آفاق تطور غير واضحة، لكن من الناحية الاقتصادية فإن الجزائر تتحمل ـ كما قال ـ الصدمة النفطية بشكل أحسن من كثير من البلدان الأخرى.
 و أشار سلال، في حديث خص به وكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن مداخيل الجزائر من تصدير المحروقات شهدت انخفاضا بـ 44  بالمئة، وتراجعت إيراداتها الخارجية بالنصف تقريبا في بضعة أشهر. و أكد بأن القرارات الشجاعة و المتبصرة لرئيس الجمهورية جعلت الحكومة اليوم في وضع يمكّنها من مواجهة هذا الظرف من دون الاضطرار للمديونية.
و في تطرقه إلى تفاقم تهديدات الإرهاب الدولي العابر للحدود، قال سلال أن قدرة الجماعات الإرهابية علي إلحاق الضرر قد ازدادت بعد العلاقات التي نسجتها مع شبكات الجريمة المنظمة، مؤكدا بأن الجزائر ما زالت تدعو إلى التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تجفيف منابع تمويله.
كما أكد سلال وقوف الجزائر إلى جانب جاليتها الوطنية المقيمة بالخارج أمام ما تتعرض له من مظاهر معاداة الأجانب و العنصرية .
  سؤال: ما هو الوضع الاقتصادي للبلد سنة 2015؟
الوزير الأول : توقع محللو السوق النفطية أن سنتي 2015 و 2016 ستعرفان أشد مستويات انخفاض الأسعار. وقد أكدت الأشهر العشرة الأولى هذا التوجه. بالنسبة للفترة الممتدة بين جانفي و أوت تراجع سعر البرميل بنسبة 48 % مقارنة بسنة 2014 و نتيجة لذلك سجلت مداخيلنا من تصدير المحروقات انخفاضا من نفس القبيل (-44  بالمئة).
لقد شهد بلدنا تراجع إيراداته الخارجية بالنصف تقريبا في بضعة أشهر و ذلك ما يعكس قوة الصدمة التي تعرض لها الاقتصاد الجزائري الذي هو في مرحلة إعادة البناء بعد عشريتين من الركود الاقتصادي. بالرغم من ذلك نحن صامدون. فالقرارات الشجاعة و المتبصرة لرئيس الجمهورية جعلت الحكومة اليوم في وضع يمكنها من مواجهة الظرف من دون الاضطرار للمديونية و مع توفرها على هامش مناورة مالية.
فبالرغم من الانخفاضات المعتبرة فإن مستوى احتياطات الصرف و موارد صندوق ضبط الإيرادات ما تزال جيدة.
أما التضخم الذي سجل ارتفاعا في بداية السنة فقد تم التحكم فيه و قد أخذ منذ الثلاثي الثاي منحى تنازليا ليستقر عند 5 %. كما تم اعتماد منهج ترشيد النفقات و التحكم في التجارة الخارجية.
في هذا المضمار نسجل مقارنة بالنسبة لنفس الفترة من سنة 2014 انخفاض الواردات بنسبة 3ر11 % وانخفاض النفقات العمومية بـ 5 % في حين شهدت موارد الميزانية العادية زيادة بـ 3ر9 %.
كما واصلت الاعتمادات الموجهة للاقتصاد زيادتها (+7ر22 % مقارنة بسنة 2014) فيما تم الإبقاء على مستويات معتبرة من السيولة لدى البنوك بأكثر من 730 مليار دج وذلك بغرض تمكين الاستثمار الوطني.
أما نمو الناتج الداخلي الخام فقد سجل نسبة متساوية بين سنتي 2014 و 2015 ب8ر3 %. من الصعب تحقيق الهدف المحدد في قانون المالية 2016 ب 6ر4 % لكننا مجندون جميعا لبلوغ هذا الأداء. في مجمل القول، اعتبر أن الوضع ليس بالسهل و أن الصعوبات حقيقية مع آفاق تطور غير واضحة لكن من الناحية الاقتصادية فإن الجزائر تتحمل الصدمة النفطية بشكل أحسن من كثير من البلدان الأخرى.
لا يمكن بأية حال من الأحوال أن يبرر هذا الوضع بقاء الأمور على حالها أو انتهاج سياسة الانتظار التي ستكون عواقبها وخيمة علينا.يجب أن نتحرك الآن و معا لإحداث تحول اقتصادنا نحو خلق الثروات و مناصب الشغل لأنه حتى لو عادت أسعار المواد الأولية إلى مستويات مرتفعة في المستقبل فإنها لن تكفي لتغطية حاجيات التنمية الاجتماعية و الاقتصادية المستقبلية لبلدنا.
سؤال : ما هي الآفاق؟
الوزير الأول : المعادلة بسيطة. لقد شيدت الجزائر منذ استقلالها نموذجا سياسيا واجتماعيا تبقى متمسكة به و لا تريد بأية حجة كانت التخلي عنه. الجزائريون يريدون أن تبقى دولتهم سيدة في قراراتها و متضامنة مع الضعفاء منهم.
نحن نرفض الرجوع الى سنوات الندرة أو وقف مشاريع التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الجاري إنجازها عبر الوطن. يجب أن نجد الوسائل للحفاظ على مستوى معيشة الجزائريين و قدرتهم الشرائية و ذلك في سياق يتسم بتراجع مواردنا الخارجية.
فالحفاظ على هذا النموذج له كلفة كنا نتحكم فيها إلى حد الآن من خلال استغلال ثرواتنا الوطنية التي لم يعد بإمكانها في المستقبل أن تضمن ديمومته. فعلينا إذن البحث عن النمو في مجالات آخرى أي في الفضاء الاقتصادي الحقيقي حيث تمثل المؤسسة سواء كانت عمومية أو خاصة مفتاح النجاح.
ذلك هو نموذج النمو الذي نسعى لبلورته من خلال تصور واضح إلى غاية سنة 2019 و نحن نفكر في توسيعه لآفق سنة 2030.
إن الأمر لا يتعلق بخيار اقتصادي واحد من بين عدة خيارات أخرى. إنه مسعى حيوي بالنسبة لمستقبل بلدنا حيث ينبغي أن نتعلم فيه جميعا كيف نعيد للعمل قيمته وكيف نعيش من عرقنا. فالقيام بالاستثمارات المنتجة في المستقبل يقع على عاتق المتعاملين الاقتصاديين وليس على عاتق الدولة التي عليها أن تضطلع بمهام التنظيم والتضامن مع الطبقات المحرومة من السكان.
أذكر أن بناء هذا الاقتصاد البارز يشكل عنصرا مركزيا في البرنامج الرئاسي الذي زكاه الشعب الجزائري بأغلبيته الواسعة، و الذي شكل المرجع الوحيد لحكومتنا خلال إعداد مخطط العمل الذي عرض على البرلمان للمصادقة. فكل وزير يعمل بتنسيق من الوزير الاول وتحت السلطة المباشرة لرئيس الجمهورية على تنفيذ خارطة الطريق في حدود صلاحياته القطاعية و ذلك في إطار تصور شامل و منسجم خلافا لما قد يتم زعمه. كما أن جلب الاستثمارات المباشرة الوطنية أو الأجنبية يشكل معركة يومية و منافسة شرسة بين البلدان لأنه لا يجب أن ننسى أننا لسنا وحيدين في هذا العالم الذي تطغى عليه المصالح.علينا أن نتعلم كيف نقبل بمن يستطيعون المشاركة في تنمية بلدنا و كيف نجلبهم إلينا. فالإجراءات التي نتخذها لتشجيع الإنعاش الاقتصادي لاسيما في قطاعات الفلاحة و الصناعة و السياحة و تكنولوجيات الإعلام والاتصال تؤطرها على الدوام عناصر أساسية مثل حق الشفعة و قاعدة 51/49 و التزامات السلطات العمومية على الصعيد الاجتماعي. أود أن أوضح في هذا المقام و بغية تفادي أي جدل أو مزايدة أن تعديلات أسعار المقررة للمنتوجات الطاقوية لن تمس بأية حال من الأحوال صغار المستهلكين أو سكان مناطق الجنوب. فأكبر جهود الاقتصاد في الإنفاق تبذل على مستوى التسيير و ترشيد تنفيذ ميزانية الدولة.
فالالتفاف الوطني حول هذا المسعى الاقتصادي التجديدي ضروري لأنه إذا كان من الحسن معرفة الى أين نسير فمن الأحسن أن نأخذ الوجهة معا. نحن نعير أهمية قصوى للتضامن الوطني و التشاؤم بلا سبب مدمر .سنستمر في تفضيل الحوار الهادئ و الهادف مع كل الجزائريين بلا استثناء.
سؤال : مازال الإرهاب يضرب و يهدد العديد من البلدان. ما هو تقييمكم؟
الوزير الأول: من المؤسف أن نسجل أن الأحداث المأسوية التي ألمت بالعالم مؤخرا تؤكد مواءمة التحليلات و المواقف الجزائرية حول عدد من المواضيع مثل الإرهاب والتراجع الخطر حول ما سمي بالربيع العربي و خطر تفكيك البلدان وأهمية الوحدة الترابية للدول و سيادة الشعوب بعيدا عن أي تدخل.
فقدرة الجماعات الإرهابية على إلحاق الضرر قد ازدادت بشكل محسوس على إثر الصلات التي نسجتها مع الجريمة العابرة للأوطان و كل أنواع التهريب. فالمجرمون و اللصوص هم الذين يخلقون أوضاع اللاأمن و الفوضى و يستغلونها لمضاعفة قواهم و خدمة مصالحهم .
إنه لخطأ جسيم اعتبارهم مقاتلين في سبيل عقيدة أو ديانة ما. التفكير على هذا النحو يخدمهم و يخدم مخططاتهم الإجرامية. الجزائر لم تنفك تدعو للتخطيط و التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تجفيف منابع تمويله لاسيما من خلال منع دفع الفدية ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات و ظاهرة الاتجار بالبشر. من الضروري أيضا تشجيع مسارات السياسية السلمية والشاملة في البلدان العربية والإفريقية للتمكين من إحلال حكومات قوية و شرعية قادرة على فرض هيبة الدولة و بسط دولة القانون على سكان و أقاليم كانت لحد الآن رهينة جحافل القتلة و المهربين. و إذ أعرب عن تعاطفي مع ضحايا الإرهاب في كل مناطق العالم فإن مشاعري العميقة تتجه نحو جاليتنا الوطنية المقيمة بالخارج و التي يتشاطر أفرادها قلق سكان البلدان التي يقيمون بها و يواجهون في الوقت ذاته وضعيات خلط غير مبررة و يتعرضون لمظاهر معاداة الأجانب و العنصرية و أقول لهم أن بلدهم إلى جانبهم يساندهم في هذه المحنة و يؤكد لهم دعمه المطلق و الثابت. السلطات المعنية بالأمن الوطني ولاسيما الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن تبقى مجندة وملتزمة من أجل الحفاظ على سلامة الممتلكات والأشخاص عبر كامل التراب الوطني.
ق و/ وأج

الرجوع إلى الأعلى