الحكومة ستلجـــأ إلى قانون مالية تكميلي بعد الإعـــلان عن النموذج الاقتصـــادي الجديد
الاعتماد يجب أن يكون على الجباية العادية و على ترشيد النفقات لمواجهة الأزمة
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حشماوي، أن الحكومة قادرة على مواجهة الصعوبات الاقتصادية الراهنة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط  وذلك باللجوء إلى مجموعة من الإجراءات والتدابير ذات الأولوية من خلال الاعتماد على القطاعات المنتجة والبحث عن مصادر جديدة للتمويل، وتشجيع الاستثمار و التركيز على الضريبة العادية  وترشيد النفقات والاستهلاك وتحديث الادارة. و يعتقد الخبير أن الحكومة ستلجأ إلى قانون مالية تكميلي بعد الإعلان عن النموذج الاقتصادي الجديد.
وأوضح حشماوي ، في حديث للنصر، أن هناك صعوبات اقتصادية تمر بها البلاد، مشيرا إلى المؤشرات المالية والتي يتم الاعلان عنها من طرف الحكومة، لكنه أكد وجود  إجراءات يمكن اللجوء إليها  لمواجهة هذه الصعوبات والتي قد تكون ظرفية كما أنها تحدث في جميع البلدان، مشيرا في هذا الصدد إلى مجموعة من التدابير و الآليات كالتمويل عن طريق البنوك  والاستثمار والشراكة و الاعتماد على القطاعات المنتجة وتشجيع السوق المالية في الجزائر وترشيد النفقات والاستهلاك و التخفيف من أعباء خزينة الدولة وترك الاستثمارات تمول عن طريق البنوك أو الشراكة سواء وطنية أو دولية وتشجيع الاستثمار  والحد من المشاكل والعراقيل التي تعترض الاستثمار عبر ايجاد الحلول لمشكل العقار والتمويل ومشكل الثقل الاداري والبيروقراطية في الإدارة .
البيروقراطية العدو الأول للاستثمار
وأوضح في السياق ذاته، أن الإدارة تلعب دورا كبيرا سواء في عرقلة أو تشجيع الاستثمار، مشيرا إلى أن قرار الاستثمار في بعض البلدان يتخذ في بضعة أيام ولكن في الجزائر يبقى أحيانا شهورا أو أعواما  ولهذا ينبغي - كما أضاف- محاربة الثقل الإداري والبيروقراطية الادارية وبالتالي خلق قانون استثمار يكون مرنا  وفتح باب الاستثمار خاصة للقطاع الخاص سواء كان وطنيا أو أجنبيا  والقيام بالشراكة وتسهيل اجراءاتها بشرط أن تكون في فائدة الشريكين، البلد والشريك الأجنبي حيث تكون شراكة رابح - رابح .
وأضاف أن اتخاد الحكومة لمثل هذه التدابير يمكن من مواجهة هذه الصعوبات الاقتصادية وتجاوز هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة.
ولفت إلى أن العجز في الميزانية سيستمر في السنة المقبلة  موضحا أن هذا العجز عرفناه منذ سنوات وحتى في سنوات البحبوحة المالية لأن النفقات كانت كبيرة وعليه يجب البحث عن مصادر جديدة لتغطية العجز وذلك من خلال الجباية العادية.وتكمن أولوية الحكومة- يضيف نفس المتحدث- في  التحكم وترشيد  النفقات وتوجيه الاستثمارات إلى القطاعات ذات الأولوية ، فاذا كانت استثمارات تتطلب التأجيل لا بد من تأجيلها لخفض النفقات مع البحث عن مصادر تمويل جديدة والتوجه نحو خلق نمط اقتصادي يعتمد على تنويع الاقتصاد ويقوم على القطاعات المنتجة و تشجيع الصادرات خارج المحروقات للمساهمة في رفع إيرادات الجزائر من العملات الصعبة . وذكر حشماوي أن العجز في الميزانية كان، منتظرا كون أن ميزانية الدولة تعتمد كثيرا على الجباية البترولية فأكثر من 60 بالمئة هي من الجباية البترولية وبالنظر إلى انخفاض أسعار النفط بـ 60 أو 65 بالمئة فإن ذلك يؤثر سلبا على الجباية خاصة في ظل الاحتفاظ بمجموعة من النفقات في قانون المالية لسنة 2016 ، موضحا في هذا الصدد بأن الحكومة حافظت على مجموعة من النفقات المتعلقة بالتحويلات الاجتماعية نسبتها جد كبيرة تمثل 24 بالمئة تقريبا من الميزانية، إضافة إلى النفقات التي لها علاقة بالقطاع الاجتماعي كالسكن، معتبرا أن كل هذه النفقات كبيرة في مقابل ذلك انخفضت الإيرادات ومن هنا فالعجز سيترفع والمشكل - كما أضاف- ليس في العجز ولكن هو كيفية مواجهته ؟ وأوضح الخبير الاقتصادي في هذا الصدد أن الدولة كانت تواجه العجز في الميزانية من خلال صندوق ضبط الإيرادات والذي بدأ يتآكل الآن، باعتبار أن العجز سجل منذ ثلاث سنوات تقريبا وبالتالي يجب البحث عن مداخيل جديدة لتغطيته عن طريق الضرائب والقطاعات الأخرى و ليس قطاع المحروقات وهو ما يستوجب الاهتمام بالإنتاج، مؤكدا أن تحديث إدارة الضرائب ومرونتها مع البحث عن آليات جديدة لدفع المساهمين لدفع حقوقهم الضريبية يزيد من التحصيلات الضريبية مشيرا إلى تهرب الكثير من التجار أو غيرهم من المنتجين أو الأشخاص من دفع  الضرائب. ويرى نفس المتحدث أنه ينبغي الاعتماد من الآن فصاعدا على الضريبة العادية وليس الضريبة البترولية، كون الضريبة البترولية مرتبطة بأسعار النفط وكلما انخفضت الأسعار تنخفض هذه التحصيلات .
النموذج الاقتصادي الجديد سيساهم في تنويع الاقتصاد الوطني
 ونوه حشماوي بالنموذج الاقتصادي الذي أعلنت عنه الحكومة والرامي إلى تنويع الاقتصاد الجزائري. وقال أن عهد النفط قد ولّى، فلا ننتظر معاودة ارتفاع أسعار المحروقات كون سوق النفط لا نتحكم فيها . وأوضح في هذا السياق، أن النموذج الاقتصادي الجديد سيعتمد على تنويع الاقتصاد ، تنويع مصادر إيرادات الدولة كي لا تبقى رهينة النفط بالاهتمام بالاستثمار في مجموعة من القطاعات الرائدة كالسياحة والفلاحة والصناعة وقطاع الأشغال العمومية.
 وأضاف أن هذه القطاعات لا تزال فيها فرص استثمار كثيرة جدا ينبغي التعريف بها وبالتالي دعوة الاستثمار الأجنبي والخاص للاستثمار في هذه الفرص والسماح للقطاع الخاص أن يكون مكملا للقطاع العام ويساهم في التنمية مشيرا إلى ضرورة خلق مناخ استثماري ملائم وبيئة اقتصادية  ملائمة لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.  وقال أن هذا النموذج يتجه في هذا المنحى ويعمل على خلق مناخ ملائم وبيئة اقتصادية جذابة للاستثمار الخاص سواء الوطني أو الاجنبي،  معتبرا أنه من خلال هذه الاجراءات التي ستتخذ نستطيع تحويل اقتصاد الجزائر الريعي إلى اقتصاد منتج يعتمد على الانتاج سواء الفلاحي أو الصناعي  أو خدماتي .وذكر حشماوي أن الحكومة ستلجأ إلى قانون مالية تكميلي بعد الإعلان عن النموذج الاقتصادي الجديد كون هذا النموذج يتطلب أموالا وبالتالي لا بد أن يكون قانون مالية تكميلي سيأتي  بمجموعة من  الإجراءات الجديدة ، حيث من الممكن - كما قال- أن تكون مرونة على قاعدة 51-49 في التطبيق في بعض القطاعات الاستراتيجية.
القرض السندي وسيلة مهمة للتمويل و لا بد من فتح المجال للصيرفة الإسلامية
ومن بين الاجراءات التي اتخذتها السلطات لمواجهة الصعوبات المالية والاقتصادية  أشار نفس المتحدث إلى القرض السندي والذي هو عبارة عن  آلية من آليات التمويل، موضحا أن كل الدول تعتمد  عليها. و أضاف أن الجزائر تعتمد على القرض السندي عوض اللجوء إلى الاستدانة الخارجية وبالتالي تمويل المؤسسة أو خزينة الدولة تمويلا داخليا ولا يترتب عنه استدانة من الخارج وهذا جد مهم  ووسيلة مهمة، داعيا في هذا الاطار، إلى تحسيس كل الفاعلين للمساهمة في هذ ا القرض السندي و تحسيس المواطنين للمساهمة فيه باعتبار أن كل من يشارك في القرض السندي فهو يشارك في عملية التنمية،  كما أنه يستفيد من أسعار الفائدة لهذه السندات و أكد الخبير، على ضرورة  فتح المجال للمالية الإسلامية، وذكر أن الصيرفة الإسلامية فرضت نفسها ليس في الجزائر ولكن في العالم كله وهو ما يتطلب تنويع الصيغ المالية والسماح للصيرفة الإسلامية وتنويعها بالجزائر وفتح المجال لمن يريد التعامل مع هذه البنوك والاستفادة من هذا الاتجاه موضحا  أنه بعد أزمة 2008 يوجد اتجاه في الدول الأوروبية للاستفادة من الصيرفة الإسلامية  وبالتالي تدوير رؤوس الأموال الموجودة في بعض الدول الإسلامية.
توقع استقرار أسعار النفط في حدود 55 دولارا في السداسي الثاني
 وبخصوص أسعار النفط في السوق الدولية، يعتقد المتحدث  أن هذه الأسعار وصلت إلى درجة غير مقبولة من طرف الجميع فالمنتج والمستهلك أصبحا يتضرران من هذه الأسعار والتي لها انعكاسات سلبية على الشركات البترولية الكبرى وعلى الاستثمار في الطاقات المتجددة والطاقات غير التقليدية كالنفط الصخري.
وقال أننا لا ننتظر أن ترتفع الأسعار إلى مستويات عالية  جدا خلال السداسي الثاني من السنة الجارية، حيث ستستقر حسبه في حدود 55 إلى 60 دولار للبرميل  مضيفا في السياق ذاته،  أن الدول الكبرى أصبحت تنادي باستقرار الأسعار وهناك توقع بارتفاع النمو في الولايات المتحدة والصين وفي بعض الدول الآسيوية، مما سيرفع الطلب على هذه المادة.       

مراد-ح

الرجوع إلى الأعلى