بطـلات حرب التحرير في “عـرائس بربـروس”
 خرج مجلّد «عرائس بربروس...مجاهدات على قيد الخلود» إلى النور بعد 10     سنوات  من البحث، التحقيق و التوثيق، لذاكرة نواعم ثورة التحرير الجزائرية، ذاكرة بحجم عالم اختارت الروائية و الباحثة في تاريخ الحركة الوطنية نجود قلوجي الإقامة فيه، لتقفي أثر المناضلات و التنقيب في تاريخهن و جمع شهاداتهن و الغوص في عمقها ثم إعادة سردها بأسلوب أدبي راقي.
الكتاب الضخم الذي يتكون من 726صفحة و صدر عن المؤسسة الوطنية للاتصال و  النشر و الإشهار، بمثابة موسوعة مهمة تتضمن سيرة 24 مناضلة و تبرز كفاحهن، كما تتطرّق من خلال شهاداتهن إلى سيرة قادة تاريخيين و حقائق تاريخية مهمة، يصعب تلخيصها في مجرّد مقال و نقل الكم الهائل من صور المعاناة و البطولات و ازدراء السجانين و سر صمود سجينات عانين من كل أنواع التعذيب، لكنهن كتبن بالدم و الدموع قسم الحرية و أنشودة الحياة في غياهب جحيم المستعمر و هتفن في وجه السفاحين باسم الجزائر و الثورة.
24 اسما و 24 سيرة ( زهرة ظريف، جميلة بوعزة، جميلة بوباشة، جانين بلخوجة، زكية المهداوي، فاطمة أودغان، جوهر عكرور، حورية رامل، زبيدة اعميرات، مليكة قريش، مريم بلميهوب، جاكلين فروج، آني ستينر، إليات لو، فضيلة مانع، فاطمة سعداوي، حليمة بن مليك، مليكة حمروش، بايت مسعودة، فاطمة بوجريو، فاطمة طرودي، لويزة معاشة، نادية صغير و عقيلة عبد المومن وارد ) تصلح كل واحدة منها ،لأن تكون سيناريو فيلم ثوري تروي تفاصيل أحداثه بطلات متميّزات اختارت الباحثة نقلها بموضوعية و أمانة، دون محاولة لغربلة الأحداث لقناعتها بأن «زمن التحليل لم يحن بعد، ليس قبل أن تخرج الكتابة التاريخية عن المحظور و الممنوع و الطابوهات الكلاسيكية» تقول الكاتبة مقدمة عملها، مؤكدة بأن «الوصول إلى الموضوعية يفرض التخلي عن التملق التاريخي و يلزم بموضوعية الشهادة و أمانة الكتابة».

نجود قلوجي التي كانت في البداية تبحث عن جميلة بوحيرد المثال و الأسطورة، وجدت أكثر من جميلة و أكثر من ذاكرة تستحق حفظ نضالها و مسيرتها، فراحت ترتدي قبعة الصحفي تارة، و المؤرخ و الأديب تارة أخرى، لإعداد وثيقة تاريخية مهمة، سيستفيد منها الباحثون و المتخصصون في تاريخ الثورة الجزائرية، لما شملته من شهادات فردية مهمة، سجلتها الباحثة في لحظات بوح تعد نادرة لنساء فقدن الثقة بسبب الانتهازيين و المتطفلين و مشوهي التاريخ المجيد، حيث اعترفت قلوجي بصعوبة انتزاع شهادات من نساء صار يلفهن الحرص و الخوف و الحذر، لدرجة أنها كانت مستعدة لتقديم رأسها قبل قلمها، قربانا للحقيقة التي يخفينها و يتحفظن بشأنها، مثلما قالت. الكتاب الذي وقعت تقديمه الكاتبة الفرنسية أندريه دور أودريبير جاء في ثلاثة فصول، تناول كل فصل سيرة و شهادات مجموعة من المناضلات تم تصنيفهن، وفق الولايات التي انتمين و نشطن بها، حسب تقسيمات الثورة التحريرية بعد مؤتمر الصومام، و كان أكثرها بالولاية الرابعة ثم الثانية، فالسادسة إلى جانب تخصيص أكثر من 50 صفحة للمناضلات الأوروبيات، و على رأسهن جاكلين فروج، آني ستينر و إليات لو، كما تضمن الكتاب صورا نادرة لمناضلات بقين في الظل و مجاهدين وثقوا لنضالهم بالأسود و الأبيض و قصاصات جرائد فضحت جرائم المستعمر في الجزائر و أثبتت صمود الثوار و  مجدت انتصاراتهم.                 
مريم/ب

الرجوع إلى الأعلى