أكد الطيب زيتوني وزير المجاهدين أن العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تصير «ممتازة» ما بقي ملف الذاكرة عالقا، مؤكدا بأن الجزائر لن تتنازل عن مطلبها بضرورة الاعتراف بالجرم والاعتذار و التعويض عن كل الجرائم الاستعمارية، مشيرا بأن اللجان المشتركة لدراسة الملفات العالقة لاسيما ملفات المفقودين والتجارب النووية والأرشيف ستشرع في عملها بداية من الشهر المقبل، و وصف الوزير حملات التشوية التي تتعرض لها الذاكرة الوطنية بـ"المعزولة"مطالبا الجميع بالتوقف عن استهداف الثورة الجزائرية.
دعا وزير المجاهدين، الأطراف التي تستهدف ارث الثورة للتوقف عن إثارة الخلافات، وأبدى الوزير الذي حل أمس ضيفا على منتدى الإذاعة، استيائه والأسرة الثورية والمجاهدين من حملات التشوية التي تتعرض لها الذاكرة التاريخية الجزائرية، وصنفها في خانة « المعزولة» و»المنفردة»، مضيفا بأن تشويه تاريخ الجزائر وثورتها لا يخدم مصالح الجزائر، ويقف في وجه المساعي الرامية لمطالبة فرنسا بالاعتذار، مشددا على أن التاريخ والتضحيات الجزائرية أكبر بكثير، موضحا أن الثورة التحريرية كانت شعبية وليست مؤطرة في مدارس عسكرية ومن الطبيعي أن تتخللها سلبيات لكن إيجابياتها كانت أعظم ويكفي فخرا أنها هزمت الحلف الأطلسي بعدته وعتاده.
كما تحدث الوزير، عن العلاقات الجزائرية-الفرنسية، والقرارات التي تم اتخاذها بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى باريس، وقال الطيب زيتوني، أن العلاقات بين البلدين لن تصبح «ممتازة» ما بقي ملف الذاكرة عالقا، موضحا بأن «الاعتراف عبر إعلان صحفي» لا يكفي بل يجب أن يتبعه اعتذار رسمي عن الجرائم، ومنح تعويضات للمتضررين، مضيفا بأن السلطات الفرنسية أعطت إشارة ايجابية من خلال تصريحات مسؤوليها.
وقال وزير المجاهدين، أن زيارته الأولى من نوعها إلى باريس تطرقت بـ»جرأة» لملفات المفقودين والتفجيرات النووية بالصحراء الجزائرية فضلا عن ملف استرجاع الأرشيف الوطني كاملا غير منقوص وشدد على أن جرح الاستدمار الفرنسي اندمل لكن علاماته باقية، مضيفا بأن الجزائر لن تتنازل عن مطالبها الشرعية دونما مركب نقص، موضحا بأن الجزائر ستناقش الملفات العالقة مع الفرنسيين «الند للند» ودون أي عقدة ، وأكد بأن زيارته إلى العاصمة الفرنسية جاءت تلبية لدعوة كاتب الدولة لدى وزير الدفاع الفرنسي المكلف بقدامى المحاربين والذاكرة جان مارك تودشيني الذي قدم إلى الجزائر على متن طائرة رئاسية خاصة للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ 70 لمجاز الـ 8 ماي 1945 وهو بحسب – زيتوني-مؤشر جيد على تغير الموقف الفرنسي اتجاه ملف الذاكرة منذ التوقيع على « إعلان الجزائر» للتعاون والصداقة بين الرئيس بوتفليقة والرئيس هولاند خلال زيارته إلى الجزائر ديسمبر 2012.
وأوضح زيتوني أن الزيارة التي تعد الأولى من نوعها لوزير المجاهدين إلى فرنسا، أفضت إلى تشكيل لجنة جزائرية فرنسية مشتركة تفرعت عنها عدة لجان لدراسة ملفات المفقودين، التفجيرات النووية برقان وملف الأرشيف الوطني الجزائري، مشيرا إلى اجتماعين تم عقدهما في الـ 3 والـ 11 من الشهر الجاري بالعاصمة وتطرقا إلى ملف المفقودين وملف التجارب النووية برقان التي احتفلت الجزائر منذ يومين فقط بذكراها الـ 56.
 التعويضات عن تفجيرات رقان يجب أن تشمل الضحايا والمحيط والبيئة
وأكد وزير المجاهدين أن المفاوضات مع فرنسا حول هذه الملفات وصلت إلى نقطة « اللارجوع»، حيث طالبت الجزائر بالتعويضات لضحايا التجارب النووية سواء كانوا أفرادا أو جماعات علاوة على تعويضات عن الأضرار التي تعرض لها المحيط والبيئة، مضيفا أن فرنسا الاستعمارية ارتكبت جريمة شنعاء لا تغتفر برقان حتى بشهادات الفرنسيين أنفسهم والجزائر لن تتنازل عن مطالبها الشرعية دون أي مركب نقص وستدعم ملف ضحايا التفجيرات النووية بالاستعانة بخبراء  في القانون، وأطباء ، مؤكدا أن فرنسا لا تستطيع أن تنكر جرائمها في رقان، كما تقرر إعادة دراسة ملف المفقودين خلال الحقبة الاستعمارية من قبل الجزائريين، مشيرا إلى أنه التقى العائلة الثورية وأصدقاء الثورة من الفرنسيين بباريس.
وقال زيتوني إن ملفا التفجيرات النووية والمفقودين لا يمكن مناقشته بمعزل عن ملف الأرشيف لأن الملفات الثلاثة مرتبطة ولا يمكن فصلها فالحديث عن المفقودين أو مواقع التفجيرات النووية -وحتى خرائط الألغام على خطي شال وموريس-  مستحيل دون العودة إلى الأرشيف الوطني الجزائري لدى فرنسا ، لكن هذا لم يمنع الجزائريين والمؤرخين من توثيق جرائم فرنسا الاستعمارية منذ وطئت أقدام  الاحتلال أرض الشهداء كاشفا في هذا السياق أن الجزائر أحصت 1212 مركز للتعذيب و1312 مقبرة شهداء آخرها تم اكتشافها بخنشلة التي ستحتضن الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني للشهيد الموافق لـ 18 فيفري تحت شعار «حتى لا ننسى إخواننا الشهداء» .
وعن الأرشيف الوطني الجزائري لدى فرنسا وتماطلها في تسليمه، أكد زيتوني أن الجزائر لن تتنازل عن أرشيفها كاملا غير منقوص منذ بدء الاحتلال سنة 1830، مشيرا إلى أن الجزائر تسلمت 2 بالمائة فقط من أرشيفها الوطني، بينما تبقى ما نسبته 98 بالمائة بين أيدي الفرنسيين، مشددا على ضرورة استرجاعه كاملا حتى ذلك الذي يحمل صفة «سري للغاية»، وقال إن اللجان المشتركة بدأت في عملها حديثا ونحن في بداية المفاوضات لاسترجاع الأرشيف كاملا دون استثناء.
وشدد  الطيب زيتوني على أن وزارة المجاهدين هي وزارة ذاكرة الشعب الجزائري إلا أنها لا تحتكر التاريخ  لكنها تسعى جاهدة لكتابته لأن كتابة التاريخ الحقيقي للثورة الجزائرية ستسكت جميع الأصوات ، مشددا على أنها لن تستند فقط على الأرشيف الجزائري الوطني لدى فرنسا وإنما على شهادات المجاهدين والمؤرخين والباحثين الجزائريين.
   أنيس نواري

الرجوع إلى الأعلى