أجلت قاضية محكمة الجنح بعنابة أمس، النظر في قضية اختلاس 13 مليار سنتيم من صندوق تحصيل فواتير الزبائن بشركة المياه والتطهير عنابة و الطارف « سياتا»، إلى تاريخ 3 ماي المقبل، بعد أربع ساعات من بداية الجلسة تم خلالها استجواب 20 متهما.
و جرى تأجيل القضية بسبب الملاسنات الحادة بين القاضية و دفاع المتهمين، التي تسببت في رفع الجلسة مرتين، بعد رفض القاضية تكرار نفس الأسئلة الموجهة للمثل القانوني للشركة، و لرؤساء مصالح و متهمين، وهو ما جعل بعض المحامين يحتجون. قبل  أن تعلن عن رفع الجلسة  لعدم توفر الظروف الملائمة للمحاكمة.
و تُوبع المتهمون و من بينهم المدير العام السابق لشركة "سياتا" و رؤساء مصالح و وحدات، بتهم تكوين جمعية أشرار، اختلاس أموال عمومية، التزوير في محررات تجارية واستعمال المزور، المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، و جنحة المشاركة في اختلاس أموال عمومية، والإهمال الواضح المؤدي إلى اختلاس وضياع أموال عمومية.
وقائع القضية تعود إلى شهر جويلية 2014 عندما فتحت الفرقة الاقتصادية والمالية بناء على تعليمات نيابية من محكمة عنابة، تحقيقا حول شكوى قدمتها شركة المياه والتطهير عنابة و الطارف " سياتا" سابقا، عن طريق ممثلها القانوني بشأن مستحقات المياه المسددة من طرف الزبائن لدى الشركة بصندوق التحصيل في حي الميناديا، الذي تشرف عليه الموظفتان (ع.ل) و (ج.س)، و تبين من التدقيق الذي أجرته الوحدة في 22 جويلية 2014 وجود فارق محاسبي بمبلغ 73 مليون سنتيم.
 و بعد إجراء تدقيق ثان تبين وجود اختلاس بأكثر من مليار سنتيم في الفترة الممتدة من جوان 2008 إلى جويلية 2014، حدث جزء منه في فترة تسيير الشريك الأجنبي لمؤسسة توزيع المياه قبل فسخ الشراكة.
وحسب التدقيق الذي أجرته المديرية العامة للشركة وصل المبلغ المختلس في وكالات عنابة إلى أكثر من 13 مليار سنتيم، و تبين من العمليات المحاسبية التي تمت أثناء التدقيق، قيام موظفين بتحصيل مستحقات المياه المستهلكة من الزبائن بفواتير منجزة من المصلحة التجارية وتسليم الزبون وصل تسديد الثمن بالمبلغ المدفوع، ثم يقوم الموظفون بعدها بتغيير تاريخ التسديد على جهاز الحاسوب و تدوين العمليات بتاريخ سابق لسنوات مالية مقفلة الحسابات، و يستولون على المبلغ المحصل من الزبائن، وتبين ظهور بعض العمليات المنجزة خلال أيام العطل الأسبوعية.
وسجل تقرير محافظ الحسابات تحفظات على عدم تدوين السيولة النقدية في صندوق التحصيل، وبينت التقارير أيضا عجزا بليغا للشركة، وتقصيرا في تحصيل ديونها من الزبائن كما تُظهر حسابات الميزانية، دون السعي لتحصيلها من طرف مسيريها المتعاقبين عليها، حيث بلغت إلى تاريخ 31 ديسمبر2013 مبلغ 150 مليار سنتيم.
لدى استجواب مديرة شركة "سياتا" وحدة عنابة في جلسة المحاكمة أمس، صرحت بأن الوحدة تلقت العديد من الاحتجاجات من الزبائن تتعلق بتسجيل ديون عليهم رغم أنهم سددوا تلك المستحقات، فكلفت المديرية لجنة محاسبية لتدقيق الحسابات فخلصت إلى وجود مبلغ 138 حالة لزبائن مدانين للشركة بينما سددوا في الواقع مستحقاتهم بقيمة 700 مليون سنتيم فقامت المديرية بتدقيق أوسع فاكتشفت ثغرة بمبلغ 13 مليار خاصة بالفترة ما بين سنوات 2008 إلى 2014.
وتوصلت تحريات الضبطية القضائية لدى معاينة الحاسوب المستعمل على مستوى صندوق التحصيل، أنه يستعمل برمجة معلوماتية قديمة، مستخدمة منذ عام 1990 وغير موصول بأي جهاز إعلام آلي أخر وغير محمي بكلمة مرور، حيث يمكن تغيير تواريخ العمليات والمعطيات بكل بساطة من طرف القابض، و كانت قاعدة البيانات تنقل بواسطة ذاكرة خارجية "فلاش ديسك".
ونفت المتهمة الرئيسية (ب.ل) خلال الجزء الأول من جلسة المحاكمة أمس قبل تأجيل النظر في القضية علمها بالاختلاس والتزوير المنسوب إليها وقالت أنها لا تستطيع القيام بذلك، لأن برنامج الحاسوب لا يسمح، وذكرت أن التحصيل الذي حدث في أيام العطل تم بأمر من رئيس المصلحة التجارية بالمديرية العامة، و تم التسديد قانونيا في الحساب البنكي للشركة، و كانت حماية المعطيات تتم من حين لآخر على مستوى مصلحة التجارة وفقا للبيانات الموجودة في حاسوب القابضة. التي ذكرت بأن أعوانا من مديرية التجارة كانوا يأتون لأخذ المعطيات على ذاكرة "فلاش ديسك" دون علمها بما يقومون به.
 و صرحت المتهمة (ج.س) أمينة الصندوق أيضا أنها لا تعلم شيئا عن تسجيل فواتير تحصيل مستحقات الاستهلاك من الزبائن بتاريخ سابق عن تاريخ الفواتير، لأن ذلك من مهام مصلحة التجارة.
و صرح (ت.ع) المدير التجاري بشركة "سياتا"، أنه على علم بالنقائص التي ظهرت على مستوى المديرية التي يشرف عليها كما وردت في تقارير المراقبة والتدقيق، وأضاف بأن الفوارق حقيقية ومسؤوليتها تقع على مصلحة الوحدات، وأن تسديد الفواتير المكتشفة بصندوق حي الميناديا بتواريخ سابقة غير قانونية، و قال أن سببها سوء التسيير وعدم المراقبة، و اعترف أن الاختلاس الذي حدث في صندوق التحصيل ألحق ضررا بالشركة، و قال أنه أعلم المدير العام للشركة (ب.ع.ر) بتلك النقائص. كما أنكر باقي المتهمين ما نسب إليهم و نفوا علمهم بالمبالغ المالية المختلسة.
حسين دريدح

الرجوع إلى الأعلى