يعتبر لمين بوغرارة من المدربين الشبان الذين صنعوا لأنفسهم مكانا تحت شمس الرابطة المحترفة الأولى، ومن المدربين القلائل الذين يعملون وفق مشروع رياضي، وعشية دخوله الموسم الرابع على رأس العارضة الفنية لدفاع تاجنانت، توقف معنا في حوار مطول تطرق من خلاله لعديد المواضيع التي تخص فريقه والبطولة والمنتخب الوطني.
كيف وجدت المستوى العام في بطولة الموسم المنقضي؟
يمكن تقسيم مستوى الدوري إلى قسمين، حيث شهدنا مرحلة ذهاب بمستوى مقبول أين ساد التنافس الرياضي، ما ساهم في بروز عدة فرق منها فريقي دفاع تاجنانت، وفي مرحلة العودة برزت أمور لا رياضية، على اعتبار أن دخول الفرق في متاهة الحسابات دفع كل فريق للبحث عن مصلحته الشخصية على حساب كرة القدم وتطويرها وحتى مساعدة المنتخب الوطني بلاعبين. كما كان المستوى الفني دون المتوسط، في ظل بروز فضائح كبيرة، حيث لم تتحل عدة فرق بقواعد اللعب النزيه، فاتحاد الجزائر ضمن اللقب مبكرا ولم يلعب بنفس جدية مرحلة الذهاب، ومن جهتهما لم يلعب فريقا أمل الأربعاء وجمعية وهران بنفس الروح والعزيمة، ما أثر كثيرا على النتائج وأوضاع الفرق في هرم الترتيب.
لعبتم الأدوار الأولى طيلة فترات الموسم، فهل عدم جدية هذه الفرق رسم معالم الترتيب النهائي للبطولة؟
بطبيعة الحال، حيث استفادت بعض الفرق المنافسة لنا من الوضع، فغياب الجدية لدى اتحاد الجزائر سمح لشبيبة الساورة بالعودة بالزاد كاملا من بولوغين، وذات السيناريو حصل في الأربعاء، ومولودية بجاية حقق الانتصار في وهران على حساب الجمعية المحلية، ومن ثمة يمكنني التأكيد على أن «تسيب» بعض الفرق هو من حدد مراتب بعض الفرق في نهاية البطولة.
تفوق تاجنانت صنعته روح المجموعة في بطولة لا تتطلب لاعبين كبار
بعد تحقيق الصعود موسمين متتاليين ولعب البوديوم في أول تجربة للدفاع في الرابطة الأولى، تتجه نحو الموسم الرابع مع الدفاع لتصنع الاستثناء بالعمل وفق مشروع رياضي، كيف ترى مشوارك حتى الآن؟
كان إيجابيا إلى أبعد حد، حيث حققنا نتائج باهرة أكسبتنا ود جميع الرياضيين عبر التراب الوطني، في الأول كان يسمى الدفاع مفاجأة الموسم، لكن بعد الوقوف على نتائجنا تقين الجميع بأن الفريق فرض نفسه، من خلال عدم تذوق طعم الخسارة في ثماني جولات متتالية في مرحلة الذهاب، وفي تسع جولات خلال الإياب، نظرا لحسن مناورته خارج الديار و فرض منطقه داخلها ما أكسبه الاحترام، ودفعني لاتخاذ قرار البقاء للموسم الرابع على التوالي. لقد وظفت خبرتي كلاعب ومدرب في القسم الأول رفقة جمعية الخروب ومولودية باتنة ومولودية العلمة، لتأطير وقيادة مجموعة من الشبان الطموحين والمتعطشين للبروز وإثبات وجودهم، فوفقت في إيجاد الوصفة من خلال الخطاب الموجه للاعبين، كما أن توفير الإدارة جميع ظروف العمل من النواحي اللوجيستيكية والمادية وحتى التحفيزية، سمح لي بالقيام بعملي في أفضل الظروف.
تمكنت من تحقيق نتائج رائعة بتعداد محدود مقارنة بفرق كبيرة وعريقة، فما سر النجاح؟
العمل والصرامة وجلب لاعبين تأقلموا مع مدينة تاجنانت «الصغيرة» كان تركيزهم طوال الموسم على العمل، وما ساعدنا كذلك تطبيق اللاعبين التعليمات، علما وأننا استقدمنا لاعبين من قسم الهواة، مع تأطيرهم بأصحاب الخبرة ما منحنا مجموعة متجانسة، كما تميز عملنا بالانضباط والصرامة والثقة المتبادلة بين الإدارة والطاقم الفني.
غياب الاستقرار يفقد المدرب شخصيته والاحترام
ضرب مدرب السنافر غوميز مؤخرا مثلا بفريقكم، وأكد بأنه سيراهن على روح المجموعة عند استقدام لاعبين جدد، ما تعليقك؟
كرة القدم لعبة جماعية ونجاح المدرب يكمن في تشكيل مجموعة متكاملة ومتضامنة ومنضبطة تكتيكيا، وكذا خارج الملعب أيضا، لأنني دائما ألح على اللاعبين بأن الانضباط يتمثل في احترام اللباس الموحد ومواعيد الأكل والعمل.. والحمد لله أن الجميع لاحظ بأن تفوق دفاع تاجنانت صنعته روح المجموعة، في بطولة لا تتطلب وجود لاعبين كبار.
كما صنعت الاستثناء بالاستقرار هذا الموسم رفقة حمدي وألان ميشال، وبدرجة أقل عمراني.
حقيقة فباستثناء شبيبة الساورة التي لم تعرف عارضتها الفنية الاستقرار، سار اتحاد العاصمة والدفاع و بلوزداد بخطى ثابتة، وهو ما جعلني أفضل الاستقرار، رغم العروض الكثيرة التي وصلتني من الجهات الأربع للوطن، وصراحة أرى أن المدرب المستقر في عمله يكسب الثقة والاحترام، في حين أن غير المستقر يفقد شخصيته واحترام الشارع الرياضي.
و كيف تعلق على تراجع الرابطة الوطنية عن منع المدرب من العمل مع أكثـر من فريقين في الموسم الواحد؟
القرار السابق اعتبر ضربة موجعة للمدربين الذين ذهبوا ضحية النتائج أو سوء تسيير الإدارة، والمعاناة من مشاكل داخلية تتعدى المدرب الذي يدفع ثمن أخطاء الغير، ومع ذلك أرى أن المدرب الذي لا يستغل فرصتين في الموسم، لا يستحق ثالثة.
المدرب الذي لا يستغل فرصتين في الموسم لا يستحق ثالثة
عكس المدربين سيتميز الموسم الجديد بعدم انتداب اللاعبين الأجانب، هل ترى أن القرار صائب؟
بعض اللاعبين الأجانب أعطوا الإضافة كما هو حال لاعبنا تام بانغ، ومانوتشو في غليزان وأندريا في اتحاد العاصمة و فوافي في شباب قسنطينة ونغومو في بلوزداد، أما البقية فتميزوا بمستوى متواضع، لذلك أنا مع قرار الفاف، و أدعوا إلى منح الفرصة للشبان والاستثمار فيهم.  
أطلقت النار في وقت سابق على الناخب الوطني نتيجة تهميش اللاعب المحلي والجري وراء مزدوجي الجنسية، فهل ما زلت متمسكا بهذا الطرح؟
لا لم أطلق النار على الناخب الوطني، وطالبت فقط بمنح الفرصة للاعب المحلي، مستوى بطولتنا من دفع الناخب ورئيس الفاف إلى الاستنجاد بخريجي المدارس الأوروبية، وحتى نحن في الفرق نجد صعوبات كبيرة في التعامل مع لاعبين يفتقدون إلى التكوين، ونضطر لتلقينهم أبجديات اللعبة، عوض التركيز على جانب التكتيكي والاستراتيجي. وبالعودة للمنتخب أرى أن سياسة الفاف ناجحة وأعطت ثمارها، وعلى الأندية العودة إلى سياسة التكوين والهيكلة.
هل لمست الفارق بين اللاعب المحلي وخريج المدارس الأوروبية؟
في عهدنا كان بعض اللاعبين المحترفين يملكون مستوى عال، وهنا أفتح قوسا لأشيد بوطنية اللاعبين المحترفين الذين لم يرفضوا نداء الوطن في العشرية السوداء، وأكدوا حبهم للجزائر ودفاعهم عن ألوانها، ورغم المرحلة الصعبة التي مرت بها بلادنا، لبى النداء لاعبون ممتازون في صورة بن عربية وبلماضي وكراوش وماموني وحرشاش وغيرهم من الذين أعطوا الكثير للكرة الجزائرية.
المحترفون أعطوا دروسا في الوطنية خلال العشرية السوداء
صرحت في فترة سابقة بأن الأندية مطالبة بتغيير أنصارها قبل مدربيها، فهل لازلت عند مطالبك؟
مرت فرقنا بظروف عصيبة وكان المدرب كبش الفداء، فطالبت بتغيير الأنصار، وكنت أقصد تغيير الذهنيات، بتكوين اللاعبين في مدارس كروية، لأن ذلك كفيل بتغيير ذهنيات الأنصار، علما وأن الاحتراف في الذهنيات، والملاحظ مؤخرا اتجاه الأندية نحو الاحتفاظ بمدربيها في صورة بلوزداد، الحراش وتاجنانت، ما سيقنع الأنصار أن خلاص فرقهم في الاستقرار.
ألا ترى بأن الضغط ناتج عن كون المدرب دوما الضحية لافتقاده الدعم، وكونه مسؤولا عن لعبة لا يشارك فيها؟
هذا ما أردت قوله بخصوص تغيير الذهنيات، فعند تكريم المدربين يقف المدرب الذي يملك أرمادة من اللاعبين إلى جانب المدرب الذي يعمل مثلا في تاجنانت، وبالنسبة لي أحسن مدرب من يتمكن من منافسة هؤلاء المدربين. المدرب ضحية لأنه يحضر لعبة لا يشارك فيها، واللاعب دائم المعاناة من المشاكل في غياب المناجرة.
على ذكر التتويج ظفرت الموسم الماضي بجائزة أفضل مدرب، ماذا يعني لك ذلك؟
تألقي الشخصي ناتج عن حبي لهذه المهنة، أنا أقضي وقتا طويلا داخل مكتبي، في محاولة للبحث عن الوصفات والكلمات المناسبة لتحفيز اللاعبين، كما أن التألق جاء بفضل طاقم فني ومجموعة تساعدني وإدارة تقف إلى جانبي وأنصار، وبالمختصر تألقي نتاج حب العمل والنجاح والظهور، حيث أسعى لفرض نفسي لأكون من المدربين المميزين في الجزائر.
قرار الفاف بـخصوص الأفارقة صائب
الحديث حاليا عن خليفة غوركوف، ما هي المواصفات الواجب توفرها في الناخب الجديد برأيك؟
أن يكون مدربا صارما ويحسن تسيير المجموعة، ببعض مواصفات حليلوزيتش، ولابد أن يكون ذا شخصية قوية وسيرة ذاتية ثرية لأن المنتخب مشكل من لاعبين كبار.
وكيف تقرأ نجاح نغيز في مباراة السيشل؟
نتمنى كل التوفيق لنغيز الذي يمثل التقني المحلي الشاب، ونجاحه في لقاء السيشل ناتج عن مواصلته العمل وفق النهج الذي رسمه غوركوف، ولم يحدث تغييرات في التنظيم التكتيكي، والتغييرات في التشكيلة كانت حتمية في غياب الركائز، ونغيز حاليا في مرحلة تكوين مع مدربين كبار، وسيكون له شأن كبير مستقبلا.
ما تفسيرك  لتألق المنتخب في التصفيات وعجزه عن التتويج في إفريقيا؟
التصفيات تلعب عادة أمام فرق ضعيفة عكس النهائيات أين نصطدم بعمالقة القارة، وعليه أرى ضرورة خوض مباريات ودية أمام الكبار في أدغال إفريقيا، حتى يكتسب لاعبونا الخبرة ويتفادون الاصطدام بواقع الملاعب الإفريقية، كما أن نظام الدورات لا يتيح فرصة الاسترجاع للاعبين الذين يعانون من الظروف المناخية.
من منطلق تجربتك كحارس دولي كيف تفسر تألق مبولحي، وعجز الحراس المحليين عن منافسته؟
حاليا البطولة الوطنية تعاني عجزا صارخا في الحراس، في ظل انعدام التكوين، لذلك فرض مبولحي نفسه في المنتخب رغم عدم لعبه بانتظام، ومع ذلك أرى أن المستوى الذي يقدمه مع الخضر يشفع له باللعب في أكبر النوادي الأوروبية، كما أن القول في كل مرة بأننا لا نملك حراس أثر نفسيا على الحراس المحليين وخلق لديهم مركب نقص.
ما هي أحسن ذكرى تحتفظ بها مع المنتخب الوطني؟
تبقى أول استدعاء لحمل القميص الوطني، والمشاركة في كان 2000 في غانا، كما اعتز دائما بأني تألقت شابا في عين مليلة وانتقلت إلى نادي شبيبة القبائل العريق.
كيف يقضي بوغرارة يومياته في رمضان؟
 بشكل عادي جدا، حيث أنهض صباحا وأحرص على قضاء حاجيات العائلة، وبعدها العودة إلى المنزل للجلوس مع الأبناء، وبعد صلاة الظهر أحرص على القيام بقيلولة خفيفة.
على الأندية تغيير أنصارها قبل مدربيها
وهل أنت من هواة التسوق في رمضان؟
تسوقي يقتصر على حاجيات العائلة، وما عدا صلاة التراويح لا يعرف برنامجي اليومي تغييرا كبيرا، حيث أحرص على العمل من خلال القيام بعملية الانتدابات الصيفية.
وأحسن ذكرى تحتفظ بها كلاعب في رمضان؟
من المفارقات أن انجازاتي القارية ارتبطت بشهر الصيام، حيث أن تتويجي بثلاث كؤوس إفريقية أمام الإسماعيلي المصري والنجم الساحلي وكانون ياوندي كان في شهر رمضان.
ألم تكونوا تتأثرون باللعب في رمضان؟
كنا نلعب ظهرا على الساعة الواحدة، ثم صرنا نلعب عصرا، وبالمناسبة أرى أن رمضان ليس شهرا للعب كرة القدم، فهو للعبادة.    
حاوره: نورالدين - ت

الرجوع إلى الأعلى