الفروسيـــة مهمشـــة إعلاميـــا و اجتماعيـــا بقسنطينـــة
يعتبر أبطال الفروسية بولاية قسنطينة الرياضة ضحية نقص التغطية الإعلامية وضعف الإمكانيات المادية التي تساعد على تنمية القدرات وتربية الخيول، ويطالبون بالدعم اللازم لاستعادة مكانة الفارس الجزائري وتمكينهم من تحقيق نتائج أفضل. النصر التقت بمجموعة من الفرسان بنادي نجم الشرق بعين عبيد الذين عبروا عن إصرارهم على تحدي الصعاب وممارسة رياضة يعتبرونها جزء من الشخصية الجزائرية الأصيلة و امتدادا للفنتازيا.  
ترى الفارسة رانيا بوالصبيعات الحاصلة على المرتبة الأولى وطنيا في رياضة القفز على الحواجز في منافسة وطنية احتضنتها ولاية غيلزان من 24 إلى 26 مارس الماضي، بأن الفروسية نمط حياة مميز و رياضة مفيدة للجسم و العقل، مرتبطة بالموروث الثقافي و الشعبي ببلادنا، إلا أنها لا تزال مهمشة إعلاميا و اجتماعيا و لا تحظى بالاهتمام و التشجيع و الدعم من السلطات، ما يجعل ممارسوها يتخبطون في المشاكل و العراقيل و في مقدمتها اصطدامهم بالتكاليف الباهظة لممارسة هذه الرياضة  و اقتناء و تربية و رعاية الخيول و تدريبها. النصر التقت مؤخرا برانيا وهي على صهوة حصانها البربري، في حصة تدريبية بميدان الفروسية نجم الشرق، الكائن بمنطقة برج مهيريس بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة، فشددت بأن الفروسية رياضة تراثية جميلة و مفيدة لصحة الإنسان و لياقته البدنية لكنها جد مكلفة، فهي تتطلب العناية بالخيول و اقتناء عتادها و لوازمها المختلفة، إلى جانب أزياء الرياضيين للأسف كل ما يحيط بعالم الفروسية لا يزال خفيا، كما أكدت الفارسة، و ذلك  جراء إهماله  إعلاميا.
رانيا بوالصبيعات التي قضت 11 سنة في ميادين الفروسية، طالبة جامعية في السنة الأولى لغات أجنبية و قد اعترفت بأن عائلتها هي التي دفعتها لممارسة هذه الرياضة، خصوصا أمها التي ترافقها هي وأخيها منذر الذي يهوى هو أيضا القفز على الحواجز على متن حصانه، و أضافت أن الفروسية تحولت، بالنسبة إليها، إلى نمط حياة مميز لا يمكنها التخلي عنه، فكل أيام عطلها تقضيها في التدريب على صهوة حصانها،  في عالمها الذي يشعرها بنوع من الانطلاق و الإنعتاق من قيود الرتابة و هموم و انشغالات الحياة اليومية، مؤكدة بأنه لا يعرف سر كل ذلك  إلا من جرب ركوب الخيل و تفاعل مع حركاتها الرشيقة و رقصاتها و موسيقى وقع قوائمها وتحررها من جاذبية الأرض، في لحظات القفز على حواجز ميادين الفروسية، أين تتفاعل روحا الفارس و حصانه وهما ينطلقان و كأنهما يحلقان في الهواء، تلك هي المشاعر التي جعلت رانيا لا تطيق صبرا على فراق حصانها المفضل "الأدهم"،كما قالت.
و تطالب الفارسة بالاهتمام بذات الرياضة ، إعلاميا، بالعودة إلى التغطية الصحفية لمنافسات الفروسية ، من أجل إعادتها إلى الجماهير ، وعلى الخصوص السباقات و الفنتازيا و من ثمة القفز على الحواجز. هذا من أجل إحياء رياضة مرتبطة بالموروث الشعبي المحلي و بعادات و تقاليد جهات كثيرة من الوطن، أين تنظم مهرجانات عديدة، دون أن يكون لها صدى إعلاميا، لإعادتها إلى الجماهير، حسبها. هذا يتطلب، تقول محدثتنا، دعما من القائمين على الرياضة في الجزائر ، لأن كل ما يتعلق بالفروسية جد مكلّف، ابتداء من الحصان نفسه وكل ما يتعلق به من أعلاف و لوازم، كما أن هذه الرياضة بإمكانها أن تعيد، إضافة إلى ما سبق، صناعات تقليدية مرتبطة بها، على غرار صناعة السروج  و اللجام و الرصن و أشياء كثيرة جدا بما فيها التشجيع على تكثيف تربية الخيول.
 تتوق رانيا اليوم إلى تسجيل نجاحات أخرى في الدورة التي سوف يحتضنها ميدان الفروسية " نادي الفروسية نجم الشرق ببرج مهيريس"، قبل أيام معدودة من حلول شهر رمضان وهي منافسة وطنية يحتضنها المركب الوحيد الخاص في الشرق الجزائري.
الفارس منذر بوالصبيعات، شقيق رانيا، يحمل خبرة 07 سنوات في امتطاء صهوة الخيل و القفز على الحواجز، كانت بداياته في ميدان بوالصوف بقسنطينة، و يقول بأن ميدان نادي نجم الشرق مجهز بأحدث الوسائل وبإمكانه تطوير ذات الرياضة، لاستعادة شعبيتها و ذلك بتشجيع الإقبال عليها و دعمها من طرف القائمين على النشاط الرياضي في الولاية.  وهو نفس رأي زميلهم مصراتي علي، صاحب الألقاب الوطنية والدولية ، والخبرة الطويلة في ميادين الفروسية، اختصاص القفز على الحواجز.
و قال من جهته نور الدين صحراوي الذي يمارس ذات الرياضة منذ سنة 2004 و هو  طالب جامعي سنة أولى بيطرة، بأنه شارك في سباقات دولية و وطنية و حاز على ألقاب، بعد أن شجعه والده الذي يعتبره قدوة في الفروسية، لكن غياب الاهتمام الإعلامي بذات الرياضة جعل بريق نجومها يخفت وطنيا، دون أن يعلم بهم أحد.فرسان نادي نجم الشرق ببرج مهيريس بلدية عين عبيد، يكثفون هذه الأيام تدريباتهم، تحت إشراف وتكوين المدرب عبد المالك، صاحب خبرة 48 سنة في ميدان بوالصوف بقسنطينة، تحضيرا لمنافسة وطنية في شهر جوان القادم، من المنتظر أن تستقطب فرسانا من ولايات كثيرة  و يتمنى طلاب النادي أن تحظى بتغطية إعلامية، على أمل  أن تستعيد الفروسية شعبيتها. للإشارة، كانت رياضة الفروسية، على الخصوص  القفز على الحواجز ، تحظى في السبعينيات و بداية الثمانينيات، بالتغطية الإعلامية الثقيلة للتلفزة الوطنية التي كانت تنقل كل نشاطاتها، ليختفي كل ذلك لاحقا، وأصبح العلم بوجودها مقتصرا على ممارسيها وكذا فئة جد قليلة من المهتمين بالفروسية ، وتربية الحصان الجزائري الأصيل المعروف بالبربري.  
ص/ رضوان

الرجوع إلى الأعلى