شُيع سكان ولاية قالمة أمس الجمعة ضحايا مجزرة هليوبوليس الرهيبة التي أودت بحياة ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة هم الأب (ض.ن) البالغ من العمر 49 سنة و زوجته (م.ل) البالغة من العمر 38 سنة و طفلهما الصغير (ض.ف) البالغ من العمر 5 سنوات بينما نجت طفلتان صغيرتان أعمارهما بين 8 و 11 سنة من الموت و لم يتفطن لهما الجناة الذين اقتحموا المنزل العائلي في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء إلى الخميس. الجنازة المهيبة التي انطلقت من المسجد الكبير بمدينة هليوبوليس بعد صلاة الجمعة باتجاه المقبرة البلدية شارك فيها مسؤولون محليون و الآلاف من سكان الولاية الذين جاؤوا من عدة مدن و قرى للتضامن مع أهالي الضحايا و خاصة الطفلتان الصغيرتان اللتان وضعتا تحت إشراف مختصين نفسانيين لتجاوز آثار الصدمة العنيفة.  
و استنادا إلى المعلومات التي حصلت عليها النصر من أهالي الضحايا و مصادر أخرى فإن الجناة ربما يكونون قد اقتحموا المنزل العائلي الكائن وسط حي شعبي بالضاحية الشمالية لمدينة هليوبوليس فجرا و تمكنوا من الأب و هو موظف بقطاع التربية و الذي تعود على أداء صلاة الفجر بالمسجد و طعنوه طعنة قاتلة في الصدر ثم وضعوه في الصندوق الخلفي لسيارته المركونة داخل مستودع المنزل مع سيارة أخرى لأحد الجيران، بعدها اقتحم الجناة غرفة النوم و شنقوا الأم و الطفل بقطع قماش يعتقد بأنها خمارات نساء و بعد تأكد المجرمون من وفاة الأم و إبنها وضعوا عليهما كومة من الأغطية و أغلقوا أبواب السيارة و المستودع ثم غادروا مسرح الجريمة دون أن يتفطن لهم الجيران.  

و حسب تصريحات الجيران و أهالي الضحايا فإن الجريمة اكتشفت صباح الخميس عندما تفطنت الطفلتان اللتان تنامان بغرفة في الطابق العلوي إلى اختفاء والدتهما و والدهما و أخوهما الصغير من غرفة بالطابق الأرضي تعودوا على النوم فيها فاتصلتا بقريب لهما و عند وصوله إلى المنزل و دخول غرفة النوم وجد الأم و الطفل جثتين هامدتين و حول عنقيهما قطع قماش في حين لم يعثر على الأب الذي اعتبر مفقودا و حامت الشكوك حوله في بداية الأمر.
انتشر خبر الفاجعة بسرعة و هب الناس من كل مكان إلى منزل الضحايا و منعت الشرطة الدخول إليه و أحاطته بحزام أمني لتمكين المحققين من مسح مسرح الجريمة و البحث عن الدلائل الجنائية و انتشر الحديث عن الاختفاء المريب للأب قبل أن يهتدي المحققون إلى الصندوق الخلفي لسيارة السامبول السوداء لكنهم لم تمكنوا من فتحه في البداية و بعد عدة محاولات تم فتحه و وجد بداخله الأب الضحية و عليه آثار طعن في الصدر.  نقل الضحايا الواحد بعد الآخر إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى الحكيم عقبي بمدينة قالمة و وضع المنزل تحت حراسة أمنية مشددة مازالت مستمرة إلى غاية أمس الجمعة الذي كان يوما حزينا بمدينة هليوبوليس التي نكأت جراح مدينة حمام دباغ المجاورة التي كانت مسرحا لجريمة مماثلة قبل 8 سنوات عندما قام جناة مجهولون بقتل أم و طفلين صغيرين بنفس الطريقة تقريبا لكن في وضح النهار على خلاف جريمة هليوبوليس التي جرت وقائعها الحزينة البشعة في ليلة ماطرة من ليالي الربيع.   
الشرطة تحقق مع مشتبه بهم
و استنادا إلى مصادر مطلعة فإن الشرطة ربما تكون قد أوقفت عدة أشخاص على ذمة التحقيق خاصة بعد التوصل إلى دلائل جنائية ربما يكون قد عثر عليها المحققون بمسرح الجريمة بداية من غرفة النوم و الرواق و الأبواب إلى غاية المستودع و السيارة التي وضع بداخلها الأب المقتول طعنا بآلة حادة في الصدر.  

و طالب سكان مدينة هليوبوليس بالقبض على الجناة و القصاص منهم و أدان خطباء الجمعة بالمدينة الجريمة البشعة و دعوا المواطنين إلى التضامن و مساندة عائلة الضحايا و نبذ العنف و مواجهة الإجرام الذي بدأ يأخذ أبعادا خطيرة بولاية قالمة.  و قد تلقت الشرطة دعما من الدرك الوطني الذي شوهد بكثافة حول منزل الضحايا يوم الخميس و خلال تشييع الجنازة أمس الجمعة ، و لا يستبعد وجود تنسيق محكم بين الشرطة و الدرك الوطني للوصول إلى الجناة و تبديد مخاوف السكان الذين يخشون أن يكون مصير جريمة هليوبوليس كمصير جريمة حمام دباغ التي بقيت مقيدة ضد مجهول حتى الآن بالرغم من توقيف مشتبه بهم و تقديمهم أمام محكمة الجنايات لكنهم حصلوا على البراءة بسبب نقص الأدلة.     
  فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى