عمـود البخــار بالشــلال الشهيــر..ظاهــرة فيزيــائيــة سـاحــرة تثيــر الاهتمــام   
يرتفع في سماء مدينة حمام دباغ السياحية الجميلة عمودا من البخار الكثيف  يظهر كل ليلة من ليالي الشتاء و الربيع من مسافات بعيدة، كأنه دخان مصنع عملاق أو بركان ثائر لا يتوقف عن النشاط. البخار يبدأ في التشكل و الانبعاث من الشلال الشهير بعد غروب الشمس و يستمر في النشاط طيلة ساعات، حتى يكاد يغطي المدينة بأكملها و يحجب الرؤية كأنه ضباب قطبي كثيف.  
 ظاهرة فيزيائية جميلة و مثيرة للاهتمام، ظلت تتكرر منذ نشأة الشلال و المنابع الساخنة قبل مئات السنين، كلما حلت ليالي الشتاء الباردة و صقيع المنخفضات و ندى الربيع الذي يزيد من كثافة الظاهرة و يحولها إلى سحب ماطرة تسقي الحقول و الحدائق و البساتين القريبة من المكان.
  و كلما كانت السماء صافية و درجات الحرارة منخفضة، يكون عمود البخار كثيفا و مرتفعا إلى السماء و عندما يبلغ مسافة معينة يتجمد و يزيد وزنه ماء، فيعود إلى الأرض و ينتشر على مساحات واسعة و يحجب الرؤية في الطرقات و بين الأودية و السهول الممتدة من الجوهرة السياحية إلى مشارف بلدية مجاز عمار المجاورة.  
و يختفي عمود البخار الجميل، عندما ترتفع درجات الحرارة ليلا و عندما تكون السماء ملبدة بالسحب الجافة و الماطرة، فالظاهرة الفيزيائية المثيرة لا تحدث إلا إذا كانت السماء صافية و درجات الحرارة منخفضة ليلا، حيث تعمل البرودة القوية على تكثف البخار المنبعث من المنابع الساخنة التي تغذي الشلال، فيتجمد عندما يبتعد عن الأرض و يتحول إلى سحاب يمطر ندى كثيفا يسقي الحدائق و البساتين.  
  و بمرور الزمن تحولت ظاهرة عمود البخار إلى مصدر اهتمام السياح و حتى الباحثين المهتمين بفيزياء البخار و المنابع الطبيعية الساخنة، فيتجمع السياح كل ليلة و كل صباح بساحة الشلال و حول منابعه الساخنة ليستمتعوا بالبخار الساخن الكثيف و يأخذون صورا تذكارية جميلة وسط الضباب و الندى الذي يبلل ملابسهم و أحذيتهم و تنبعث منه برودة شديدة تسكن أجسادهم حتى تشرق الشمس و تبدد الضباب و تجفف الحدائق و البساتين و تعيد وضوح الرؤية إلى الفضاءات السياحية الجميلة.   و يعتقد السكان القدامى بأن بخار الشلال يرمز للخير الوفير، فكلما كان كثيفا و متواصلا في ليالي طويلة من الشتاء و الربيع، كان الزرع و كانت السعادة و الخيرات. و كلما كان الشتاء ماطرا ، كان بخار الشلال كثيفا حيث يؤدي ارتفاع منسوب المياه الجوفية إلى تنشيط المنابع الساخنة و انبعاث البخار الساخن الثقيل الذي يتكثف في سماء المدينة، ثم يعود إلى الأرض و ينتشر على مساحات واسعة حتى  يخيل  للزائر أول مرة، أنه في قلب عاصفة ماطرة لكن بلا رياح و بلا رعود.               
تتشكل لوحة فنية ساحرة كل ليلة، عندما تبلغ كثافة البخار ذروتها و تتوقف حركة السيارات و الراجلين، بعد منتصف الليل فاسحة المجال لصوت خرير المياه الساخنة المتدفقة على واجهة الشلال و ضباب ينبعث في السماء ثم يعود إلى الأرض مثقلا بالندى، ليغطي الحدائق و يحجب نور المصابيح الكهربائية المختلفة الأشكال و الألوان.
  و يقضي عشاق السمر و الطبيعة الهادئة ساعات طويلة من الليل بساحة الشلال، للاستمتاع بالظاهرة الفيزيائية النادرة التي تكاد تتحول إلى تقليد سنوي يحتفي به السكان المحليون كل ربيع و يجلب إليه آلاف السياح من كل مكان.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى