الجزائر مقبلة على ورشة إصلاحية ثانية
بوتفليقة اقترح دستورا  و هو حريص على تنفيذه كاملا
من المنتظر أن تفتح الحكومة خلال أسابيع قليلة، عدة ورشات لمراجعة بعض النصوص القانونية، بعد مصادقة البرلمان على الدستور الجديد، الذي سيصبح نافذا بعد صدوره في الجريدة الرسمية، ويؤكد خبراء وقانونيون، بأن إقرار دستور جديد ليس هدفا في حد ذاته، بل الأهم هو ترجمة المواد والإجراءات التي تضمنها على أرض الواقع، خاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات والانتخابات، وهو ما يريده الرئيس بوتفليقة الذي وضع تنفيذ مضمون الدستور على رأس أولوياته في المرحلة المقبلة من خلال تشكيل لجنة تحت سلطته مباشرة تتولى تنفيذ التدابير الدستورية.
وضع الرئيس بوتفليقة، تنفيذ مضمون الدستور الجديد على رأس أولوياته في المرحلة المقبلة، حيث قرر إنشاء خلية متابعة تكون مهمتها السهر على التجسيد «الشامل والدقيق» للأحكام التي يتضمنها الدستور الجديد «في الآجال المحددة». وأكد الرئيس في رسالته خلال جلسة التصويت على الدستور، بأن اللجنة التي سيتم استحداثها والتي ستكون تابعة لرئاسة الجمهورية، ستتولى مهمة السهر بعناية على التجسيد الشامل والدقيق لهذه الأحكام في الآجال المحددة، وحرص بوتفليقة على التأكيد بأنه سيتابع شخصيا عمل تلك اللجنة بشكل منتظم.
وأكد بوتفليقة، في رسالته، بأن النصوص القانونية التي صادق عليها البرلمان في السنوات الأخيرة، سيتم إعادة النظر فيها وتعديلها من قبل البرلمان، وذلك على ضوء التعديل الدستوري. ما يعني إعادة فتح عديد الورشات لمراجعة النصوص القانونية، وتحدث عن تعديل قانون الانتخابات خاصة فيما يتعلق بآليات المراقبة، ويشمل التعديل إنشاء هيئة عليا مستقلة لمراقبة الإستشارات السياسية الوطنية والمحلية، والتي ستكون مكلفة بالحرص على شفافية هذه الانتخابات ونزاهتها، وذلك بدءا من استدعاء الهيئة الناخبة حتى إعلان النتائج المؤقتة للإقتراع.وأوضح الرئيس بأن المهام الموكلة للجنة من قبل الدستور المعدل، سيتم تطبيقها انطلاقا من الإنتخابات المقبلة، أي بداية من الانتخابات التشريعية المقررة العام المقبل، وهو ما سيضفي على الإنتخابات المصداقية المرجوة، ويعزز أكثر الشرعية الديمقراطية لممثلي الشعب. معرجا على التعديلات الأخرى، خاصة ما يتعلق بالاستخدام الأفضل لإخطار المجلس الدستوري من قبل الأقلية البرلمانية، وكذا من قبل المواطن بطريقة غير مباشرة، وكلاهما ضمان لممارسة نظيفة للديمقراطية التعددية.
وسيصبح الدستور الجديد «نافذا» بمجرد صدوره في الجريدة الرسمية. ويؤكد خبراء وقانونيون، بأن التعديل الدستوري، لم يكن هدفا في حد ذاته «بل بداية مرحلة جديدة تفتح المجال لمراجعة عديد القوانين»، على مراحل، ويؤكد بوزرد لزهاري، المختص في القانون الدستوري، بأن الأحكام الدستورية، «تنطوي على مسائل ومبادئ  وحقوق عامة بحاجة إلى تفصيل عن طريق قوانين عادية أو عضوية مشيرا بأن الدستور الجديد سيفتح المجال لتعديل ما بين 23 إلى 30 قانونا»، وهو ما سيسمح بتنصيب الهيئات الجديدة الواردة في الدستور على غرار المجلس الأعلى للشباب، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني للبحث العلمي.ويؤكد بوزيد لزهاري «بأن عمل الخلية سيكون أساسيا في تنفيذ أحكام الدستور وستتولى مهمة سياسية وقانونية تتمثل في تجسيد الدستور الجديد على أرض الواقع»، مضيفا بأن الخلية ستقوم بتحديد الأولويات، والقوانين التي يتوجب الإسراع في مراجعتها، والقوانين الأخرى التي تتطلب بعض الوقت، موضحا بأن بعض القوانين ستراجع خلال مرحلة قصيرة، وأخرى في آجال متوسطة، وقوانين أخرى قد تستغرق 3 سنوات على غرار أحكام المادة 166 التي تنص على إمكانية إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. وتحدد شروط وكيفيات تطبيق هذه الفقرة بموجب قانون عضوي. مشيرا بأن الحكم الانتقالي الخاص بالمواطنين يتم إقراره بعد 3 سنوات
وأكد الخبير القانوني، بأن الرئيس سبق وان أعطى تعليمات للحكومة، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير بالإسراع في مراجعة الترسانة القانونية حتى يتكيف التشريع الجزائي مع ما هو وارد في الدستور الجديد، موضحا بأن الحكومة ستضع خارطة الطريق لكل دائرة وزارية لمراجع القوانين الني تدخل ضمن صلاحياتها.
من جانبه، أكد الخبير في القانون الدستوري، الأستاذ بوجمعة صويلح، بأن الرئيس بوتفليقة، قرر من خلال تشكيل الخلية، متابعة تنفيذ الدستور شخصيا، مضيفا بأن الدستور الجديد جاء للتنفيذ وليس مجرد قرارات على ورق، وتنفيذ مواده بحاجة إلى مراجعة بعض القوانين، وهي المهمة التي أوكلت للجنة التي سيشكلها الرئيس وستكون تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية والتي ستنظر في الإجراءات المتخذة لتجسيد الدستور الجديد على أرض الواقع.
وأوضح الأستاذ بوجمعة صويلح، بأن الدستور وبعد صدوره في الجريدة الرسمية «سيصبح نافذا»، أي قابلا للتنفيذ، مضيفا بأن تطبيقه على أرض الواقع في بعض بنوده يتطلب مراجعة عدة قوانين، موضحا بأن الحكومة ستطلق عدة ورشات كبرى لمراجعة عديد النصوص القانونية، منها ما يتعلق بالأحكام الانتقالية الخاصة بعملية الدفع الدستوري بعدم دستورية القوانين، وتحديد ميكانيزمات الإحالة من قبل المحكمة العليا ومجلس الدولة إلى المجلس الدستوري للنظر. وهي أحكام قد تستغرق بعض الوقت لتصبح نافذة.
أما القوانين الوضعية، فبعضها يتطلب الإسراع في التعديل حتى تتناسب مع ما جاء في الدستور، كون أن تطبيقها لا يحتمل التأخير، خاصة ما يتعلق بتحديد المناصب العليا المعنية بالمادة 51 من الدستور، التي تنص في فقرتها الثانية على وجوب التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها كشرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية. حيث يتوجب على المشرع تحديد المناصب المعنية، وأوضح الخبير الدستوري، بأن المواد الدستورية الجديدة، بحاجة إلى قوانين أو قوانين عضوية، حيث ستتولى كل دائرة وزارية مسؤولية إعداد القانون الذي يخص مجال اختصاصها.
 أنيس نواري 

الرجوع إلى الأعلى