كلمة واحدة فقط كانت كافية لهزّ العرش العلوي في المغرب الأقصى، و إحداث زلزال سياسي عنيف لازالت ارتداداته متواصلة منذ أكثـر من أسبوع، و لا أحد بإمكانه الآن التنبؤ إلى ما ستنتهي إليه الإهتزازات لدى «صديقنا» الملك بعدما سقط مشروعه الإستعماري في الماء.
الكلمة هاته هي مجرد لفظة بسيطة أطلقها رجل آسيوي نزيه أراد قول كلمة حق و هو يغادر منصبه في آخر مهمة له بآخر مستعمرة بإفريقيا، لكن وقعها كان كبيرا إلى درجة الصدمة.
«الإحتلال» هو توصيف خلص إليه الأمين العام الأممي بان كي مون عقب زيارته إلى المنطقة
 و وقوفه على قضية الشعب الصحراوي الأسبوع الماضي. و واضح أن المحتل المقصود هنا هو المغرب الذي فضحه الرجل الأول في المنظمة الدولية أمام الرأي العام العالمي، و سينفضح أمره و أمر حلفائه أكثـر بعد تقديم تقرير مفصّل لمجلس الأمن الدولي.
و قد لاحظ العالم كله في ردود الفعل الأولى حول الكلمة المفتاح ، مدى هشاشة المخزن و حاشيته المقرّبة التي استأثرت بإدارة ملف الصحراء الغربية لوحدها بعيدا عن إرادة المغاربة.
فقد دخلت المؤسسات الرسمية في حالة من الإرتباك التي تصيب عادة الشخص الطبيعي الذي يتفاجأ بمواقف لم يكن لينتظرها البتة، فيفقد أعصابه و يشرع في كيل و تلفيق التهم المجانية للغير و هو لا يدري أنه يرتكب حماقات جديدة تضعف موقفه أكثـر.
و لم تسلم الجزائر ككل مرة من التجنّي غير المبرر للأشقاء المغاربة الذين يريدون الدخول في نزاع مباشر بأي ثمن مع إخوانهم الجزائريين الذين هم أيضا قالوا كلمة حق قبل أن يصدح بها الرجل الأول المكلف بالسلم في العالم.
و من حق المغاربة الذين أراد المخزن أن يقحمهم عبثا في تبني وهم الوحدة الترابية، أن يتساءلوا عن مدى قدرة ملكهم على التحكم في هذا الملف
و تسييره، بعد الإنتصار المعنوي الذي حققه الشعب الصحراوي بفضل عدالة قضيته أولا، و ثانيا نزاهة الأمين الأممي الذي رفض الملك استقباله بتدبير من حاشيته التي تريد عزله عن شعبه العزيز.
و لإستدراك الموقف و بعد فوات الآوان، راح ينظم مسيرة أخرى تيمّنا بمسيرة أبيه الخضراء، لإيهام الشعب المغربي أن مشكلته اليوم مع بان كي مون و ليست مع النظام الذي ضيّع أجزاء من البلاد في سبتة و مليلة و هو يحاول احتلال بلد آخر بغير وجه حق.
و لا يستبعد المتابعون للشأن المغربي أن يلجأ المخزن مرة أخرى إلى الأساليب التقليدية المعهودة في إدارة هذا الملف ، بتأليب الرأي العام المغربي و تجنيد الأوساط المشبوهة و التي لها علاقة وطيدة باللوبي الصهيوني الذي لم يعد خافيا على أحد أن لديه اليد الطولى في حشد الدعم لدى بعض الدول المعروفة بمسؤوليها الذين يتمتعون بعلاقات خاصة مع القصر الملكي في الرباط.
و لن يتورّع المخزن أمام النكسة الدبلوماسية الرهيبة التي مني به و التي كلّفته أموالا طائلة في شراء الذمم لسنوات طويلة، أن يعود إلى مرحلة العمل المسلح و التي طالما هدّد بها تلميحا و تصريحا و إقحام المنطقة في كوكتيل يتشكل من الإرهاب
 و المخدرات و شبكات التهريب المنظمة .
و هذا ليس خافيا على أحد في المنطقة، و لن ينطلي على الصحراويين الذين حققوا نصرا دبلوماسيا مبينا بإطلاق كلمة واحدة زلزلت أركان آخر قوة استعمارية في القارة السمراء.
النصر

الرجوع إلى الأعلى